عن سحب 60 مليون برميل من مخزونات الطواريء - وهو الثالث من نوعه في تاريخ المنظمة التي أنشئت قبل 37 عاما - بعد أن فشلت الضغوط التي مارستها الدول المستهلكة على منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لزيادة انتاجها خلال اجتماعها في وقت سابق من الشهر.
وأنهارت محادثات أوبك لكن السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم قالت انها سترفع انتاجها وفقا لاحتياجات السوق.
وفيما يخص مندوبي أوبك فليس هناك مبرر لاي تحرك من جانب وكالة الطاقة.
ووصف مندوبون خليجيون في أوبك -عادة ما ينحازون لجانب الولايات المتحدة ويفضلون أسعارا معتدلة- وأيضا مندوبو ايران المناوئة لواشنطن الخطوة بانها تدخل غير ضروري وغير مبرر.
وقال مندوب خليجي لرويترز "لم تصل أسعار النفط الى 150 دولارا. لا يوجد مبرر للقيام بهذا. ليس هناك نقص في المعروض بالاسواق. الكويت والسعودية تزيدان الانتاج. هي مجرد ألاعيب سياسية تمارسها وكالة الطاقة الدولية مع الولايات المتحدة."
ويرى محللون أن من السابق لاوانه القول ما اذا كانت أوبك سترد بشكل مباشر من خلال خفض الامدادات لكن السحب من مخزونات محدودة قبل ارتفاع متوقع في الطلب في وقت لاحق من العام قد يكون من قبيل الحسابات الخاطئة.
ولم تصدر أوبك بعد بيانا رسميا لكن عبد الله البدري الامين العام للمنظمة اتهم في تصريحات خلال قمة رويترز للمناخ والطاقة الاسبوع الماضي وكالة الطاقة بانها تتصرف بطريقة غير مهنية.
وأضاف لرويترز "يجب الابقاء على الاحتياطيات الاستراتيجية لتستخدم في الاغراض المخصصة لها وليس كسلاح ضد أوبك."
وأعادت كلمات البدري للاذهان استخدام أوبك "لسلاح النفط" خلال حظر تصدير النفط العربي الذي أدى الى تأسيس وكالة الطاقة عام 1974 لحماية مصالح البلدان المستهلكة.
وبدأ فصل أكثر تناغما مع الانطلاقة الرسمية للحوار بين المنتجين والمستهلكين عبر منتدى الطاقة العالمي في عام 1991.
ومنذ ذلك الحين كان الحوار بين أوبك والوكالة في أفضل حالاته عندما ارتفعت أسعار النفط بصورة مرضية للمنتجين لكن بشكل لا يثير مخاوف المستهلكين بالرغم من أن الضغوط الامريكية اعترضت سبيل التوصل الى اتفاق في أوبك عام 2000.
واستنادا الى تدخل الولايات المتحدة في اجتماع عقد في مارس اذار من ذلك العام رفضت ايران التوقيع على اتفاق لزيادة الامدادات بالرغم من انها فعلت ذلك فيما بعد.
وفي عام 2000 كما هو الحال الان كان رئيس ديمقراطي (بيل كلينتون في ذلك الحين) يسعى لاعادة انتخابه ويواجه أسعار بنزين مرتفعة بصورة غير مريحة بلغت نحو 1.50 دولار للجالون وقتها مقابل اربعة دولارات حاليا.
وكان يجرى تداول الخام الامريكي الخفيف عند نحو 26 دولارا للبرميل مقارنة مع ما يزيد عن 100 دولار حاليا هي سعر مزيج برنت الذي حل محل الخام الامريكي كخام للقياس.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي فشلت أوبك في التوصل الى اتفاق جديد بشأن الانتاج. وانضمت ايران التي تتولى الرئاسة الدورية لاوبك الى ست دول في رفض ضخ المزيد من النفط في السوق.
ورفضت الدول زيادة الانتاج على الرغم من أن بيانات من مقر أوبك في فيينا اشارت الى احتمال حدوث نقص في الاسواق في وقت لاحق من العام.
مع ذلك من المتوقع ان ترفع السعودية -التي تملك تقريبا بكل طاقة الانتاج الفائض في أوبك- انتاجها صوب عشرة ملايين برميل يوميا في يونيو ويوليو.
وتقول انه يمكن سريعا استخدام طاقتها الفائضة التي تحتفظ بها لاوقات ندرة المعروض في السوق.
وعبرت وكالة الطاقة عن تشككها في ان زياة الانتاج السعودي ستصل في الوقت المناسب وقالت انها قد لا تكون بجودة كافية لتعويض الامدادات الليبية من النفط الخفيف الخالي من الكبريت التي توقفت بسبب الحرب الاهلية هناك.
وكان هذا مبررا لسحب مليوني برميل يوميا خلال 30 يوما بالرغم من أن بعض المحللين قالوا انه يمثل تحولا عن السبب وراء تكوين المخزونات الاستراتيجية التي يتم الاحتفاظ بها أصلا لمواجهة تعطل الامدادات بصورة طارئة.
وقال محلل ان وكالة الطاقة تمارس دور السعودية كملاذ أخير بين الموردين وهو ما عزز طويلا نفوذها في العالم ووثق علاقاتها بالولايات المتحدة أكبر مستهلك للنفط في العالم.
وقال دومينيك تشيريتشيلا من معهد ادارة الطاقة في نيويورك "أعتقد أن وكالة الطاقة تحاول التصرف كبنك مركزي."
وبالرغم من أن الوكالة ذكرت أنها فقط تسد فجوة في المعروض يرى محللون اخرون انه يجب أن يؤخذ الوضع الهش للاقتصاد العالمي في الاعتبار.
وقال لورانس ايجلز من جيه.بي مورجان "انه اجراء اقتصادي لكن هناك فجوة في المعروض."
وفي مذكرة صدرت عقب اجتماع أوبك يوم الثامن من يونيو حذر جيه.بي مورجان من أن السحب من المخزونات الطارئة قد يزيد قلق الاسواق بدلا من تهدئتها.
وقالت المذكرة "السحب الان سيبعث رسالة بان حكومات الدول المستهلكة ثقتها محدودة بوجود أي طاقة انتاجية فائضة داخل المنظمة المنتجة و/أو أن هناك مخاوف بشأن طموحات أوبك بخصوص الاسعار في الاجلين القصير والطويل."
وكانت السعودية قالت فيما سبق ان سعرا للنفط بين 70 و80 دولارا للبرميل هو السعر المناسب للمستهلكين وللمنتجين الذين يسعون الى الاستثمار في امدادات جديدة لكن في يونيو قال وزير النفط السعودي على النعيمي ان هذا النطاق عفا عليه الزمن.
ولم يحدد السعر المفضل الجديد بالنسبة له لكن كثيرا من المحللين قالوا ان السعودية وأعضاء اخرين في أوبك ربما يحرصون على أن يكون 100 دولار هو السعر المبدئي للسوق.
قال محلل سعودي "ستبقى أوبك في حالة انتظار وترقب لكنني أشك انها ستخفض الامدادات في السوق طالما كان سعر برنت يزيد عن 150 دولارا... مجرد تخمين."
في الوقت نفسه تراجعت رغبة السعودية في ارضاء حليفتها الولايات المتحدة بسبب ما تعتبره الرياض قرارا أمريكيا بالتخلي عن الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك الذي كان حليفا رئيسيا للسعودية والولايات المتحدة حتى أطاحت احتجاجات شعبية به في فبراير شباط الماضي.
وكان لرغبة الرئيس الامريكي باراك اوباما التي يعلنها دائما بتقليل الاعتماد الامريكي على النفط الاجنبي تأثير سلبي على الرأي العام السعودي فيما تنفق المملكة مليارات الدولارات لصيانة طاقتها الانتاجية الفائضة.
والعلاقات مع الصين ثاني أكبر مستهلك للنفط وأكبر مستهلك للطاقة في العالم أكثر دفئا. وأصبحت الصين التي لم تنضم حتى الان لعضوية وكالة الطاقة أكبر عميل لشركة أرامكو السعودية.
من باربرا لويس