مجالس الإدارات في الشركات تفرض التزامات على الأعضاء لمصلحة الشركة
ولمصلحة الشركاء، ومع تغييب هذه القضية عن ساحة النقاش لعدم وجود تفعيل
لدور الشركاء في الجمعيات العمومية بما يكفي
لوضع هذه القضية في واجهة
ما يناقش من قضايا تخص دور مجالس الإدارات، انحسر الجدل حول الحقوق
المالية للأعضاء وتحول إلى قضية أساسية في مشروع نظام الشركات الذي أنهى
مجلس الشورى دراسته بعد أن توقف طويلا عند مكافآت أعضاء مجالس الإدارات،
حيث تم تحديد هذه المكافأة بما لا يزيد على 500 ألف ريال سنويا.
هذا الحل التوفيقي يبقي عضوية مجلس الإدارة مغرية لرجال الأعمال، وفي الوقت
نفسه يمنع اقتطاع مبالغ ضخمة لقاء هذه العضوية وتحت مسميات مختلفة، حيث
تتحول هذه المكافأة إلى عملية تسريب متتابع ومنظم باسم مكافأة العضو عن
عضوية في المجلس، أما ماذا تحقق هذه العضوية للشركة من منفعة ربحية وانعكاس
على الأداء؟ فإن الأمرين ليس بينهما أي رابط؛ فهما يسيران في خطين
متوازيين لا يلتقيان أبدا، وقد أدى ذلك إلى تعذر تحقيق ربحية للشركة ومن ثم
للشركاء؛ لأن المكافأة مقابل العضوية وليست مقابل نجاح الشركة في تحقيق
أهدافها من خلال ممارسة نشاطها التجاري بصورة مربحة.
لقد ألغت المادة 76 من مشروع نظام الشركات تدخل هيئة السوق المالية في وضع
ضوابط لمنح مكافآت الأعضاء، وأصبحت تضع الحد الأعلى فقط سنويا، وهو بلا شك
أفضل من ترك الحبل على الغارب، وما يمكن أن يؤدي إليه ذلك الباب المفتوح من
تجريف للأرباح باسم المكافآت، هذا إذا وجدت أرباح في بعض الشركات التي هي
أقرب إلى المشاريع الخاسرة منها إلى المشاريع المربحة، رغم تداول أسهمها في
السوق وطرح اسمها كشركة مساهمة يدور في شركها المتداولون بين داخل جديد
رغب في الربح وهارب للمحافظة على ما بقي من رأسماله.
لقد كان الأفضل أن تكون المكافأة لعضو مجلس الإدارة مرتبطة بربحية الشركة؛
فهي ليست راتبا أو مبلغا مقطوعا يأخذه في كل الأحوال؛ لأن ذلك سيؤدي إلى
انعدام تام لمنفعة الشركة، بل تحول بعض الأعضاء إلى البحث عن منافع جانبية
من خلال صفقات الشركة وتحصيل عمولات على أعمالها، فالعضوية مركز يخول صاحبه
تمرير ما له فيه مصلحة، حتى وإن خسرت الشركة وانتفت الربحية.
ويبقى على الجمعيات العمومية وإدارة كل شركة أن تضع حلقة وصل بين أداء
الأعضاء وبين المنفعة التي يجنيها العضو، فهناك مصلحة للشركاء يجب عدم
تغييبها عن المشهد، بل إن تنويع هذه المكافأة لتكون مزيجا من حضور الجلسات
ونسبة يسيرة من الأرباح ومزايا ثابتة توفر للعضو عنصر الولاء للشركة، هو
أفضل وسيلة بدلا من تحول المكافأة إلى ضمان أو مرتب ثابت.
إن السوق تترقب صدور نظام الشركات الجديد بمواده البالغ عددها 226 مادة
تتوزع في 12 بابا ليحل محل نظام الشركات الذي صدر عام 1385هـ والذي تعددت
التعديلات المدخلة عليه خلال خمسة عقود تقريبا، حيث شهدت هذه الفترة
الزمنية تغيرا جذريا في أوضاع الشركات بأنواعها وتداول أسهمها، بل ظهور
أنشطة جديدة مثل التأمين وإنشاء أجهزة جديدة ذات صلاحية رقابية كهيئة السوق
المالية، ولها سلطة إشرافية بموجب أنظمتها، وهي غير مضمنة في نظام الشركات
بما قد يخفى على المستثمرين والشركاء وأعضاء مجالس الإدارات، وكذلك
المتداولين لأسهم الشركات.
ولأهمية مراعاة الأحكام الشرعية للديون عند إصدار أداة الدين وتداولها فقد
وضع مشروع النظام نصا خاصا بذلك بعد أن كانت ديون الشركات مصدر تهديد
لاستمرار الشركة وبابا تم منه الاحتيال في حالات عرضت على جهات التحقيق
والمحاكم وثبت وجود مخالفات شرعية ونظامية قد يصعب تكرارها متى وجدت
الرقابة السابقة والمحاسبة والنصوص القانونية التي تسد هذه الثغرة
النظامية.