وبدأت النيابة بمرافعة نارية .. واصر المحامون على ايداع الضباط المتهمين داخل القفص .. وترافع الدفاع من الجانبين " المتهمون والمجنى عليهم " وكان الدفاع عن المتهمين هو الاعلى حجة .. وتم حجز الدعوى للحكم والذى انتظر الجميع صدورة بفارغ الصبر .. وجاءت المفاجآة المدوية بالحكم ببرائة جميع الضباط المتهمين دون استثناء .. وثار العجب ولكن كان للقاضى قناعتة من خلال الاوراق المقدمة وليس من حقة ان يتطوع ويقدم دليلاً من تلقاء نفسة وهو ماتم اعلانة فى الاعلام " وقت ذاك "
ومن العجيب تزامن فى ذلك الوقت مع عدم محاكمة الضباط الذين قاموا بتعذيب الصحفيين ، اذ لقى الزميل المرحوم الدكتور محمد السيد سعيد ومعة الزميل مدحت الزاهد تعذيباً يفوق الخيال ، وتدخل النقيب وقتها - مكرم محمد احمد - وذهب بنفسة الى رئيس الجمهورية واصر على الافراج الفورى عنهما ، وهو ماحدث الا انة لم يتم حبس احد ضباط التعذيب رغم ان الحالة مثل الحالة السابقة ، فالواقعة فى حيز محدد مع ثبوت التعذيب والرئيس امر بالافراج ولم يأمر بالتحقيق فى التعذيب !
وعندما جاءت محاكمة مبارك والذين معة تفاءل الجميع بتوقيع اقصى عقوبة ، اذ ان الامر فاق التعذيب ووصل الى حد القتل الجماعى .. والحصول على الادلة بات اكثر اتساعاً ويسراً ، اذ ان مناخ بعد الثورة يُفترض انة يختلف تماماً عن الثمانينيات .. الا ان المفاجآة جاءت ايضاً فى براءة جميع مساعدى وزير الداخلية دون استثناء ، وحتى من صدر الحكم ضدهما ( مبارك والعادلى ) كان بسبب عدم حمايتهم للمتظاهريين
وتواكب هذا الحكم مع " سيل " من الاحكام ببراءة الضباط والجنود المتهمين بقتل المتظاهرين فى معظم اقسام الشرطة فى كافة ارجاء مصر .. وكأن شهداء الثورة قاموا بعملية انتحار جماعى
نعتقد انة بالطبع ان القضاة لم يجاملوا الجناة فى احكامهم .. فمن غير المنطقى بل ومن الظلم الظن ان هناك مجاملات فى كل هذة المحاكمات التى شملت اقسام ومحافظات مختلفة ، ولكن الاقرب للمنطق والواقع هو عدم كفاية الادلة رغم جهود المحامين والنيابة واهالى الضحايا والمتعاطفين معهم من المنظمات الحقوقية وغيرها
واول اسباب عدم كفاية الادلة يرجع الى اجهزة وزارة الداخلية ذاتها بقيامها بأخفاء الحقائق او التعتيم على الادلة .. وامامنا واقعة الشهيد الصحفى احمد محمد محمود اذ تصادف انة التقطت صورة الضابط القناص الذى قتلة .. وقدمت نقابة الصحفيين البلاغ تلو الاخر للنيابة العامة ومرفق بالبلاغات صورة الضابط القاتل .. وردت الداخلية بعدم وجود " قناصة " لديها .. وقد تكون محقة بعدم وجود مسمى وظيفى بهذا الاسم .. وليكن اسمهم " العفاريت الزرق " او " الشياطيين الحمر " فلا يهمنا الاسم .. ولكن من غير المعقول الا تعرف اجهزة الداخلية من الذى كان مكلفاً بالوقوف اعلى المبنى الذى اطلق منة الرصاص على الشهيد الصحفى خاصة مع وجود صورة القاتل ؟!
ونفس الامر فى القول بأن السلاح الذى قتل بة الثوار من غير الاسلحة التى تستخدمها وزارة الداخلية ! .. رغم ان من " ادبيات " عدد كبير من ضباط المباحث ان منهم من كان يفتح درج مكتبة للمتهم خاصة من يرفض التعاون معه .. ويقول لة اختارلك جريمة .. تاخد مخدرات ولا فلوس مزيفة ولا سلاح ؟
وبالطبع مايضعة الضابط فى درج مكتبة ليس ملكة ولا عهدتة انما قام بأختلاسة من مضبوطات المتهمين .. وبالطبع يسعد المتهم الذى تم ضبطه اذ يمكن ان يخفف هذا الاختلاس القضية الموجهة ضدة من اتجار مخدرات الى مجرد تعاطى .. الى اخرة
فمن غير المتصور ان يلفق الضابط لمتهم قضية سلاح يخصه - اى الضابط - ويضعة فى درج مكتبة اذ فى هذة الحالة يمكن توجية تهمة الاهمال للضابط ( وقد برأت المحاكم العديد من قضايا التلفيق بهذه الصورة .. كما انة من المعروف وجود مخدرات وغيرها لدى ضباط المباحث داخل اقسام الشرطة )
فمثل هذا السلاح وغيره من الاسلحة التى لاتسجلها الداخلية فى دفاتر العهدة قد يكون هو الذى استخدمتة الداخلية فى قتل الثوار ، ولذا نطالب النيابة العامة بالمرور على مكاتب ضباط المباحث بصفة مستمرة ، فاذا وجدت بمكتب احدهم مخدرات او سلاح تقوم بتوجية الاتهام لة بحيازة هذة الممنوعات .. وهى مناسبة للسؤال عن اسباب حيازة اقسام الشرطة لـ " كرابيج " وهل هى الاخرى عهدة لدى الضباط والجنود ؟
يبدو انة لم تحدث تغييرات جذرية فى اجهزة الداخلية بعد الثورة تختلف تماماً عن الثمانينيات من القرن الماضى .. ولذا فأن من اهم مطالبنا الارتقاء بحقوق الانسان .. فاذا قدر للشخص القتل على يد الداخلية فعلى الاقل ان يعرف اهلة نوع السلاح ميرى ام ملفق ؟!