اجتمعوا في الاسابيع القليلة التي سبقت اجتماع أوبك الفاشل في يونيو حزيران الجاري لبحث ترتيب غير مسبوق كان سيفاجئ السوق وهو مبادلة الخام عالي الجودة من احتياطي الطوارئ الامريكي بالخام الثقيل منخفض الجودة من السعودية.
وتضمنت الفكرة شحن كميات من الخام الخفيف منخفض الكبريت من المخزون الاستراتيجي الامريكي الى المصافي الاوروبية التي كانت في حاجة اليه بعد أن قطعت الحرب في ليبيا صادرات الخامات الممتازة المفضلة في انتاج البنزين والديزل.
وفي المقابل كانت السعودية ستبيع خامها الثقيل عالي الكبريت للولايات المتحدة بخصم لملء المخزونات الامريكية مجددا.
وكان هذا اقتراحا مذهلا من شأنه أن يظهر استعداد واشنطن لاستخدام الاحتياطي الاستراتيجي لاغراض استثنائية واستعداد الرياض للتعاون بشكل مبتكر مع المستهلكين للحد من ارتفاع الاسعار.
لكن أربعة مصادر مطلعة على المحادثات أكدت أن الامر لم يتجاوز مرحلة التخطيط. واختلفت المصادر بشأن أي البلدين اقترح الخطة. وقال مصدران انها انهارت لان السعودية لم ترغب في دعم العملاء الاوروبيين أو الامريكيين بخصم أسعار خامها الى أقل من أسعار السوق.
وتسلط فكرة المبادلة الضوء على التعاون الوثيق في الاونة الاخيرة بين السعودية والولايات المتحدة في الشؤون النفطية في ظل ادارة الرئيس باراك أوباما كما تظهر كم كان الموقف خطيرا قبيل اجتماع أوبك في الثامن من يونيو الجاري في فيينا.
ومع تجاوز أسعار البنزين أربعة دولارات للجالون في أنحاء كثيرة في الولايات المتحدة كان أوباما يرى شعبيته تتراجع في استطلاعات الرأي في الوقت الذي كان البيت الابيض يبدأ فيه التركيز على انتخابات 2012.
وكان السعوديون قلقين بشأن عافية الاقتصاد العالمي مع ارتفاع أسعار النفط فوق 100 دولار للبرميل. واعتقدت المملكة أن ارتفاع الاسعار وان كان جيدا لايراداتها في الاجل القصير الا أنه سيقلص الطلب على الوقود في الاجل الطويل.
وقالت مصادر لرويترز ان واشنطن ضغطت على السعودية لزيادة انتاج النفط مرتين على الاقل قبيل اجتماع أوبك الذي انتهى بالفشل.
وقال مسؤول عربي انه بعد اندلاع الحرب في ليبيا وتراجع انتاجها النفطي استجاب السعوديون للطلب الاصلي لكنهم شعروا بالاستياء حين لم تقبل المصافي الاوروبية على شراء الخام الذي كان مزيجا خاصا من نوعية خفيفة.
وقال المسؤول "نريد أن يأخذ أحد خامنا. لا نريد تخزينه فحسب."
ووصفت مصادر بالصناعة اجتماعا صعبا في الرياض عقده وفد أمريكي قبل نحو شهر مع وزير البترول السعودي علي النعيمي.
وقال المسؤول العربي "قيل لهم 'اذا وجدتم لنا مصافي أخرى لها طلب فاننا سنلبيه'."
وقال مصدر قريب من الحكومة السعودية ان مسؤولين أمريكيين من وزارتي الطاقة والخزانة زاروا الرياض أيضا لاقناع المملكة بزيادة انتاج النفط لكن لم يتضح متى كان اللقاء.
وقال مصدر لرويترز ان أحد المسؤولين الذين حضروا اللقاء هو جوناثان الكايند مسؤول السياسة والشؤون الدولية في وزارة الطاقة.
وفي غضون أيام سافر الكايند الى باريس لحضور اجتماع مقرر لمجلس محافظي وكالة الطاقة الدولية التي تمثل 28 دولة صناعية مستهلكة للنفط.
وبعد الاجتماع أصدر مجلس المحافظين بيانا حادا بصورة غير معتادة يحث أوبك على زيادة الانتاج ويعلن أن الوكالة ستدرس استخدام "كل الادوات" التي في جعبتها في اشارة واضحة الى مخزونات الطوارئ.
ورفضت وزارة الخارجية الامريكية ووزارة الطاقة التعليق على ما اذا كانت الاجتماعات عقدت بالفعل كما رفضتا الادلاء بتفاصيل أخرى بينما أقر البيت الابيض بانعقاد محادثات عادية مع المنتجين دون الخوض في تفاصيل هذه المحادثات.
وأنشئت وكالة الطاقة الدولية في 1974 لحماية مستهلكي النفط بعد الحظر العربي. وتجري الوكالة حوارا مفتوحا ووديا مع أوبك منذ حرب الخليج في 1990-1991 وهي احدى مرتين فقط أجازت فيهما الافراج عن الاحتياطيات الاستراتيجية.
لكن بيانها في 20 مايو ايار أشار الى فتور في العلاقة بين أكبر مستهلكين ومنتجين للنفط في العالم وقد قوبل برد فعل عنيف من البعض في أوبك.
وقال عبد الله البدري الامين العام لاوبك لقمة رويترز العالمية للطاقة والمناخ يوم الثلاثاء "الاحتياطيات الاستراتيجية يجب أن تبقى لاغراضها لا أن تستخدم كسلاح ضد أوبك.
"نحن لا نتدخل أبدا في وكالة الطاقة الدولية ولا نريدهم أن يتدخلوا في شؤوننا. ينبغي أن يقوموا بذلك بطريقة مهنية. لا ينبغي أن نتحدث الى بعضنا البعض عبر الاعلام."
ويبدو أن واشنطن أخذت هذا التصريح بعين الاعتبار والتزمت الصمت بشأن دورها خلافا لادارات سابقة.
وفي ابريل نيسان وجه أوباما -الذي حمل المضاربين مرارا مسؤولية ارتفاع الاسعار- دعوة علنية نادرة لمنتجي النفط في العالم لزيادة الانتاج.
وقال في مقابلة تلفزيونية في ديترويت "نخوض محادثات عديدة مع منتجين رئيسيين للنفط مثل السعودية."
وتأجج التوتر داخل أوبك الاسبوع الماضي في فيينا حين رفض سبعة أعضاء خطة تقودها السعودية لزيادة الانتاج. وفي حين قال وزراء ان الفشل سببه اختلاف الرؤى بشأن توقعات السوق في النصف الثاني من العام الحالي اتهمت ايران "دولا مستهلكة" لم تحددها بالتأثير على الاجتماع.
وقال مندوب ايران في أوبك محمد علي خطيبي لرويترز "ما حدث يظهر أن أوبك منظمة مستقلة ... اذا أراد أحد ممارسة الضغط لحمل الاخرين على التسليم .. فهذا مرفوض."
وأعلنت السعودية أنها ستزيد الانتاج بشكل منفرد. وتقول مصادر ان المملكة بصدد رفع الانتاج في يوليو تموز بنحو مليون برميل يوميا الى حوالي عشرة ملايين برميل يوميا لكن أسعار مزيج برنت واصلت الارتفاع مسجلة أعلى مستوى في خمسة أسابيع فوق 120 دولارا للبرميل يوم الثلاثاء.
من جيف ميسون وريتشارد مابلي