والسؤال ماهو حصاد مشاركة جماعات الاسلام السياسى بشكل مشروع ومعلن خلال ما يقرب من عام ونصف من عمر الثورة بعد غياب سنوات طويلة ؟
الواقع وبدون تجنى هو كشف غالبية هذه القوى عن حقيقتها فاساءت الى نفسها ؛ وللاسف اساءت الى الاسلام العظيم والذى تتخذه شعارا لها؛ بعضها لعدم خبرته مثل السلفيين وبعضها لانه " يلعب بالبيضة والحجر " مثل الاخوان ؛ وبهذا تحولت جماعات الاسلام السياسى من " فزاعه " كان يستخدمها النظام البائد لتخويف المجتمع الى فزاعة حقيقية برغبة وتصرفات هذه الجماعات؛ وهكذا تحولت الثورة من التخلص من النظام البائد لتدخل فى دوامة تهديد التحول الديمقراطى
السلفيون كانوا اكثر وضوحا ؛ فاعلنوا عن مرشحيهم بالبرلمان والرئاسة على اساس دينى حتى لو كان من شروط تأسيس الاحزاب الدولة المدنية وعدم استخدام دور العبادة فى الدعاية الانتخابية ؛ وعندما وصلت تداعيات استبعاد مرشحهم للرئاسة حاصروا المحكمة بل وتورط بعضهم فى تصريحات معلنة عن الاستعداد للعنف
اما اصحاب " الثلاث ورقات " فقد اعلنوا عن جماعة للدعوة الدينية ؛ وحزب للتعبير السياسى ؛ومبادىء او شعارات من عينة مشاركة لا مغالبة
فظهر بوضوح ان الجماعة للتعبئة والحشد والتجييش باستغلال المشاعر الدينية من اجل تحقيق اهداف سياسية وفق شعار غير معلن اتخذوه منذ تأسيس الجماعة وهو " الصدر او القبر " اى السيطرة على كل مقدرات المشهد السياسى او الاختفاء ولو ادى ذلك لاستخدام العنف
وظهر الحزب وكذلك المبدأ على طريقة المثل الشعبى القائل " اسمع كلامك اصدقك . . اشوف امورك اتعجب " فنجد على مسرح الواقع الاتى
فى البداية طمأنوا المجتمع بالقول بخوض الانتخابات بمبدأ المشاركة لا المغالبة وبما لايزيد عن ثلث اعضاء البرلمان ودون ترشيح احدهم للرئاسة ؛ فاذا بهم يحصدون 48 % من اعضاء البرلمان و 58 % من اعضاء الشورى ؛ ويرشحوا اربعة للرئاسة - حسب شرعهم - وان كان بدرجات متفاوته ما بين علنى وعرفى ( ابو الفتوح يظهر وكأنهم يرفضوه ؛ والعوا وكأنه لايتبعهم ؛ ثم الشاطر بدعوى الرد على المجلس العسكرى لرفضه تشكليهم للوزارة ؛ ثم مرسى من باب الاحتياطى والتحدى ) ليتضح ان حقيقة المبدأ هو المكاذبة والمغالبة ومن صور هذا المشهد الاتى
- عندما تولى المجلس العسكرى المسئولية وقفوا من وراء ستار ودفعوا بالمستشار طارق البشرى ( مع تقديرى لشخصه وعلمه وثقافته ) وصبحى صالح ؛ وللاسف لم يجد العسكرى امامه قوى منظمة سواهم ؛ فالاحزاب والجماعات او الحركات المعروفة يبدو ان نظام مبارك كان قد اضعف معظمها بالفعل ؛ والشباب انطبق على معظمهم مقولة الجنزورى : ظللت اقابل ائتلافات طوال ايام ثم يعلن غيرهم ان من قابلتهم لا علاقة لهم بالثورة
- عندما اخذ المجلس العسكرى فى اعادة التوازن ؛كشروا عن انيابهم بل استنكروا تأييد الشيخ محمد حسان للمجلس بدعوى ان هذا لايجوز من داعية والحقيقة ان لا يجوز بدون رضائهم
- اظهروا للعامة انهم ضد اسرائيل ( وامها ) امريكا وفى الوقت ذاته نظموا رحلات مكوكية متبادلة مع الامريكان حتى تحول مكتب الارشاد الى البيت الابيض المصرى ؛ وبالتالى ضمنت امريكا مصالحها وطمأنة اسرائيل
- اعلنوا انهم ضد التيارات الناصرية واليسارية على طول الخط وتحالفوا مع فصائل منهم فى الانتخابات البرلمانية
- اعلنوا عن تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور بما يضمن تمثيلا لكل اطياف المجتمع ثم انتقوا اعضاء اللجنة ورفضوا تدخل المجلس الاستشارى فى اعمالها
- اعلنوا عدم تمسكهم بكافة السلطات ثم بعد سيطرتهم على البرلمان والشورى طالبوا باقالة حكومة الجنزورى وتشكيلهم لحكومة بديلة اضافة لطمعهم فى الرئاسة
- اعلنوا عن عدم العودة الى ظاهرة " زواج السلطة برأس المال " وهو ما اعلنه محمد مرسى فى لقائه باعضاء جمعية الاعمال المصرية البريطانية وفى الوقت نفسه رشحوا للرئاسة رجل الاعمال خيرت الشاطر
ووفقا لتوزيع هذه الادوار فى المسرحية اذا سألت احدهم عن اللعب بالثلاث ورقات اجاب : بان السياسة تطلب المرونة ؛ واذا تطلب الموقف اجابة عكس ذلك لقالوا على الفور : ان المبادىء لا تتجزا
انهم لن يكتفوا بالبرلمان او الشورى -وهو مجلس يستوجب الغائه - ولا بالحكومة ولا حتى بالرئاسة بل يسعون لرئاسة العالم تحت شعار اعلنوه منذ ايام انه لا تنازل عن مشروع عودة الخلافة ؛ واذا كان من حق اى فصيل ان يكون لديه طموحات بلا حدود الا ان هذا يستوجب الوضوح واحترا م الاخر لان فى حالة - تصور - الهيمنة على العالم وعودة الخلافة - سيكون الخليفة هو المرشد الذى وصف الصحفيين والاعلاميين بالسحرة واخوان الشياطين
ان المنهج الاسلامى فى حقيقته تقديم مصالح العباد وحسن المعاملة والشورى واعلاء العلم لصنع الحضارة ؛ بل ان نجاح النموذج التركى - الذى يتشدقون به - جاء لتركيزه على القيم ؛ ونجاح النموذج الماليزى جاء لدفع كل اطياف المجتمع فى المشاركة والعمل ؛ بينما اصبحنا نرى مصالح العباد هى مصالح الاخوان ؛ والصدق تعبير مطاطى ؛ والشورى حسب المقاس ؛ والسعى لمشاركة كل المجتمع لتأييد الاخوان
وبالتالى اصبحنا امام مسرحية عجيبة فاذا تم استبعاد احدهم على طريقة " روَح يا شاطر " فوجئنا بمسرحية " مرسى عايز كرسى "مع الاعتذار للفنان احمد بدير والمطرب شعبان عبد الرحيم والذى فضل مسرح عمرو موسى تاركا محمد نجم يردد مقولته الشهيرة شفيق ياراجل
ترى الى متى يستمر العرض ؟ ومتى يسدل الستار؟ ومتى نرى فن راقى يحترم المشاهد بعيدا عن الشعارت الدينية او اساتذة كلية الفلول الجميلة ؟