كإنتماء جامع لكل صنوف وفئات المجتمع, وثبت أنه بإحياء الشعور الوطني تتلاشي الاختلافات في الدين والمذهب وفي أي ناحية أخري, بدليل ما شهده ميدان التحرير طوال18 يوما وليلة حتي تخلي الرئيس السابق حسني مبارك عن منصبه.
ومع ذلك ستبقي الفتنة تنتظر من يستدعيها إلي المشهد, وهو ما يسهل كثيرا عمل من يسعون لإجهاض وإجهاد والقضاء علي ثورة25 يناير, فقط كل ما عليهم هو النفخ في أي خلاف جائز أو محتمل وإثارة النعرات, مع استغلال أن الأمن واخد علي خاطره, ولا أعرف هل واخد علي خاطره من الشعب أم من الثورة أم من كليهما.
ومع أن أصحاب المصلحة في القضاء علي الثورة معروفون جيدا, والربط بينهم وبين إحداث الفتن علي تنوعها لم يعد من باب الشكوك فحسب, إلا أن ثمة إحساسا يتنامي بوجود تباطؤ في مواجهته, وهو الإحساس الذي تحول لدي البعض مع تكرار مشاهد الفتنة بأن هذا التباطؤ صار متعمدا, وهو ما دعا لدعوة العودة للميدان في الجمعة الماضية وجمعة اليوم, وعدم تسليم الثورة لأحد مهما كان حماسه لها.
غير أن تتابع الفتن وزيادتها حتي وصلت إلي ملاعب كرة القدم, أمر يدعو إلي التأمل فيما وصل إليه الحال, فالتتابع والتزايد يؤكد أولا أن كل ما أثير من فتن منذ أكثر من شهرين وحتي الآن لم يؤت ثماره, بفضل وعي الغالبية من الشعب, فتتزايد جرعات الفتن, ويؤكد ثانيا أن حالة التراخي في مواجهة مثيريها يشجعهم علي المضي في مخططهم, فتتنوع تلك الفتن, ويؤكد ثالثا أن العودة إلي التحرير هي الضمانة الحقيقية لمواجهة عبث العابثين.
تبقي نقطة غاية في الخطورة فيما يتعلق بموقعة ستاد القاهرة وقد استهدفت علي ما يبدو التأكيد للخارج أن مصر تعيش حالة من الفوضي, وهي الحالة التي سبق وأن حذرنا منها الرئيس السابق كبديل وحيد لعدم استمراره في السلطة, ومن ثم فإن معالجة هذه الفتن وآثارها يجب ألا تتجاهل حقيقة الأغراض التي يحاول مثيروها الوصول إليها, وإذا كان إلغاء مسابقة الدوري أو حتي إقامتها بدون جمهور, ليس حلا ناجعا, فقد كانت الحكومة ممثلة في رئيسها د. عصام شرف ووزير داخليتها اللواء منصور العيسوي علي درجة عالية من الوعي, بحيث التقطت سريعا الفخ المنصوب, ورفضت كل دعاوي الإلغاء, فإن نجح أعداء الثورة اليوم في تعطيل الدوري, فسوف يشجعهم هذا النجاح علي التحول غدا إلي مدرجات الدراسة في الجامعات, وإن نجحوا اليوم في مسعاهم بتعطيل مرفق حيوي من مرافق الدولة, فلن يعيقهم بعد اليوم أي شئ لتعطيل مرافق أخري كدور الفن وداخل الأندية وحتي دور العبادة.
وإذا كانت قيادات الدولة بهذا الوعي, فإن الأمر يستوجب من جميع الرياضيين الآن استعادة روح الثورة بلجانها الشعبية لتقوم في الملاعب الرياضية علي تأمين المدرجات من داخلها, مع عتاب لأبنائنا الألتراس, وقد كنت أتوسم فيهم أن يكونوا أول المدافعين عن ثورتهم وعن مستقبلهم, وأن يبادروا هم لتأمين المدرجات من أي دخلاء, لا أن يكون بعض الخارجين عن القانون من بينهم, أو تكون الاستجابة منهم لدعاة الفوضي بهذه السرعة, دون التفكير ولو للحظة أن بعض الذين ساءتهم الثورة يتواجدون في ملاعبنا, وأيضا لا يزال يسري في أقلام وعلي شاشات البعض منا حبر الحنين لأيام المصالح الخاصة, فيمهد أصحاب هذه الأقلام والشاشات عن عمد أو جهل الطريق لهؤلاء بنقل كل تصريحاتهم دون مراجعة من ضمير مهني أو ضمير وطني.