وقال عبد الجليل في مؤتمر صحافي عقده في مقر المجلس بمدينة بنغازي بشرق ليبيا إنه تم تكليف اللواء سليمان مساعد عبد الجليل ونائبه بمهمة تولي المنصب، مشيرا إلى أنه توجه في وقت سابق أمس لتفقد الجبهة لإعداد تقرير لبحث إمكانية توليه هذا المنصب.
وشدد على أنه واللواء جلال الدغيلي وزير الدفاع في المجلس لم يكونا بالفعل على علم بصدور قرار بتوقيف يونس مع مرافقيه واعتقالهم، على خلفية ما وصفه بتجاوزات تتعلق بتقارير كانت مطلوبة من يونس حول الوضع العسكري والمدني للثوار في مواجهة قوات القذافي العسكرية وكتائبه الأمنية.
وبعدما شدد على أن التحقيق مع يونس كان يتعلق بتهم القصور في التسليح والاتصالات لكنها لا ترقى إلى مستوى الخيانة، كشف عبد الجليل النقاب عن أن أمر التحقيق مع يونس صدر قبل نحو خمسة أيام.
وأضاف «نؤمن بأن الله عندما خلق الإنسان قدر له رزقه ويوم يموت زميلنا وصديقنا عبد الفتاح كتب له التاريخ الشهادة بهذا الشكل».
وأضاف أن هناك بعض التقارير الواردة من المقاتلين في الجبهة عن بعض القصور والأخطاء، وباعتبار أن مسؤولية وأمن وسلامة المقاتلين هي أمانة في أعناقنا، فقد تمت إحالة تلك التقارير إلى المكتب التنفيذي المعني بهذا الموضوع للتحقق من صحة هذه التقارير. وصدر قرار عن المكتب التنفيذي للتعاطي مع الموضوع عبر تشكيل لجنة قضائية، «لكني لا أعرف ملابسات صدور هذا القرار ومن كان حاضرا من أعضاء المجلس التنفيذي لهذا الاجتماع، ولا الظروف التي صدر القرار على خلفيتها بإحضار يونس من الجبهة في أجدابيا إلى بنغازي».
وأوضح أن كل هذه الملابسات سيكشف عنها التحقيق الموكل إلى لجنة قضائية عليا شكلها المجلس لتتولى التحقيق ومعرفة الحقائق الكاملة حول ملابسات مصرع يونس ورفيقيه.
وأكد عبد الجليل ضمنيا صحة ما نشرته «الشرق الأوسط» أول من أمس حول كون قاتل يونس ورفيقيه هو قائد المجموعة المسلحة التي كانت تتولى حراستهم لدى توقيفهم، وقال إن «الشخص محل الاعتقال هو رئيس الكتيبة التي كان يونس وزميلاه تحت عنايتها».
وكانت «الشرق الاوسط» قد نقلت عن مصادر رفيعة في المجلس الانتقالي ان «الجماعة الاسلامية الليبية المقاتلة» تقف وراء تنفيذ الحادث.
لكن عبد الجليل امتنع عن ذكر اسم القاتل والجماعة المسلحة التي ينتمي إليها، معتبرا أنه يجب انتظار نتيجة التحقيقات التي تعكف عليها اللجنة المختصة والمكلفة بها.
ونفى عبد الجليل تورط كتيبة 17 فبراير في عملية اغتيال يونس، وقال من خلال الاطلاع على التحقيقات المبدئية صباح أمس اتضح أنه لا علاقة لهذه الكتيبة بهذا الأمر.
لكنه عندما سئل عما إذا كانت كتيبة أخرى تحمل اسم أبو عبيدة بن الجراح متورطة، قال مسألة تورط أو عدم تورط هذه الكتيبة وغيرها سيكشف عنها التحقيق وسيكشف أيضا عمن أصدر أمر وعدم حماية المقبوض عليه والأهم من هذا كله هو منفذ عملية القتل وإخفاء الجثث. ومع ذلك، اتهم رئيس المجلس الوطني الانتقالي نظام القذافي مجددا بالتورط في اغتيال اللواء يونس، مشيرا إلى أنه كانت هناك محاولات للترويج من قبل إعلام القذافي لهذا، حيث كان دائما يصر على أنه ستكون هناك أنباء ما عن يونس.
واعتبر أن ما أشيع عن ذبح يونس بعد قتله رميا بالرصاص في الرأس والصدر هو عار عن الحقيقة من خلال التقارير التي قال إنه اطلع عليها ومعدة من كبير الأطباء الشرعيين في بنغازي عن جثث الشهداء. كما نفى تورط فوزي أبو كتف، مساعد وزير الدفاع الموالي للثوار، في العملية، وقال «من خلال اطلاعي على ملف هذه القضية المهمة لا علاقة للسيد المذكور وأي من أتباعه بهذا الأمر، بل إنه كان مكلفا صبيحة هذا اليوم بمهمة خارج ليبيا برفقة الوزير جلال الدغيلي». وأضاف الدغيلي «وقع في الساعة الرابعة فجر يوم الأربعاء قرار يقضي بإلغاء أمر القبض الموقع على الشهيد (اللواء يونس) لعدم اختصاص جهة التحقيق ولحساسية الوضع العسكري في هذه اللحظة، هذا لله وللتاريخ.. وستكشف التحقيقات عن صحة هذه المعلومات».
واعتبر عبد الجليل أن عملية اغتيال اللواء عبد الفتاح يونس استهدفت تمزيق الوحدة الوطنية وشق صف الثوار، نافيا ما أشيع عن تورط تنظيم القاعدة في العملية وفقا لما أعلنه موسى إبراهيم القذافي الناطق باسم الحكومة الليبية مساء أول من أمس.
وقال عبد الجليل: «في صفوف الثوار لا يوجد لتنظيم القاعدة أي مكان»، لكنه لم ينف في المقابل وجود ما وصفه بجيوب تعمل لصالح القذافي داخل الثوار.
وتوعد عبد الجليل الجماعات المسلحة في المدن المحررة التي يسيطر عليها الثوار بمواجهة العقاب الرادع إذا لم تلتزم بتعليمات المجلس وتنصهر في قواته الأمنية والعسكرية، مشيرا إلى أن المجلس الانتقالي منح هذه الجماعات المسلحة مهلة زمنية لم يحددها لحسم خيارتها.
وأضاف «بات لزاما على كل التشكيلات الأمنية التي كان لها دور بارز في حفظ الأمن في الشهور الماضية، وآن الأوان لأن تنصاع هذه التشكيلات للخطة التي وضعها المجلس بالتشاور مع مسؤول ملف الداخلية لاستيعاب أفراد هذه التشكيلات بحيث تكون تبعيتهم للشؤون الداخلية. وقد أعطوا مهلة من الوقت لذلك، وستتخذ الإجراءات الصارمة ضد كل من يخالف هذا التوجه».
وأعلن عبد الجليل أن المجلس الانتقالي قد اتفق مع المكلف بشؤون وزارة الداخلية على احتواء أفراد هذه التشكيلات في الملف الأمني التابع للوزارة، مشيرا إلى أن هذه تعتبر بمثابة دعوة صريحة لصهر هذه الميلشيات كلها. وأضاف «ورغم تقديرنا الكامل لدور هذه التشكيلات في حفظ الأمن في بداية هذه الثورة، فإن تحديد المسؤوليات وبيانا لأي تشكيلات لها أجندة خارج الثورة، فقد أصدرنا الأمر.. ونتوقع ممن أعنيهم أن ينصاعوا له، وإلا عندها ستكون المسؤولية للكل في حفظ أمن الثورة».
وطمأن عبد الجليل كل المواطنين المقيمين في المناطق المحررة، وخاصة مدينة بنغازي معقل الثوار ومقر المجلس الانتقالي، بأن حياتهم وأمنهم محل اهتمام المجلس، الذي قال إنه سيعمل على توفير الأمن للكافة وحتى «لا يثنينا أي عائق عن تحقيق الهدف الأسمى وهو إزاحة نظام العقيد معمر القذافي». ولفت إلى أن هناك مسؤولية على المواطنين في المناطق المحررة من قبضة القذافي للتعاون في حفظ الأمن والكشف عن المعوقات. وأعلن عبد الجليل عن ترقية كل الشهداء الثلاثة إلى الدرجة العسكرية الأعلى لرتبهم وقت استشهادهم مع الاحتفاظ بتعويضات مستقبلية لعائلاتهم.
ونفى أن تكون عائلة اللواء عبد الفتاح يونس أو قبيلته قد اعترضت على الطريقة التي تعامل بها المجلس مع عملية الاغتيال أو أنهم أبدوا تململا، كما نفى ما أشيع عن أحد أقارب اللواء يونس من الدرجة الأولى قد رفع العلم الأخضر الذي يرمز إلى نظام القذافي تعبيرا عن استيائه.
وأضاف «هذا غير صحيح وعار عن الصحة، قبيلة العبيدات بصفة عامة وعائلات الشهداء بصفة خاصة أعلنوا قبل دفن الشهداء أنهم وراء المجلس الوطني والثوار لتحقيق النصر. وكان هذا هو لسان حال كل الأعيان الذين أخطرناهم بالنبأ في حينه، وهو أمر مؤسف، ولكن مصلحة ليبيا فوق كل اعتبار».
من جهته، اعتبر محمد شماما مسؤول الإعلام بالمجلس الوطني الانتقالي أن محاولات التشكيك في مصداقية الشهداء الثلاثة (يونس ورفيقيه) ومصداقية المجلس الوطني هي من صنع ما وصفه بالطابور الخامس وإعلام القذافي.
وحث شماما وسائل الإعلام على أهمية أن تتحلى بالمسؤولية تجاه نشر أخبار، إما أنها كاذبة أو أنها غير دقيقة، مشيرا إلى أنه يجري حاليا التحقيق في محاولات متزامنة، بما في ذلك محاولة فاشلة لمهاجمة قوات القذافي لمنطقة البريقة أو الهجوم من المناطق الجنوبية. وأوضح أن التحقيق مكلف بتقصي الحقائق حول مدى تورط وضلوع الطابور الخامس في خلق الفوضى في المناطق المحررة.
وقال إن وفاة يونس كانت بسبب إطلاق نار في الرأس والصدر، مشيرا إلى أن بعض أطراف الجثث تعرضت للحرق، لكنه لفت إلى أنه مجرد حرق بسيط لا يؤثر على هيئة الجثة.
إلى ذلك، نعت كتيبة شهداء السابع عشر من فبراير، التابعة لسرايا الثوار، اللواء ركن عبد الفتاح يونس ورفيقيه العقيد محمد خميس والمقدم ناصر المذكور. ودعت الجميع إلى تكاتف الجهود والقضاء على الفتنة التي يحاول أن يبثها نظام القذافي داخل المناطق المحررة من قبل المندسين.
في غضون ذلك، تحدثت مصادر أمنية في مدينة بنغازي عن أن 25 شخصا من عناصر كتائب القذافي واللجان الثورية، ومن بينهم العميد محمد علاء الدين أحنيش الخبير في تفكيك الألغام، تمكنوا من الهروب بمساعدة أشخاص مجهولين من سجن في المدينة فجر الجمعة.
ونقلت صحيفة «قورينا الجديدة» عبر موقعها الإلكتروني عن مصدر أمني قوله إن سرايا الثوار والأمن الوطني تمكنوا من القبض على أحنيش و16 آخرين بفضل جهود رجال الأمن، مؤكدا أن البحث جار عن باقي الهاربين.
وأعلن أن هذه العملية كانت مدبرة من قبل أتباع القذافي، وكانت في توقيت اغتيال عبد الفتاح يونس، خصوصا أن الأمن كان في بنغازي غير موجود بكثرة.