نشارة الخشب من حولها- بدون خوف أو رهبة، محولة هوايتها إلى حرفة لكسب الرزق لها ولأسرتها.
وتعد أبو رقيق السيدة الأولى في قطاع غزة التي تعمل في مهنة النجارة، متحدية بذلك الاحتكار التقليدي لهذه المهنة من قبل الرجال، فهي من الفلسطينيات القلائل اللاتي تجرأن على العمل في المهن الشاقة.
وعن بداية عملها في هذه المهنة، تقول أبو رقيق للجزيرة نت إن فكرة العمل جاءت عندما عرض مركز تمكين المرأة على مجموعة من النساء المشاركة بدورة لتعلم النجارة، فلم تتردد في الالتحاق بها حيث وجدت فيها تعويضاً عن حلمها بدراسة الفنون الجميلة التي حرمت منها بفعل الظروف الاقتصادية الصعبة.
مصدر رزق
وأضافت "بعد انتهاء الدورة التي استمرت ثلاثة شهور قررت العمل بمفردي، فأردت أن أثبت للجميع أن العمل في هذه المهن ليس حكراً على الرجال وبإمكان المرأة الإبداع في كل المجالات".
وتتابع "رغبتي واقتناعي دفعاني للالتحاق بهذه المهنة، وكذلك رغبتي بتوفير مصدر دخل نعيش منه أنا وابنتي المعاقة التي تحتاج إلى رعاية صحية متواصلة خصوصاً بعد انفصالي عن زوجي، فلا أقبل أن يعولنا أحد طالما باستطاعتي العمل".
وتستخدم أبو رقيق في عملها الآلات المتعارف عليها في النجارة كالمنشار الكهربائي، والمثقاب والمفرزة وجهاز الآركت اليدوي والشاكوش والمسامير، وقد تلجأ إلى أشجار الزيتون لإمدادها بالخشب أو إلى بعض المستلزمات البالية التي تتم إعادة تدويرها من جديد.
نظرات إعجاب
وتؤكد أبو رقيق أنها واجهت العديد من الصعوبات في بداية عملها ومنها عدم تقبل الأهل والبيئة المحيطة لطبيعة عملها، وكذلك صعوبة تعاملها مع بعض الآلات الكبيرة التي تحتاج إلى تركيز دقيق، لكنها تؤكد أن الإصرار كان كفيلا بالتغلب على تلك العقبات حتى تحولت نظرات الاستغراب إلى نظرات إعجاب عندما رأى الجميع إتقانها للعمل وجديتها.
وترفض أبو رقيق القول إن مهنة النجارة تنقص من أنوثة المرأة ، وترى أن بإمكان أي امرأة ممارستها إذا توفرت لديها الإرادة القوية والثقة في النفس والقدرة على التحمل، فهي لا تحتاج لقدرة جسمية وعضلية خاصة، حسب قولها.
وللتأكيد على ذلك، تعرض أبو رقيق من بين أعمالها معلقات للحائط وبراويز وقطع أثاث صغيرة تستخدم في البيوت والمكاتب، وتؤكد أنها تقوم بتسويقها في عشرة معارض مختلفة.
تمكينها اقتصاديا
ومن جانبها، أوضحت مديرة مركز تمكين المرأة والمجتمع في النصيرات نعيمة سويدان أن اختيار المركز لهذه المهنة وتدريب مجموعة من النساء جاء لرغبة إدارته في الخروج عن الإطار التقليدي لعمل المرأة وعدم حصرها في مجالات محددة، إضافة إلى تمكينها اقتصاديا وتوفير دخل لها ولعائلتها.
وأشارت إلى أن المركز يوفر كافة المستلزمات والأدوات التي تحتاجها المتدربات لممارسة عملهن، لافتة إلى أن إقبال النساء على هذه المهنة قليل بفعل العادات والتقاليد التي تقف عائقا أمام إقدامهن على العمل بالمهن ذات الجهد البدني، لكنها دعت في حديثها للجزيرة نت رجال الأعمال والمستثمرين إلى دعم هذا المشروع لما يوفره من فرص عمل مجزية لأكبر عدد من السيدات في قطاع غزة الذي يعاني من الحصار.