إبداعات، يثبتون بها للعالم أن عقولهم عصية على الانكسار، وقادرة على إعلاء صوت فلسطين من خلال ما يتوصلون إليه من إبداعات تكنولوجية.
ففي إنجاز جديد ينسب إلى أبناء قطاع غزة المعزولين عن العالم الخارجي بفعل الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ ما يقارب خمس سنوات، نجح طالبان جامعيان في تصميم ماكينة لقص المعادن باستخدام شعاع البلازما والتحكم بأدائها بواسطة الحاسوب.
ويرى مختصون محليون في صناعة تشكيل الحديد والمعادن أن الماكينة التي عكف على تصميمها كل من محمد الريماوي ومحمد منصور من قسم الهندسة الكهربائية بالجامعة الإسلامية، سيكون لها عظيم الأثر في إنجاز وتطوير القطاع الصناعي وإنتاج القطع الميكانيكية التي يحول الحصار دون استيرادها من الخارج.
ويقول الريماوي إنه وزميله عكفا على تصميم الجهاز من أجل المساهمة والارتقاء بالواقع الصناعي في فلسطين، والاستغناء عن استيراد بعض المنتجات الصناعية، خصوصا في قطاع غزة المحاصر.
آلية عمل الماكينة
ووفق الريماوي، فإن الماكينة تعتمد على شعاع البلازما في قص وتشكيل المعادن، حيث يقوم المستخدم بإدراج الصورة المراد قصها على جهاز الحاسوب ومن ثم تقوم الماكينة بقص الصورة المطلوبة.
وتتكون الماكينة من خمس وحدات رئيسة، أولها وحدة الحاسوب ويتم فيها إدخال الصورة أو ملف dxf من برامج الرسم الهندسي ثم يحولها البرنامج إلى كود يرسله إلى لوحة التحكم، ومن ثم إلى جهاز البلازما المسؤول عن إطلاق شعاع بلازمي ينتج درجات حرارة عالية تمكنه من قص المعدن بسهولة.
وذكر الريماوي للجزيرة نت أن الماكينة تحتوي على وحدة CNC تتكون من ثلاثة محاور مهمتها تحريك شعاع البلازما وفق الأبعاد المعطاة من الحاسوب، في حين تعمل وحدة التحكم على استقبال بيانات الحاسوب وتقوم بتحريك المواتير المثبتة على ماكينة CNC، وكذلك وحدة ضاغط الهواء الذي يقوم بضغط الهواء الجوي وإدخاله إلى رأس البلازما.
استفادة كبيرة
وعدد الطالب المبتكر الكثير من فوائد الماكينة التي من ضمنها مساهمتها في التقليل من الإصابات البشرية الناجمة عن استخدام الماكينات التقليدية، وتمتعها بدرجة أمان عالية.
من جانبه قال منصور الذي خاض مع زميله كافة مراحل إنجاز الماكينة "إن الماكينة أثبتت جدارتها ودقتها في تشكيل وقص المعادن في وقت قياسي أقل بكثير من الوقت والجهد المبذولين في عملية القص التقليدي".
وأضاف "بالرغم من كل العقبات تمكنا خلال ستة أشهر من العمل المتواصل، من تصميم وبناء ماكينة تعتبر الأولى من نوعها في الوطن العربي".
وأشار إلى أنهما استشارا عددا من المختصين في مجال الهندسة الكهربائية أثناء مراحل تصميم الماكينة.
جهاز أمان
وذكر الطالب المبتكر بحديثه للجزيرة نت أن الجهاز سهل الاستخدام ولا يشكل أي نوع من الخطورة على حياة الإنسان لتوفر عوامل الأمان والحماية فيه، لافتا إلى أنه بمجرد حدوث أي خلل فني تعمل الدائرة الإلكترونية داخل الجهاز على فصل التيار الكهربائي الخارجي والداخلي للماكينة.
ومن أبرز الصعوبات التي واجهت المشروع وفق منصور منع الاحتلال الإسرائيلي إدخال القطع الإلكترونية إلى غزة، مما دفعهما إلى البحث عن بدائل لها في غزة، واستيراد ما تعذر توفيره منها عن طريق أحد المسافرين عبر معبر رفح.
واشتكى الطالب من التكلفة المالية الكبيرة التي دفعاها من أجل إتمام تصميم الماكينة، فضلا عن قلة الأبحاث المستفيضة في مثل هذه المشاريع وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر الذي أخر إنجاز المشروع.
ويتطلع الطالبان (وهما في العشرينات) إلى تطوير وتأهيل الجهاز وإدخال بعض التحسينات عليه وتسويقه في الأسواق الفلسطينية والعربية، مؤكدين أنهما يطمحان لإنجاز مشاريع أخرى لها علاقة بتطوير القطاع الصناعي بفلسطين.
واشتكى صاحبا الابتكار الجديد من عدم تبني أي جهة رسمية أو مختصة للفكرة، مطالبين بضرورة العمل على تبني المشروع وطرحه بالسوق المحلي لما سيعود به من النفع الكبير على تطوير الصناعات في فلسطين، وإعطائها دافعا لتقديم المزيد من الإنجازات.
ثورة صناعية
بدوره اعتبر المهندس المشرف على المشروع زهير أبو شعبان، الجهاز، نقلة نوعية بالمجال الصناعي، ورأى أنه سيحدث ثورة صناعية في فلسطين بمجال تصنيع القطع الميكانيكية التي سيتم تسويقها محليا بتكلفة مالية أقل بكثير من تلك المستوردة.
وبين المهندس المشرف في حديثه للجزيرة نت أن الجهاز يتمتع بقدرة كبيرة على تحمل ضغط العمل ساعات طويلة ومتواصلة، إضافة إلى أنه قليل الأعطال، فضلاً عن قابليته للتسويق لتكلفته البسيطة مقارنة بأدائه.
وأشار أبو شعبان إلى أن كافة التجارب الأولية التي أجريت على الجهاز المبتكر أثبتت أن نسبة الخطأ فيه تكاد تكون معدومة.