وتضمن البيان تنديدا بما ترتكبه السلطات السورية من انتهاكات واسعة لحقوق الانسان واستخدام القوة ضد المدنيين كما يدعو إلى ضبط النفس ووقف فوري لأعمال العنف، لكن مندوبة لبنان في المجلس نأت ببلادها عن هذا البيان.
وجاء الاتفاق على البيان بعد مشاورات عقدها سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي بعد فشل جهوده على مدى اليومين الماضيين في الاتفاق على مشروع قرار أوروبي يدعو إلى إدانة العنف، بسبب اعتراضات وتحفظات من روسيا والصين والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا ولبنان.
وقد رفض وزير الدولة في وزارة الخارجية الألمانية فيرنر هويَر في تصريح لقناة الجزيرة ما تردد عن أفكار روسية وصينية بخصوص بيان لمجلس الأمن يطالب كل الأطراف في سوريا بوقف العنف.
واعتبر الوزير الألماني أن مقارنة عنف الدولة بعنف الطرف الآخر أمر غير مقبول. وطالب الحكومة السورية بوقف العنف ومنح الشعب أفقا سياسيا واقتصاديا. ورفض ما تقوله دمشق إن وجودا وتدخلا خارجيا يحرك الاحتجاجات في البلاد.
واشترطت روسيا أمس -على لسان رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بخارجيتها سيرغي فيرشينين- موافقتها على أي قرار يدين العنف، بألا يتضمن حديثا عن العقوبات والضغوط.
وكان مندوب روسيا بمجلس الأمن فيتالي تشوركين قال في السابق إن بلاده تفضل بيانا رئاسيا، وذكّر بأن العنف في سوريا ليس حكرا على النظام بل تمارسه أيضا المعارضة.
وتخشى روسيا والصين تكرار السيناريو الليبي حين وافق البلدان على قرار يخول الأمم المتحدة حماية المدنيين، وفسّر غربيا على أنه تفويض باستخدام القوة.
تصعيد أميركي
واعتبر المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني في مؤتمر صحفي الأسد السبب في عدم الاستقرار في سوريا وأن البلاد ستكون أفضل من دونه.
وأشار إلى أن واشنطن ستواصل البحث عن سبل لزيادة الضغط على النظام السوري لوقف ما يرتكبه من عنف.
وجاء هذا الموقف الأميركي المتشدد بعد يوم من لقاء جمع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بواشنطن مع ممثلين عن المعارضة السورية وصفه معارض سوري بارز بأنه كان ممتازا، مشيرا إلى أنها عبرت خلاله عن رغبة بلادها في بدء المرحلة الانتقالية بأسرع وقت في سوريا لحفظ الكثير من دماء السوريين.
والتقت كلينتون ناشطين سوريين، وقالت إن بلادها تفكر في توسيع العقوبات على نظام الرئيس بشار الأسد، وهي عقوبات طالب أعضاء بمجلس الشيوخ بأن تمس قطاع الطاقة.
وقالت هيلاري كلينتون بعيد لقاء بالناشطين في مقر الخارجية استمر أكثر من ساعة إن هدف الاجتماع هو إبداء تضامنها مع المتظاهرين وتعاطفها مع القتلى، وتحدثت عن "عقوبات موجهة" تدرس واشنطن فرضها لعزل نظام الأسد "وحرمانه من المداخيل التي يموّل بها وحشيته".
وطالب الناشطون بأن يخاطب الرئيس الأميركي باراك أوباما الشعب السوري، ويحث الأسد على التنحي فورا، لأن ذلك سيعطي زخما للمتظاهرين، وفق المعارض محمد العبد الله.
وقال المعارض رضوان زيادة إن تردد واشنطن مرده مخاوف من إشعال الأسد فتنة طائفية، وهي مخاوف عولجت بأن "أظهرنا أن مجموعات من خلفيات مختلفة بمن فيهم المسيحيون تشارك في حركة الاحتجاجات".
وطلب زيادة ضغطا أميركيا أكبر لتنظر المحكمة الجنائية الدولية في "الجرائم ضد الإنسانية" المرتكبة.
والتقى أوباما أمس سفيره بسوريا روبرت فورد الذي اتهم -في شهادة أمام مجلس الشيوخ- الأسد بـ"الوحشية،" لكنه أكد ضرورة بقائه بدمشق كنوع من الالتزام تجاه الشعب السوري.
وقد كشف مصدر دبلوماسي أميركي اليوم أن خمسة دبلوماسيين يعملون في السفارة الأميركية بدمشق سيغادرون مقر عملهم غدا عائدين إلى بلادهم نظرا للأحداث الجارية حاليا في سوريا.
ويأتي لقاء كلينتون والناشطين في وقت دعا أعضاء بمجلس الشيوخ من الحزبين الديمقراطي والجمهوري إلى توسيع العقوبات الأميركية لتشمل قطاع الطاقة السوري، وإلى محاسبة الأسد على الانتهاكات.
انتقاد تركي
في غضون ذلك صعدت تركيا من نبرتها المنتقدة للنظام السوري، حيث وصف بولنت أرينج -نائب رئيس الوزراء التركي- اليوم هجوم القوات السورية على المواطنين في مدينة حماة بـ"العمل الوحشي" لا يمكن التغاضي عنه.
وقال أرينج "أقول هذا متحدثا عن نفسي، ما يحدث في حماة اليوم عمل وحشي، من ينفذ هذا أيا كان لا يمكن أن يكون صديقنا إنهم يرتكبون خطأ كبيرا". وأضاف "لا يمكن أن نفهم كيف يتم إرسال دبابات لمواجهة شعب في هذه الأيام من رمضان".
وأشار المسؤول التركي إلى نصائح رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان المتكررة للرئيس السوري بشار الأسد بسحب قوات الأمن من الشوارع والإسراع بإجراء إصلاحات لم تلق آذانا صاغية على ما يبدو.
في لبنان، دعت الأمانة العامة 14 آذار الجامعة العربية لعقد اجتماع عربي عاجل لوضع حد لما وصفته مأساة الشعب السوري، بدلا من الاستمرار في الصمت. كما حذرت الحكومة اللبنانية مما سمّته "مواصلة ربط لبنان بالنظام السوري، وممارساته القمعية"، وطالبتها بأن يكون موقف لبنان في مجلس الأمن مستجيبا لتطلعات الشعبين اللبناني والسوري.