سوزان سميث
أسوأ أم في التاريخ
(من ملفات القضاء الأمريكي)
محاكمة هذه المرأة كانت حديث الأمريكيين ومعهم العالم لغرابتها وشذوذها وخروجها عن كل الأعراف والتقاليد والأخطر انتهاكها لأسمى عاطفة إنسانية جريمة شنيعة حدثت في الماضي القريب تلك الجريمة التي راحت ضحيتها أطفال في عمر الزهور غرقاً لقد ظهرت سوزان سميث الأم لتخاطب الجمهور على الهواء وتستجدي عواطفهم من أجل أطفالها المختطفين وتخاطب الخاطفين بإرجاعهم بكت و بكت الأمة الأمريكية كلها معها لقد كانت طريقة وصفها
للمجرم الذي هاجمها هي وأطفالها صادقة بشكل كبير ومقبولة جدا الآن نحن نعرف بعد أن انتهى التحقيق وأغلق ملف القضية أن سوزان سميث هي نفسها التي قتلت أطفالها نعم أن الأمر غير القابل للتصديق كان حقيقيا. لقد قامت بإغراق أطفالها بيدها حتى الموت من اجل عشيقها هذا ما كشفته التحقيقات إنه أمر لا يصدق. إنه أمر لا يمكن أن يكون ولكنه كان. لقد حاولت سوزان سميث ألقاء اللائمة بجريمتها على شخص يكون مثاليا لأن ينطبق عليه سمات الإجرام بينما هي ظلت في مأمن لأن لا أحد سيصدق إن أماً يمكن أن تقتل بنفسها أطفالها بأي سببٍ كان ولولا أن التحقيق كان فعالاً وناجحاً لما عرفت الحقيقة لذلك أخذت العدالة مجراها ونالت سوزان جزائها العادل .
في البداية أقتنع الجميع بما قالته سوزان حول تعرضها هي وأطفالها لحادث اختطاف .زوجها وعشيقها ورجال الشرطة والمحققين كلهم صدقوا ووقفوا بجانبها بعد أن فقدت طفليها وكانت على وشك الحصول براءتها حتى تعرضت لاختبار كشف الكذب .هنا فقط انكشف المستور .
القصة الكاملة لجريمة سوزان سميث البشعة دارت وقائعها منذ ما يقرب 15 عاماً في ولاية ساون كارولينا بالولايات المتحدة الأمريكية .كانت ليلة 25 أكتوبر من عام 1994 ليلة تميل إلى البرودة ولكن سوزان كانت تشعر بداخلها ببرودة أكبر وهي تقود سيارتها الغامقة من طراز مازدا1990 في الطرق الريفية المحيطة بمدينة يونيون بولاية ساون كارولينا الأمريكية .وفي المقعد الخلفي طفليها الصغيران .مايكل الذي أتم عامه الثالث .أما ألكيس فكان مازال طفلاً رضيعاً
وعندما وصلت الى الطريق المؤدي الى بحيرة جان لونج قامت بقيادة سيارتها الى الرصيف المائل والمخصص لأنزال القوارب في الماء وتوقفت في منتصفه.لاأحد يعلم ما كان يدور ذهنها في تلك الليلة المشؤمة ولكن ما نعلمه على وجه اليقين أنها تلقت خطاباً من عشيقها توم فيندالي يبلغها بأنه سوف يقطع علاقته بها التي أستمرت طوال عام كامل
كانت سوزان قد بدأت عملها الجديد في الشركة التي يملكها والد توم في عام 1993 ونشأت بينهما علاقة أثمة حيث أنها كانت ما تزال متزوجة من والد طفليها دافيد سميث .بدأت هذه العلاقة بالخروج لتناول الطعام والذهاب الى السينما وأنتهت الى علاقة حميمية خلال فترة قصيرة فقد كانت تطمع في الزواج منه وتحلم بالانتساب الى أسرته البالغة الثراء.
تلقت سوزان هذا الخطاب منذ أيام وقد أخبرها توم في خطابه أنه لا يستطيع الارتباط بأمرأة لديها طفلان وأنه يريد تكوين الأسرة الخاصة به دون أن يتحمل عبء تربية أبناء رجل أخر
كانت السيارة تقف الآن في منتصف الرصيف الذي يبلغ طوله 25 متراًعندما خرجت سوزان منها ونظرت بتبلد الى الطفلين البريئين النائمين في المقعد الخلفي ,وبطريقة آلية مثل الرجل المنوم مغناطيسيا تحركت يدها الأثمة وأطلقت فرامل السيارة و أغلقت الباب بهدوء .
بدأت السيارة بالأنحدار ببطء وشرعت في الدخول الى مياه البحيرة الداكنة أما سوزان فأنها وقفت تشاهد هذه المأساة بعيون جامدة ووجه مخدر خالٍ من التعبيرات عندما أصبحت في منتصف البحيرة انقلبت فجأة رأساً على عقب وبدأت تغوص في الأعماق عندما أختفت السيارة تماماً عن نظرها لتبدأ واحدة من أشهر المأسي في تاريخ جرائم القتل التي ارتكبت في الولايات المتحدة الأمريكية بل في العالم أجمع عندما ارتكبت سوزان ما لا يمكن لمعظمنا تصوره أفظع فعل يمكن لأم التفكير فيه وحطمت أحدى أقوى الروابط المقدسة الموجودة بين البشر عندما خانت الثقة الفطرية الوراثية التي تربط الأم بأطفالها .
وعند الانتهاء من جريمتها الفظيعة هرعت مسرعة لتقرع باب أحد البيوت القريبة من البحيرة وتطلب المساعدة قائلة لقد اختطفت السيارة وبها
أطفالي كانت الساعة قد تجاوزت التاسعة والربع مساءً عندما توجه عدد من رجال التحقيق الى منزل تلك العائلة القريبة التي تعيش بالقرب من البحيرة وهناك قام كبير المحققين بالإسمتاع للقصة التي روتها سوزان لساكني المنزل.
خلال الساعات الأولى للتحقيق لم يساور رجال التحقيق أي شكوك في القصة التي روتها سوزان
وعندما تجاوزت الساعة منتصف الليل كان زوجها دافيد سميث قد وصل مع العديد من أقاربها إلى مسرح الأحداث . عندها اقترحت سوزان أن ينتقلوا إلى منزل والدتها ليندا وتوجه الجميع إلى هناك وخلال الرحلة أخبرت سوزان والدتها بأن لا تغضب إذا ما أتى توم فيندالي لزيارتها .
كانت هذه العبارة هي بداية الطريق الذي أدى بالمحققين لكشف شبكة الأكاذيب التي حاولت سوزان أن تغطي بها على جريمتيها.
بعد مرور يومين على هذه الأحداث وبالتحديد في يوم الخميس 27 أكتوبر 1994 خضعت كل من سوزان وزوجها دافيد لإجراءات اختبار كشف الكذب وقد تمكن دافيد من اجتياز الاختبار بنجاح أما سوزان فأن الاختبار أظهر إنه لديها ما تخفيه وكانت أكثر الأسئلة إحراجا هو السؤال : هل تعرفين مكان الأطفال ؟ لقد أظهر الجهاز إن إجابتها على هذا السؤال لم تكن صادقة وكانت قصتها عن
أحداث ذلك اليوم مليئة بالثغرات.
أول هذه الثغرات كانت بلحظة لقائها مع الشخص الذي قام باختطاف السيارة فحسب ادعاءها فأن الإشارة كانت حمراء في ذلك التقاطع من الطريق وهو ما مكن الزنجي من الاقتراب من سيارتها والدخول إليها ولكن النظام الآلي يقضي بأن تظل الإشارة خضراء دائماً.
أما الثغرة الثانية كانت من خلال الساعات الطويلة التي قضتها سوزان مع رجال التحقيق والخبراء تكلمت أكثر من مرة عن أطفالها بصيغة الماضي ولفتت أنظار الكثيرين إليها حيث تكلمت في أكثر من مناسبة عن طفليها بصيغة الماضي كما أنها فاقدة الأمل تماماً في استعادتهما أحياء.
أما آخر الثغرات فكانت بكاؤها الدائم والذي كان يتميز بأنه بلا دموع . وهذا ما لاحظه الخبير الذي تولى إدارة أمر جهاز كشف الكذب . ولكن سرعان ما انكشفت الحقيقة المريعة واتضح إن الرجل الجديد في حياتها أفادها إنه لا يحب وجود الولدين بجانبه ما دعاها إلى حبس ولديها في المقعد الخلفي لسيارتها ودفعهما داخل مياه بحيرة جون لونغ .
حكمت المحكمة على سوزان بالسجن المؤبد مدى الحياة تحت صرخات واعتراضات زوجها دافيد الذي طالب بالحكم عليها بالإعدام.