جرح عدة سوريين عندما أطلقت قوات الأمن النار لتفريق مظاهرتين في مدينة بانياس الساحلية، في حين خرجت مظاهرات أخرى في أنحاء متفرقة من سوريا في إطار ما سماه ناشطون "جمعة الشيخ
صالح العلي", وهو أحد قادة المقاومة ضد الانتداب الفرنسي. يأتي ذلك في وقت بدأت فيه القوات السورية إنزال قوات بالمروحيات على مشارف معرة النعمان في محافظة إدلب بشمال البلاد.
وذكر رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن رجال الأمن لاحقوا المتظاهرين بعد تفريق إحدى المظاهرتين داخل الأحياء الجنوبية، في حين توجهت التظاهرة الأخرى إلى خارج بانياس باتجاه جسر المرقب.
ولفت الناشط إلى أن "رجال الأمن منعوا الأهالي من الخروج إلى الشرفات بينما كانوا يلاحقون المتظاهرين".
وقالت مواقع المعارضة السورية إن مظاهرات خرجت في حي الميدان وسط العاصمة السورية وتحدثت عن اندلاع مواجهات مع الأمن السوري، كما خرجت مظاهرات أخرى في مدن البوكمال في محافظة دير الزور وحمص وحماة ودرعا والقامشلي وكفر نبل.
وبثت صور على الإنترنت لمظاهرة بعد صلاة الجمعة في مدينة بنش بمحافظة إدلب تطالب بإسقاط النظام.
وقال الناشط الحقوقي من درعا عبد الله أبا زيد للجزيرة إن مظاهرات خرجت في مختلف أنحاء درعا، مشيرا إلى أن مواجهات اندلعت بين قوات الأمن والمتظاهرين في ريف درعا سقط خلالها عدة جرحى.
من جهته توقع الكاتب الصحفي حسين العودات أن تزداد وتيرة المظاهرات بحلول المساء، مشددا على أن عزيمة المتظاهرين تزداد يوما بعد آخر.
وأشار إلى أن إجراءات السلطة في الفترة السابقة قد أدت إلى شرخ في أذهان السوريين مؤكدا أن المتظاهرين كانوا أوعى من السلطة وكانت شعاراتهم تؤكد على وحدة الشعب السوري ورفض الطائفية.
وكانت مظاهرة قد خرجت في منطقة القابون بالعاصمة السورية دمشق مساء أمس تطالب بالحرية حيث ردد المتظاهرون التكبيرات والهتافات المناهضة للنظام.
كما شهدت مدينة البوكمال بمحافظة دير الزور السورية مظاهرة مسائية تطالب بإسقاط النظام ورحيل الرئيس بشار الأسد.
الوضع الميداني
وتتزامن هذه المظاهرات مع إرسال تعزيزات عسكرية إلى مشارف بلدتي خان شيخون ومعرة النعمان لضمان سلامة الطريق العام الذي يربط مدينة حلب بالعاصمة دمشق حسب ما تقوله السلطات.
وتقول الأنباء إن آلاف اللاجئين فروا إلى تركيا المجاورة, بينهم كثيرون من جسر الشغور. كما تحدث عدد من السكان السوريين عن فرار أعداد كبيرة من سكان معرة النعمان تحسبًا لهجوم يستعد الجيش لشنه على البلدة.
وذكر شاهد عيان للجزيرة أن سوريين تعرضوا لاعتداءات واغتصاب لدى عودتهم إلى جسر الشغور.
يأتي ذلك في وقت أظهر فيه تسجيل على شبكة الإنترنت أحد ضباط الجيش السوري وهو يعلن انشقاقه عن القوات المسلحة في بلاده.
ونقل النقيب رياض أحمد وهو من الفوج الخامس والأربعين من القوات الخاصة، وقائد السرية الأولى من الكتيبة 974، وقائع دخول القوات السورية إلى مدينة بانياس، حيث قال إنه تم حصار أهلها، وإنه لم يُعثر أثناء دخولها على أي مسلح.
كما أظهرت مشاهد بثها ناشطون على الإنترنت قيام أحد عناصر الأمن في حي الخالدية بمدينة حمص السورية بإطلاق النار على متظاهرين في وقت سابق، حسب ما قاله هؤلاء الناشطون.
وفي السياق نفسه أظهرت مشاهد بثها ناشطون على الإنترنت تمركز دبابات للجيش السوري في مدينة صوران بمحافظة حماة، وسمع هدير الطائرات المروحية في الأجواء.
محنة اللاجئين
في غضون ذلك أعلن مصدر رسمي تركي أن عدد السوريين الذين لجؤوا إلى تركيا هربا من القمع في بلادهم بلغ الجمعة 9700 شخص بعد وصول أكثر من ألف شخص في الساعات الـ24 الماضية، موضحا أن حوالي 1200 سوري عبروا الحدود الخميس وفجر الجمعة.
ويقيم اللاجئون في خمسة مخيمات في محافظة هاتاي أقامها الهلال الأحمر التركي. ويتولى مستشفى ميداني مساعدة المصابين بجروح.
وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قد صرح بأن بلاده لن تغلق أبوابها أمام اللاجئين السوريين على الحدود.
وتحدث سوري وصل الخميس هاربا من بلدة جسر الشغور عن الرعب الذي ينشره الجيش، مما دفعه إلى الفرار مع عائلته.
يقول أبو أحمد (32 عاما) لوكالة الصحافة الفرنسية رافضا كشف اسمه كاملا "راح الجيش يطلق النار في جميع الاتجاهات بالدبابات والأسلحة الخفيفة. مشينا عبر الجبال والوديان ووصلنا إلى هنا"، مشيرا إلى أنه عبر الحدود مع أطفاله الستة وزوجته وعائلة شقيقته.
وتابع متسائلا "دخلوا المنازل وحطموا كل ما فيها. كيف يمكننا العودة إلى ديارنا؟ كيف لنا أن نعود؟ حتى يقتلوننا؟".
وأبو أحمد واحد من عشرات السوريين من سكان جسر الشغور القديمة الذين وصلوا الخميس إلى الحدود.
وقام الجيش بتمشيط هذه البلدة وكذلك بلدة الجنودية على مسافة بضعة كيلومترات من الحدود التركية باكرا صباح الخميس، بحسب ما أفاده ناشط سوري يساعد النازحين من الجانب السوري من الحدود.