الناس مما نظن. وهو يضع في طريقنا الكثير من الصعاب والعقبات فيحول دون أن
ندفع بأنفسنا إلى التحقق والنجاح. ويتحول الخوف من الفشل مع الأيام إلى
قناعة بان الفشل سيكون مصير كل محاولة نقوم بها. وبالتالي فان هذا الخوف
يمنع الناس من المحاولة حتى وان كانوا يعرفون أنهم قادرون على إتمام
المحاولة بنجاح.
ويتميز من يخافون من الفشل بأنهم يحاولون جهدهم لتجنب الفشل. فالإحساس
بالفشل موجود في أعماقهم. ولذلك تهدف محاولاتهم إلى تجنب الفشل وليس إلى
تحقيق النجاح. وهم لا يجازفون. بل يحرصون على البقاء داخل الدائرة التي
يشعرون فيها بالأمان. أما الأشخاص الذين لا يخافون من الفشل بشكل مبالغ فيه
فان الدافع وراء سعيهم هو رغبة أكيدة في تحقيق الفوز والنجاح. وبالتالي
فهم أكثر ميلا إلى المغامرة. وهم مستعدون للخروج من دائرة الأمان إذا دعت
الضرورة.
ومن يخافون من الفشل يسعون بكل طاقتهم للحفاظ على وضعهم القائم ولا يحاولون
تحسين هذا الوضع لان محاولة التحسين تتطلب المجازفة وهم غير قادرين على
المجازفة. ويؤدي ذلك إلى بقائهم في وضع متدن قد لا يتناسب مع إمكاناتهم
الحقيقية.
والخوف من الفشل يمنع الناس من العمل من اجل تحقيق هدف واضح لأنهم يحسون أن
خيبة الأمل الناجمة عن الفشل هي اكبر من لذة الفوز. ولذلك يتخذ من يخافون
من الفشل موقفا مفاده انه إذا لم يكن الوضع سيئا إلى حد اليأس فلا تحاول
إصلاحه.
ولكن من أين ينشأ الخوف من الفشل؟
يتولد الخوف من الفشل في أثناء الطفولة، من القصص التي يسمعها الطفل من
الآخرين او من الأفلام التي يشاهدها والتي تبالغ في تصوير عواقب ما يقوم به
المرء من عمل. وقد ينجم الخوف من الفشل من التحذير المغالى فيه من الأهل –
لا تقل ولا تفعل ولا تذهب ولا تصعد ولا تهبط ولا تغامر الخ ، وإذا فعلت
ذلك فانك ستواجه نتائج سيئة. وهذا من شأنه أن يجعل الطفل أكثر حذرا في
تفكيره وسلوكه. وهذا الحذر يؤدي إلى خوف من النتائج وخوف من الفشل.
وقد يؤدي الخوف من الفشل في حالات استثنائية إلى رغبة لا تقاوم في البقاء
في البيت بعيدا عن مواجهة الناس وشؤونهم.
كيف نعالج الخوف من الفشل أو نقلل من تأثيره؟
نتغلب على هذا النوع من الخوف بتقنية بسيطة تتمثل في السؤال عن أسوأ ما
يمكن أن يحدث لو فعلت شيئا معينا تخشى الفشل فيه. ثم اسأل عن الأسوأ بعد
ذلك. ثم الأسوأ. في اغلب الحالات ستجد أن أسوأ ما يمكن أن يحدث ليس سيئا
إلى درجة كبيرة. أو أن هذا الذي تخشى من أن يحدث لن يحدث على الإطلاق.
شيء آخر يمكن أن تفعله للتغلب على الخوف من الفشل وهو أن تفعل بشكل متعمد
ما تخشى أن تفشل فيه. والحقيقة أن الخوف من الفشل يغدو مع مرور الوقت عادة
في التفكير والسلوك، ويقع المرء ضحية لهذه العادة دون إدراك منه. والنقطة
المهمة هنا هي انه كلما استسلم المرء للخوف من الفشل ازدادت سيطرة الخوف
على تفكيره وسلوكه. وبالمقابل، كلما تمرد المرء على هذا الخوف ازداد قدرة
على كسر الحواجز والتغلب على العادة.