اختارت فرقة "واش" أن تمزج عدة فنون في مسرحية واحدة هي "ذرة النفس" التي
عرضتها في المسرح الوطني بالجزائر العاصمة، فقد أبدع الممثلون في الرقص
التعبيري عبر تقديم
لوحات فنية تداخل فيها الرقص والصوت والغناء والموسيقى والرسم والنحت، والملابس مما شكل فرجة إبداعية أبهرت المتفرجين.
وتناولت المسرحية حكاية الإنسان منذ فجر التاريخ وحتى اليوم، لتقول إن من
ليس له ماض حضاري وتاريخ، فليس له حاضر ومستقبل، وتنوعت لوحات المسرحية
التعبيرية، فلخصت صراع الإنسان في حياته، صراع المرأة مع المرأة ، وصراع
المرأة مع الرجل، والصراع مع الطبيعة، لتجتمع تلك الأفكار في جدارية رسمها
الممثل فتّان فارس خلال تقديمه بعض لوحات المسرحية.
وقال فارس للجزيرة نت "إن الجدارية بألوانها لها دلالات، فالأزرق رمز الماء
والسماء، والأحمر لون دم الشهداء، والحب أيضا ويمكن قراءته بشكل آخر تراب
الوطن، والأخضر الطبيعة، والأصفر الغيرة والحقد والحسد". وفي خلفية
الجدارية ظهرت صورة الموناليزا وبعدها تتالت صور لنساء كثيرات.
وأضاف فارس "صحيح الوجوه كثيرة لكن المضمون واحد، مهما اختلفت اللغات والمكان والبلاد تبقى معاناة المرأة نفسها".
مزج الفنون
وقالت مخرجة المسرحية وكاتبة السيناريو سماح سميدة بشأن مزج
الفنون معا في هذا العمل "أحببت التكامل بين الفنون الموسيقى والرسم والرقص
والنص، والنحت، وهذا يعبر عن صراحة الشخص مع ذاته، والعودة للجذور
والأصالة والرضا عن النفس، الذي ركزت عليه كثيرا لأن الإنسان بمقدوره أن
يعيش حياته سعيدا إذا كان راضيا عن نفسه".
وأضافت في حديث للجزيرة نت "أظهرنا في اللوحات الصراع بين المرأة والمرأة،
وبين المرأة ونفسها، وبين المرأة والرجل، وبين الرجل ونفسه، وفي نهاية
الصراع يجب التصالح مع النفس".
حرية وصراع
وتخللت العرض المسرحي أغنية الفنانة اللبنانية أميمة الخليل
"عصفور طل من الشباك"، وردا على سؤال عن كون ذلك دلالة لفلسطين خصوصا أن
العرض تم في مناسبة يوم الأرض، قالت المخرجة "لقد تحدد موعد العرض منذ
شهرين، وكنا نعرف أنه يصادف يوم الأرض الفلسطيني، فأردنا تكريم فلسطين بهذه
الأغنية التي تعبر عن نزوع فطري لدى الإنسان للحرية".
وأوضحت سميدة "أردناها تحية للشعب الفلسطيني الذي يناضل لأجل حريته منذ عقود، وهي فكرة المسرحية، أن الحرية لا تأتي دون صراع ونضال".
يذكر أن المخرجة سماح سميدة خريجة المعهد الوطني للفنون الدرامية بالجزائر
العاصمة، تخصص الكوريغرافيا (الرقص التعبيري)، وقد زاولت فن التمثيل منذ
عام 1999، وأسست مع زملائها جمعية "واش"، وكلمة "واش؟" تعني باللهجة
الجزائرية: ماذا؟
تأويل آخر
من جهة أخرى، قدم المخرج المسرحي جمال قرمي تأويلا آخر للبعد
الرمزي في هذا العمل، فهو وإن اتفق مع المخرجة سميدة في أن فكرة المسرحية
قائمة على الصراع، فإنه يرى أوجه الصراع على نحو مختلف.
وقال للجزيرة نت "إن لوحات المسرحية أظهرت (أنّ) الصراع بين الروح والجسد،
والصراع في البحث عن الذات والوجود، البحث عن الهوية، البحث عن الانتماء،
البحث على المحيط، كله تداخل في فوضى الوجود".
من جهته قال فارس فتان: يبقى السؤال "واش؟" قائما ما دام هناك أشياء لا نفهمها ونسأل لنعي أهميتها حسب تعبيره