لكن لوال دينق لا ينسى زملاء العمل حينما يقول للجزيرة نت "انفصلْنا سياسيا لكن تجمعنا أواصر لن تمحوها حدود الجغرافيا". وكانت عدة جهات سودانية شمالية أقامت حفلات وداع لبعض المسؤولين الجنوبيين والموظفين والعمال ممن شملهم قرار نهاية الخدمة بالشمال بعيد تسلمهم خطاباتهم الخاصة بذلك. تواصل مستمر ويؤكد الوزير السابق أن التواصل لن ينقطع بين المواطنين في طرفي السودان مهما فعل السياسيون، باعثا برسالته قبل الرحيل إلى الجنوب "بأن أي سوداني شماليا كان أو جنوبيا يمكنك الاعتماد عليه في حفظ المودة". أما مهندسة البترول أوور لوال فإنها ترى ارتباطها بسودانها الشمالي أكبر من أن تمحوه جغرافيا السياسة، مشيرة إلى شعورها بالحسرة لفراق وطن كبير أريد له أن يكون قزما بحسب قولها.
وتقول للجزيرة نت "كانت لحظات إخلاء الطرف من أصعب اللحظات" رغم أننا كنا ندرك قرب هذه اللحظة وقرب نهاية وحدة لبلد كان يسع الجميع، مشيرة إلى أنها تهيأت نفسيا للرحيل بزيارة الجنوب أكثر من مرة. مستقبل مجهول في حين يقول المدير التنفيذي لحقول البترول إبراهيم خليل -الذي ولد في مدينة رومبيك بالجنوب ثم انتقل للشمال- إن الجميع ممزق ولا يعلم ماذا يخبئ المستقبل للسودانيين، مشيرا إلى أن أبناءه يعملون في الشمال. ويلوح بخطاب في يده ثم يقول "لقد تسلمت هذا الخطاب ينهي خدماتي ولم يعد أمامي سوى الرحيل"، مشيرا إلى أن "السودانيين فقدوا فرصة عظيمة لأن يكونوا أمة واحدة". ويتابع حديثه للجزيرة نت قائلا "أنا من أب شمالي ذهب إلى الجنوب في نهاية القرن التاسع عشر وأم جنوبية وإن مئات الأسر السودانية ستعاني هذا الوضع الوجداني الممزق". أما مدير تسويق خام البترول السوداني مشار أشير فقال إن القرار السياسي "فرض على الجميع ما لم يكونوا يتوقعوه" وإنه لولا القرار السياسي لما غادر الشمال، وأضاف قائلا "هناك من أحببتهم وأحبوني وهناك من يكرهونني وأكرههم كذلك لكن الأخلاق الحميدة هي التي تميز الشعب السوداني عن بقية شعوب العالم". واختتم حديثه للجزيرة نت "من نتركهم الآن أناس يحبون العفو والمصالحة ويقدرون ما كان بين الناس من معشر"، معربا عن أمله في أن تعود الوحدة على أسس جديدة يحترم فيها الجميع بعضهم بعضا.