من الأمثال الشعبية التي يتداولها الجزائريون، ويسقطونها على واقع معين
قولهم "الطرشة وقالوا لها زغردي"، في إشارة إلى الفوضى التي قد تحدثها
دون أن تتأثر، بل وتظن في قرارة نفسها أنها ترسم البسمة على شفاه المحيطين بها.
هذا المثل ينطبق إلى حد بعيد على ما يمكن تسميته "ظاهرة" المُضربين
الذين يشلون مختلف الإدارات والقطاعات بين الفينة والأخرى، وحتى إن سلمنا أن
"الحق" معهم، فإن ما يزيد الأمر تأزما أنه خلال الأيام والساعات البيضاء
لهؤلاء، فالحد الأدنى للخدمات لا محل له من الإعراب لديهم، وإن أُعرب فسيكون
"حالا" طبعا ليس منصوبا، كما هو معلوم بالضرورة عند النحويين بل "ساكنا"...وهو
"حال" جل القطاعات.
من نتائج "الإدمان على الراحة"، الذي وجد فيه البعض متنفسا، أن
المواطن الذي يضع في برنامجه "مآرب" في الإدارات والمؤسسات صار يخلد
للنوم وهو "يسبح" باسم "الإضراب"، فيصاب بالأرق.. ومن سخرية الإضرابات
أن هناك فئة معينة تُقدم "قربانا" في كل مرة، فإذا أضرب الأطباء وشبه
الطبيون نال المرضى الجزاء أضعافا، وإذا "استراح" عمال البريد دخل أرباب
الأسر في دوامة "الديون"، وإذا توقف الأساتذة عن العمل خيم شبح السنة
البيضاء على التلاميذ، وإن احتج الناقلون كان هناك "حظر" تجول..وإذا قطع
المواطنون الطريق جاء المسؤولون يهرولون فزعا ..ومن الأمور المضحكة أن أحد الأطباء
المضربين قصد مركز البريد فوجد أبوابه موصدة..فقيل له على لسان الحال "ذُق..إنك
أنت "الحكيم".
هناك سؤال قد تبادر إلى ذهن الكثيرين، وهو أن هذه الظاهرة إلى زمن قريب
لم تكن بهذه "الكثافة"، فهل هي الجرأة التي تكون "أحداث" عابرة
قد صنعتها؟.. أم أنه مجرد دخان نارِ أوشكت على الأفول...وماذا لو وجهت
"عصا" الطاعة لهؤلاء وقيل لهم أضربتم..فاقعدوا ما القاعدين