شادي الأيوبي-أثينايعتبر معظم المهتمين بالشأن اليوناني أن حكومة جورج باباندريو فقدت قدرا كبيرا من شرعيتها ومبررات وجودها مع تغير الكثير من العوامل التي أدت إلى تشكيلها، ولا سيما الغضب الشعبي
الذي يبدو حتى الساعة فريدا من نوعه وبعيدا عن تبني آراء حزبية أو نقابية.
ولا يخفي متابعون مخاوفهم من انفلات الوضع بحيث يؤدي إلى اضطرابات ومواجهات عنيفة بين رجال الأمن والمتظاهرين في مختلف المدن اليونانية، والذين صاروا يعرفون بمصطلح "الغاضبون".
حتى إعادة تشكيل الحكومة لا يمكن أن يحل مشكلاتها، بل سيفاقم المشكلات الداخلية للحزب الحاكم، بالتوازي مع استمرار الاحتجاجات الشعبية الناقمة، بحسب سوتيريس روسوس أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيلوبونيسوس.
ورجح روسوس أن يتم إجراء انتخابات مبكرة خلال الأشهر القادمة، مشيرا إلى تناقص أعداد نواب الحزب الحاكم بشكل كبير بسبب احتجاجهم على سياسة الحكومة.
حكومة ائتلافية
وفضلا عن الغضب الذي يعصف بنواب الحزب الحاكم، يضيف روسوس عامل الغضب الشعبي الذي لم تشهد البلاد حالة مماثلة له خلال فترة عودة الديمقراطية عام 1973، موضحا أن استطلاعات الرأي الأخيرة تفيد بعدم إمكانية أي حزب من الحزبين الرئيسين الحصول على أغلبية تخوله تشكيل حكومة، مما يعني تشكيل حكومة ائتلافية بينهما، وإن كان باباندريو يفضل عدم إجراء انتخابات حاليا، لتجنيب حزبه الوقوع في هزيمة انتخابية كبرى.
ورفض روسوس الافتراضات القائلة إن الانتخابات المبكرة تعني تدمير وإفلاس اليونان، مستشهدا بانتخابات إيرلندا والبرتغال، موضحا أن المواطنين الغاضبين اليوم في اليونان لا يشعرون أن الأحزاب تمثلهم، وفي حالة إجراء انتخابات مبكرة سيشتركون فيها وتهدأ ثائرتهم نوعا ما، معربا عن مخاوفه من صدام اجتماعي رهيب إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه اليوم.
وأعرب روسوس عن تشاؤمه حيال قدرة الدفعة الجديدة من القروض على حل مشكلات اليونان، مذكرا أن الاقتصاد اليوناني قائم على الاستهلاك، مما يعني أن إجراءات الحكومة التقشفية المنوي القيام بها ستقلص الإنفاق وتزيد البطالة.
سقوط الحكومة
أما الكاتب والصحفي في صحيفة كاثيميريني اليومية بيتروس باباكوستاندينوس فأعرب عن اعتقاده أن الحكومة قد سقطت عمليا دون أن تشعر بذلك، وذلك جراء فقدان شعبيتها في الشارع اليوناني، معتبرا أن البلد في حالة فقدان للقيادة منذ إضراب الأربعاء.
وأضاف باباكوستاندينوس أنه لا مخرج سياسيا من الأزمة إلا بانتخابات مبكرة وإلغاء السياسات الحكومية التي أدت إلى هذا الغضب الشعبي، معتبرا أن السلاح الوحيد الذي يستخدمه باباندريو حاليا هو أنه لا حل بديلا لسياساته لدى حزب المعارضة الرئيس "الديمقراطية الجديدة"، حيث إنها تريد إعادة التفاوض بشأن موضوع الدين، لكنها توافق في النهاية على سياسات الحكومة مثل تخصيص المؤسسات الحكومية وتخفيض رواتب موظفي القطاع العام وتسريح نسبة من موظفيه، مع فارق وحيد هو اعتراضها على زيادة الضرائب، مما لا يعني فارقا كبيرا بين سياسات الحزبين.
هذه الحجة -يضيف باباكوستاندينوس- ومعاناة "الديمقراطية الجديدة" من تبعات حكومة كوستاس كرمنليس السابقة التي سقطت جراء عدم مصداقيتها، بدأت تتراجع مع تشكيل رأي عام شعبي ضد سياسات حكومة باباندريو، مشددا على أن المناخ السائد في اليونان هذه الأيام سيؤدي حتما إلى إسقاط الحكومة.
وعن تحديد موعد للانتخابات المبكرة، رأى باباكوستاندينوس أن من الصعب الإقدام على هذه الخطوة حاليا، لكنه قال إن باباندريو يحاول الحصول على ثقة البرلمان بحكومته الجديدة، وبهذه الطريقة يضمن فعليا وأخلاقيا موافقة نواب حزبه على حزمة الإجراءات الجديدة.
واعتبر أن هذا الأمر في حال حدوثه سيعد بمثابة تمديد لعمر أزمة الحزب الحاكم لا إيجاد حلول جوهرية للأزمة، لأنه لن تكون للحكومة الجديدة القوة على مواجهة الضغط الاجتماعي الجارف.