من بعيد يأتي صوت بائع التين وهو يقول معسل يا تين يتسلل إلى مسامع زينب فتتخيل ثمرة التين وتشعر بحلاوة مذاقها وكأنها في فمها وتبدأ في رسم خطة لتنفذها غدا ....تنام وهي تحلم بطبق التين وعند الصباح تقوم بكل نشاط وتدخل إلى الحمام لتغسل وجهها وتغسل أسنانها وخلافه ومنثم تعود لغرفتها لترتدي ملابس الحضانة وتنتظر الفرصة لتأخذ من الدرج الموجود بغرفة والديها جزء من المال الذي تعطييه لوالدتها لتدخره حتى تستطيع شراء ما تريد فيما بعد وتأخذ تلك القروش وتدسها في جيبها كانت هذه أول خطوة في خطتها التي وضعتها أمس .
تدخل أمها لتجدها في انتظارها لتصفف لها شعرها وهذا معاناة وحده عملية تعذيب تحدث يوميا [] وعندما تنتهي تذهب مع أمها إلى المطبخ لتشرب كوب الشاي باللبن على صوت المذياع الذي ينبعث منه أغنية بالسلامة يا حبيبي بالسلامة وتنطلق زينب لتلحق أتوبيس المدرسة وكل هذا الوقت وهي تحلم بتلك اللحظة الحاسمة وتتخيل ثمرات التين الشوكي ....وطوال اليوم تنتظر أن ينتهي ومع انتهاء اليوم تخرج من باب المدرسة فرحة وهي تصعد الأتوبيس بمنتهى النشاط على غير المعتاد فكم كان يضايقها الزحام وجلوسهم فوق بعضهم ولكن هي كان تركزها على ما خططت لحدوثه من الأمس..
الدقائق التي إستغرقها الأتوبيس كانت طويلة على زينب وأخيرا توقف الأتوبيس عند مكان نزولها فنزلت تجري وهي تعرف وجهتها انطلقت في اتجاه تلك العربة التي تظهر من بعيد ويقف بجانبها رجل يرتدي جلبابا وبيديه سكين صغير ...وكلما إقتربت سمعت نداء الرجل معسل يا تين ,لحظات وكانت عند العربة وتقول له عمو أريد بالعشرين قرشا هذه تين ووقفت تراقب الرجل وهو ينظف لها ثمار التين ويضع الواحدة تلو الأخرة في الطبق وهي متلهفة لتبدأ في الأكل ما ان انتهى وأعطاها الطبق حتى بدأت بإلتهام التين وهي تشعر بنشوى غريبة فقد حصلت على ما تريد .
ولكن زينب نسيت أنها تأخرت بعض الوقت عن موعدها اليومي ....عندما وصلت عند باب الشقة وضغطت على جرس الباب فتحت أمها الباب وهي تنهرها وتطالبها بتبرير هذا التأخير وبسذاجة الأطفال إعترفت لها بكل شئ ولكن ملامح أم زينب تغيرت وبدأت تتأهب لضربها وهي تصرخ عليها وأخذتي من الفلوس يا زينب وزينب في براءة مش أنت كنت قولتي لي أن أدخرها لأشتري بها ما أريد وأنا كنت أريد أن أشتري تين فأخذت منها لأشتري فترد الأم وتقول وكيف تأخذي منها دون إستئذان وهي تقوم بضرب زينب فترد زينب اليست الفلوس لي فلما أستأذن وتجيب الأم فلوسك نعم لكن ده لا يمنع أن تقومي بالإستئذان أولا وأنا أوافق أو أرفض ,سكتت زينب ولم تفهم ما المشكلة ولما ضربت بهذا العنف وأي ذنب إرتكبت إذا كانت النقود لها وهي لم تشتري شئ سئ فأين المشكلة .
وكبرت زينب و لم تنسى طعم التين ولا طعم الضرب الذي ضربته لها أمها وإن كانت لاتزل لم تفهم على أي ذنب ضربت.
( نقلاً عن صفحة " قراء الاسماعيلية " على الفيسبوك ، للكاتبة منى نجيب )