والإعلان عنه يسئ إلي الثورة المصرية؟!
سؤال لا محل له من الإعراب, ويبدو أكثر غباء من أسئلة المجند إسماعيل
ياسين في البحرية للشاويش عطية في الفيلم الشهير, لكنه غباء شديد الخطورة
لأن السؤال يبدو تلقائيا أو بسيطا أو ساذجا أو بديهيا وليس كتلك الأسئلة
الذكية التي يشرع لها العقل أسلحة الفحص والفهم قبل الإجابة عنها..والأسئلة
التي تبدو غبية أحيانا هي من صنع ناس في منتهي الذكاء,, فتمر بنعومة
وسلاسة إلي أهدافها دون تمحيص أو رصد
وما هدف الأذكياء من سؤال يبدو غبيا؟الإجابة بسيطة للغاية0
أنهم يحاولون إطلاق سحابات من الدخان الكثيف, تتيح مساحات من الشائعات
والشكوك, لا تمس الجاسوس سواء كانت قصته محبوكة أو مفبركة, وإنما تتعلق بما
يحدث في مصر..لعلهم يشدونها إلي دروب مخططة بعناية تملؤها الفخاخ والموانع
الصعبة
والجاسوس الإسرائيلي الذي يثار حوله شك أو تشكيك, لا يجوز أن نتعامل معه
باعتباره حالة فردية, مجرد جاسوس في ثورة مصرية رائعة صنعها ملايين
المصريين المتمردين علي نظام أفسد حياتهم وحولها إلي لعبة جهنمية يدورون
فيها من أجل لقمة العيش المرواغة, بينما صفوة رجال النظام ينعمون بكل شئ:
الثروة والسلطة والمكانة الرفيعة..
الجاسوس الإسرائيلي هو فصل في مسلسل, ورقة في أجندة, اشتباك في معركة من
حرب طويلة ممتدة, حرب علي مصر..مصر التي يريدها أعداؤها وخصومها ومنافسوها
مريضا لا يموت ولا يشفي, يريدونها علي نفس الأوضاع التي كانت عليها قبل
ثورة25 يناير, لكن بتفاصيل مختلفة وأشكال جديدة..لا تخرج من أزمتها ولا
تموت فيها!
ولو وضعنا بضع أوراق جنب بعضها بعضا جاسوس إسرائيلي مقبوض عليه, جاسوس
إيراني جري ترحيله إلي بلاده, طوفان من شحنات المخدرات, تهريب إسلحة من
جبهات كثيرة, دعاوي للحرب مع إسرائيل فورا, ولعب الأجانب في البورصة
بعمليات بيع واسعة ومنظمة وسحب مليارات الجنيهات في أوقات قصيرة ومتقاربة..
هنا قد لا يكون السؤال عن دور الجاسوس في الثورة المصرية غبيا, وإنما
هوجزء من لعبة أخطر حاولت طول الوقت الوقيعة بين الجيش والشعب..لأن السؤال
محاولة مشبوهة لإثارة الشبهات حول الثورة وشبابها وشعبها, كما لو أنها كانت
تخطيطا مدبرا من الخارج سقط فيه المصريون بحسن نية أو بسوء حساباتهم..
وهذا يتناقض مع بديهية ساذجة تقول إن الثورات الشعبية الكبيرة يصنعها أبناء الشعب لا العملاء ولا المرتزقة..
فما الذي يفيد الأعداء والعملاء في صناعة ثورة قد تنقل الوطن من جمود سجن
فيه لأكثر من أربعين سنة إلي حركة واندفاع وتقدم تهدد مصالح الأعداء
والخصوم بالضرورة؟!
قطعا..حكايات العملاء الذين شاركوا في الثورة أو صنعوها, حكايات غبية
سخيفة أقل في مستواها من حكايات الجدات للأطفال الرضع قبل النوم!!
الثورة المصرية كانت أنبل ما أنتجت مصر في عصرها الحديث..
لكن هناك من يريد لهذه الثورة أن تنحرف عن مسارها في صناعة دولة قوية قائمة علي الديمقراطية والحرية والعدالة..
هناك من يسعي أن تظل الفوضي التي نحن عليها الآن مستمرة وحبذا لو اتسعت
وشملت مناطق جديدة, ويا سلام لو حدث تصادم بين الشعب والجيش والدنيا تولع
جدا..حتي لا يستطيع احد أن يطفئها, ويظل لهيبها محلقا في فضاء مصر شهورا أو
سنوات, المهم أن ينشغل المصريون في ترميم ما ينجم عن الحرائق والمصادمات
والثورات, ولا يلتفتون إلي إعادة بناء نظام جديد قوي وعادل!
وبالطبع لا يوجد أفضل من مناخ حالة الانفلات الأمني التي نحن عليها, بغض
النظر عمن هو المسئول أو السبب, فهذه قضية بالرغم من أهميتها, لا تمنع من
استغلال الفوضي العارمة الضاربة.. فالفوضي تصنع حالة من السيولة, وخلالها
يكون هذا المجتمع شديد الحساسية للشائعات والاستفزازات, قابلا للتشكيك في
كل شئ أو أي شئ دون حسابات, يسهل دفعه في اتجاهات معينة, وزرع مصالح
لجماعات أو دول في التربة المصرية فلا يمكن الفكاك منها مستقبلا,, فالمشاعر
ملتهبة, والعقل الجمعي يتحرك بإشارة أو عبارة..والغضب يفرض منطقه الوحيد:
الفعل قبل الفكر, وكلما كان الفعل أكثر عنفا كلما كان جديرا بأن يكون
ثوريا!
هنا قد يضرب أحدكم كفه بكفه ويسخر: ياه رجعنا مرة ثانية إلي نظرية
المؤامرة العقيمة؟..ألن نبطل أبدا إلقاء فشلنا وعجزنا علي الكائنات التي
تتأمر ضدنا؟!
مبدئيا..نظرية المؤامرة لم تكن أبدا اختراعا شرقيا, فهي اختراع غربي من
الألف إلي الياء, لم ترد فقط في كتابات فلاسفة اليونان القديمة, وإنما ما
زالت تعمل بنفس القوة, ومنها فكرة صدام الحضارات التي كتبها صمويل
هينتجتون, وهي إنتاج جديد لها, ليس علي مستوي الدول أو الأجهزة أو الأفراد,
وإنما علي مستوي الحضارات!
نعود إلي أحوالنا وهي التي تهمنا بالدرجة الأولي ونسأل: ما هي العلاقة بين
إيلان تشايم, وسيد قاسم حسيني, وعمليات تهريب المخدرات والأسلحة, ومحاولات
الوقيعة بين الشعب والجيش؟!
قد تبدو العلاقة بعيدة أو مستحيلة, وما الذي جاب الشامي علي المغربي وخلط بينهم؟!
هذا سؤال بديهي, لكن السؤال الأهم..ماذا يحدث بالضبط؟!
-1-
تعالوا نفرض جدلا أن الجاسوس الإسرائيلي إيلان تشايم: رجل طيب وابن حلال,
وقد ورطه المصريون الأشرار في قضية تجسس لا ناقة له فيها ولا جمل..هنا
يستلزم منا أن نختبر هذه الفرضية بأن نقارنها بالمعلومات الموثقة عنه..
أولا: تشايم زار مصر عدة مرات, ولم يكن قدومه إليها في مايو الماضي هو
الأول له, سبق أن جاء في عز اندفاع الثورة المصرية في الميادين
والشوارع..جاء إليها من دولة أوروبية, بالتحديد من وسط أوروبا, ونزل في
فندق شعبي بوسط البلد, في غرفة بالدور السابع, وحين هبط علي ميدان التحرير
تحرك بين الجموع بلغتة العربية الشامية, وقال لجماعة أنه صحفي من رومانيا,
ولجماعة أخري في مكان آخر إنه صحفي من أستونيا.
ثانيا: كان موجودا في جمعة الغضب الثانية بقوة, حرض الشباب علي الاحتكاك
بالقوات المسلحة: لماذا يقفون هكذا؟, النظام السابق مازال موجودا..وكانت
الأجواء قبلها ملبدة بالغيوم, والدعوة إلي الاحتكاك بالمؤسسة العسكرية
تتسلل علي صفحات الفيسبوك, والتوتر, مصحوبة باتهامات كثيرة تثير الغضب
والقلق والخوف والتربص..
صحيح أن المحاولة فشلت, لأن الشباب والتيارات التي شاركت في جمعة الغضب
الثانية كانوا أكثر وعيا وحرصا علي مصالح الوطن, لكن لا ينكر احد أن هتافات
معادية قد خرجت من هنا وهناك دون أن تتحول إلي رأي عام.
والسؤال: لماذا كان تشايم موجودا في تلك الأجواء الساخنة, خاصة أنه فعلا
ليس صحفيا, بل سائحا, وهل السائحون يغامرون بحياتهم في مناطق ساخنة ملتهبة
لا يستطيع احد أن يتنبأ بأحداثها؟
ثالثا: اقتصرت جولات السائح إيلان تشايم علي أماكن بعينها: ميدان التحرير,
الجامع الأزهر, مسجد النور بالعباسية, الأقصر, الطائفة اليهودية في
الإسكندرية..
أي نوع من السياحة يمكن أن نصنف بها هذه الجولات؟!
بالطبع لم ننس زيارته للأقصر أو نتجاهلها, لكنها زيارة خاصة إلي مناطق
محيطة بها, فالأقصر قريبة من قنا, وقنا حدث فيها ما حدث بعد تعيين محافظها
الجديد المرفوض, من قطع الطرق والسكك الحديدية وتعطيل المصالح الحكومية,
وتستحق أن يراها ويعرف أحوالها..
وقد يزور سائح الجامع الأزهر, فهو قبلة ومزار, باعتباره واحدا من أشهر
الجوامع في العالم الإسلامي..لكن ما معني أن يجلس في صحنه بالساعات ويخطب
في الناس؟!..هل الخطابة جزء من برنامحه السياحي؟
رابعا: صحيح أن بعض الإسرائيليين يحملون جنسية الولايات المتحدة
الأمريكية, وازدواج الجنسية متاح في أغلب دول العالم, لكن: لماذا دخل إيلان
إلي مصر بجوازي سفر مختلفين, مرة إسرائيلي ومرة أمريكي وهكذا, وفي فترات
متقاربة؟!
السؤال قد يبدو استفهاميا أكثر منه اتهاما..عموما ازدواج الجنسية شائع كما
قلنا, لكننا لم نسمع عن ازدواج الديانة, فديانته في الجوازين مختلفة عن
ديانته في طلب تجديد الإقامة المقدم منه إلي مصلحة الجوازات والجنسية في
مصر, فهو عند الأجانب يهودي وعند المصريين مسلم..فياتري لماذا كتب تشايم في
الطلب أنه مسلم؟, هل لأنه يحب الإسلام والمسلمين أم من باب التسلية واللعب
والسياحة؟!
خامسا: هل هي مصادفة أن يخدم إيلان تشايم في الجيش الإسرائيلي ويتحدث
العربية بطلاقة ويزور مصر إبان فترة الثورة وفي مرحلة الاضطراب الأمني التي
اعقبتها؟!
سادسا: هل من طبيعة السائح أن يجالس جنسيات عربية تعيش بلادها فترات
مضطربة حاليا وفيها انقسامات حادة؟!, بالطبع لا..لكن مستر إيلان تشايم
تقابل مع عدد من عراقيين وسودانيين وتحدث معهم في كيفية مساعدتهم في الحصول
علي حق اللجوء إلي الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول أوروبا.
ويبدو أن هذه الأخطاء هي التي دفعت القنصل الأمريكي بالقاهرة حين زار
تشايم في نيابة أمن الدولة بناء علي طلب رسمي من سفارته أن يقول له: أنت في
ورطة كبيرة!
هذه ست ملاحظات أولية علي حكاية إيلان تشايم, لا هي تؤكد ولا تنفي..وإنما
هي محاولة لقطع الشك باليقين, أو فتح نوافذ جديدة للرؤية, حتي ندرك أصل
الحكاية!
-2-
وقد لا تختلف حكاية تشايم عن حكاية سيد قاسم حسيني المستشار الثالث بمكتب
رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة, الفارق الوحيد أن تشايم مزدوج الجنسية
وربما الديانة حسب أوراقه وليس دبلوماسيا, لكن سيد إيراني مسلم ودبلوماسي..
وقد يندهش المرء من حكاية سيد, وقد لا يصدقها أصلا, فهو من بلد تحاول أن
تحسن علاقاتها بمصر الثورة, وهناك جسور ممتدة بين البلدين لإعادة العلاقات
المقطوعة إلي مجراها الطبيعي, فمصر وإيران بينهما وشائج قوية وروابط مشتركة
وتداخل عائلي, فما الذي يدفع دبلوماسي إيرانيا إلي ارتكاب مثل هذه الحماقة
التي قد تقطع الطريق علي عودة العلاقات؟
هذا سؤال ساذج لا مكان له في عالم المصالح الدولية, فالكل يلعب مع الكل
ولحساب نفسه, مع الاصدقاء قبل الخصوم, مع الحلفاء قبل الأعداء..فعالم
المعلومات المخابراتية لا يعترف بأي مشاعر أو معاهدات أو اتفاقات علي
الإطلاق, فقط يعترف بالملفات, فكلما احتوت علي معلومات دقيقة وغزيرة كلما
أحسن صانعو القرار اتخاذه مع الجميع!
وفي حالة مصر..الكل يسأل: علي أي نحو سوف تستقر وفي أي أتجاه سوف تسير؟!
الإجابة: لا يجب أن يترك المصريون وحدهم لتحديد هذا المصير؟, ولا بد من
التدخل بطريقة أو بأخري حتي تستقر الأوضاع ونحن داخل المنظومة نحتل فيها
مربعا مهما.
لا فرق بين إيران وإسرائيل, بين أمريكا وألمانيا, ولا بين السعودية وتركيا.
وهذا ليس عيبا..هذا هو القانون في العالم اجمع..لكن علينا أن نفهم وأن ندرك, حتي لا نسقط في فخاخ الآخرين!
وطبعا قضية سيد قاسم حسيني أسهل في التشكيك من قضية إيلان تشايم, فالنظام
السابق لم يكن يميل إلي إيران, ولم يحاول بجدية إعادة العلاقات معها..فكان
من السهل أن تخرج الألسن منددة بأن القضية برمتها تلفيق في تلفيق من بقايا
النظام القديم وفلوله الهاربة إلي الجحور..
وعموما الجانب الإيراني غاضب من مصر, لماذا؟, لأن مصر لم تهرع إلي إعادة
العلاقات مع إيران, وأتصور أنها علاقات استراتيجية مهمة, واستمرار قطعها
خطيئة سياسية, لكن هذا أمر وما صنعه سيد قاسم حسيني أمر آخر..
فمصر رأت أن تؤجل النظر في عودة العلاقات مع إيران بضعة أشهر, تستقر فيها
البلاد والعباد, وينتخب مجلس شعب جديد يعرض عليه ملف العلاقات المصرية
الإيرانية, ومصر لم تكن تخترع جديدا, وإنما هي سارت علي نفس الدرب الذي
سارت عليه إيران بعد ثورتها, إذ عرض النظام الإيراني الجديد الذي حل محل
نظام الشاه علي برلمانه شكل العلاقات مع مصر, فأصر البرلمان الإيراني علي
قطع العلاقات كاملة مع مصر..وكان نبيل العربي هو المسئول وقتها عن هذا
الملف في الخارجية المصرية
وحين توصلت مصر إلي قرارها, أبلغت به القائم بالأعمال الإيراني..
لكن إيران لم يعجبها القرار المصري..
وكان الدبلوماسي الإيراني سيد قاسم قد وطد علاقاته مع عدد من المصريين
داخل مكتب وزير الخارجية المصري والمختصين بالشأن الإيراني ومكتب الأمين
العام للجامعة العربية, وقيادات ائتلاف الثورة, وشباب جماعة الإخوان
المسلمين, وكان سيد قاسم يبحث طوال الوقت عن معلومات عما يدور في مكتب
الوزير أو الأمين أو شيخ الأزهر, وتحركات وفود دول الخليج بالجامعة
العربية( المعادية لإيران) كما يصفها, وتحركات وأنشطة جماعة الاخوان في
المرحلة المقبلة ومدي تأثيرهم علي الشعب المصري, واختلافات شباب الأخوان مع
مكتب المرشد العام, وتحركات المعارضين الإيرانيين في البلاد, وبيانات
المصريين المتعاطفين مع إيران, اوالاتفاقات الخاصة بتصدير الغاز إلي
إسرائيل وخطوط نقله.
وبالطبع لم تكن مصر قادرة علي القبض علي سيد, فهو وفق معاهدة جنيف يتمتع
بحصانة دبلوماسية, وكل ما تقدر عليه السلطات المصرية هو إعلانها أنه بات
شخصا غير مرغوب فيه وعليه أن يغادر البلاد في أقرب فرصة.
وهذا ما حدث فعلا..
لكن المدهش أن إيران حرصت أن تقل الدبلوماسي المطرود المنسوب إليه أعمال
تجسس في مصر الطائرة نفسها التي أقلت الوفد المصري الشعبي الذي سافر إلي
إيران لتحسين العلاقات بين البلدين, والأكثر دهشة أن عضوا بالوفد راح إلي
الدبلوماسي الإيراني المطرود واعتذر له نيابة عن الشعب المصري كله, وقبل
رأسه, ثم تباهي بأنه فعل ما فعل..
وسؤالنا له: من الذي أعطاه تفويضا للحديث بالنيابة عن الشعب المصري؟
والمؤسف أن الوفد المصري لم يعترض علي تجاوزات الرئيس الإيراني احمدي نجاد
في حق الرئيس المصري السابق, فهل يجوز أن نسمح لأجنبي أن يسب مصريا بألفاظ
حادة؟!
نحن نسبه نشتمه نطالب بإسقاطه بمحاكمته, فهو مصري في الأول وفي الآخر, لكن أن يسبه رئيس دولة أجنبية أمامنا فهذا عيب كبير!
-3-
منذ الانفلات الأمني ومصر أشبه بساحة مفتوحة, دولة حرة, دعه يفعل دعه يمر,
وإذا كان البلطجية وهم في النهاية أفراد قد سودوا حياتنا وجعلونا نكاد
نيأس من المستقبل, فما بالك بالدول والمنظمات التي لها مصالح وتستطيع أن
تلعب داخل الوطن علي كيفها تحت غطاء هذا الانفلات الأمني المفزع؟!
طبعا..عصابات التهريب هي الأقدر علي استغلال مثل هذه الأوضاع, تهريب المخدرات وتهريب السلاح..
صحيح أن السلطات المصرية تمكنت من ضبط كميات كبيرة من الدخان الأزرق,
آخرها8 أطنان من الحشيش قادمة من المغرب عبر الحدود المفتوحة, خلاف كميات
الهيروين وهو الاخطر من الحشيش,.. واستطاعت أيضا أن تحبط عمليات تهريب سلاح
قادمة من ليبيا المنقسمة في حرب أهلية ومتجهة إلي قطاع غزة, أو ان تقبض
علي تشكيل مكون من مصريين وفلسطينيين يهربون السلاح الإسرائيلي عبر
الأنفاق, إلا أن كل هذه مجرد عينات لن تحد من الاخطار المحيطة بنا!
المدهش أن التشكيل العصابي المصري الفلسطيني ضبطت معه أشياء في غاية
الغرابة: منظار تليسكوب,12 واقي صدر, نظارتا ميدان, سيارة مرسيدس فان بني
اللون مسروقة لوحاتها ملاكي القاهرة:512764,, طبعا خلاف الهيروين والأسلحة
العادية المعروفة..
منتهي التسيب..
وقطعا أول من لهم مصلحة داخليا في الانفلات الأمني وأن تظل حالة الفوضي
ضاربة بأطنابها في جنبات المجتمع لمنع استقراره وعودة الهدوء إليه هم
المجرمون بكل أنواعهم, فالبيئة الأن مثالية, يتحركون بحرية, يعملون بحرية,
يخرجون علي القانون بحرية, فالدنيا عندهم في ثورة وهي نعمة يارب تدوم
علينا..
-4-
ثورة مصر ثورة عظيمة لن يخدش ثوبها الناصع لا أعمال المجرمين والبطجية ولا
أعمال الأعداء والمنافسين, لكن ينقصنا أن ننتبه, أن نضع عيوننا في وسط
رءوسنا, أن تشرئب أعناقنا بعيدا عن أقدامنا لنري الصورة الكبيرة علي
حقيقتها, أمامنا مهام صعبة, فنحن لم ننجز بعد ما خرجنا من أجله في25 يناير,
تخلصنا من أضعف المراكز في النظام القديم, نعم أضعف المراكز, حتي لو كان
منها رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيسا مجلسي الشعب والشوري, فالأهم هو
تغيير النظام نفسه, حتي لا يجلب لنا مستبدا آخر أو فاسدا آخر..
وهذه مهمة يريد كثيرون أن تفشل, لأنها لو تمت بنجاح ستنقلب حياتنا رأسا
علي عقب, وتعود مصر إلي مكانتها علي خريطة العالم, وهناك من لا يريد لنا
هذا الحلم, ويسعي بأقصي طاقاته إلي إدخالنا نفق الصراعات والفوضي ولا نخرج
منه..
قد يكون لنا ملاحظات علي أداء الحكومة, وقد يكون لنا ملاحظات علي أداء
المجلس العسكري..لكن هذه الحكومة منا, والمجلس العسكري هو الذي قاد الجيش
للوقوف في صفوفنا لا في صف الرئيس السابق وزبانيته, حتي تمكنا من خلعه..
نحن في مفترق طرق..ومفترق طرق يكثر فيه اللصوص والمجرمون.. فهل يمكن أن نعبره بسرعة وأمان دون أن يزرع أحد فتيل فتنة في حياتنا؟!
نعم.. نستطيع