الضحك على الذقون
بقلم
رامى جلال عامر
عزيزى القارئ، إذا كنت ستقارن بين جلال عامر
وبينى فأنت تظلم العملاق الراحل، لأنك ببساطة تقارن بين أعلى قمم الجبال
لصاحبها «إفرست» وبين صخرة الملتقى لصاحبها إبراهيم ناجى! فهل هذا يليق!!
ونحن شعوب لا تحب التفكير عادة، فما بالك لو كان تفكيراً مركباً، فمن يحب
الأهلى يكره الزمالك، ومن يعشق محمد عبده يبتعد عن طلال مداح، ومن يسمع
عمرو دياب يسد أذنه عن تامر حسنى، وكأن ليلى مراد هى الوحيدة التى تحب
اتنين سوا.. وكان يحلو لتوماس أديسون الابن أن يقدم نفسه للناس على أنه
«أعظم اختراعات والده»!
فرامى هو تلميذ أبو رامى الذى
استثمر فيه كل ما يملك، وعلّمه منذ الصغر أن يقول «كن ابن من شئت، واكتسب
أدباً يغنيك محموده عن النسب» إن الفتى من قال ها أنا ذا ليس الفتى من قال
كان أبى».. والرجل ربى ابنه لا ليكون جلال عامر الثانى «لأن هذا مستحيل» بل
ليكون رامى جلال الأول «وهذا عادى»، وعموماً علينا السعى وليس علينا إدراك
النجاح، وكلمات الكاتب مثل بصمات أصابعه.. فتعالى خلّى نسيم الليل على
جناح الشوق يسرى، الهجر طال والصبر قليل والعمر أيامه بتجرى.. فنحن لا نعمل
ولا ننتج ونريد فقط أن نحصل على حكومة تشبه بقرة عملاقة، رأسها فى السماء
تأكل الهواء وتنتج لبناً للجالسين على الأرض! وانتقلنا مؤخراً من مرحلة «إنتاج الدولة» إلى
مرحلة «إنتاج دولة»، فنحن نمر- كالعادة- بمنعطف تاريخى تتكاثر فيه الدول
بالتبرعم «انظر ليبيا»، وبالانقسام «انظر السودان»، وبالتجدد «انظر اليمن»،
ويقولون إن كل هذا أرحم من التكاثر «العذرى» الذى تعيشه مصر الآن، فنحن
بحاجة ماسة إلى «راجل» بجد وليس عرائس ماريونيت، فلا تصدق أننا نريد أن
نزرع كل الأرض مقاومة، يكفى فقط أن نزرعها قمحاً، ولكن هذا ليس معناه أن
نقف لنغنى «اركع يا جميل فى الساحة واتمخطر كده بالراحة»، فقد قالوا لنا لن
نركع لغير الله، والآن عرفنا من يعبدون!!فنحن محصورون بين تيار يريد أن «يرضعنا»
«رضاعة الكبير» وآخر يريد أن «يركعنا» «الركوع للكبير»، وكله على حساب صاحب
المحل، وعلى رأى (مارتن لوثر) «لا يستطيع أحد ركوب ظهرك إلا إذا انحنيت»،
وأصلها قول «على بعجراجر» «إللى يركع ويعمل ضهره قنطرة يستاهل الدوس!»..
ولا تصدق أحد العاملين بإحدى القنوات الهلامية حين قال: «يكفينا فخراً أن
المتهمين الأمريكيين على ذمة قضية التمويل غادروا المطار مطأطئ الرأس
ومذلولين»!!! فالرجل لا يعرف أنهم كانوا ينظرون إلى
أحذيتهم ليتأكدوا أنهم نفضوا تراب هذا البلد عنهم، وإذا كان المتحدث مجنونا
فالمستمع عاقل! ولا أظنه حين قال هذا الكلام المضحك انتظر أن يقول له
أحدهم «ينصر دينك يا أستاذ خليفة!»، وبالمناسبة فإن نصرة دين الله لا تكون
بإطلاق اللحى كما يريد بعض السادة ضباط الشرطة أن يفعلوا، بل تكون بأمور
كثيرة ليس من بينها مخاصمة الحلاق! فنحن نريدهم أن يهتموا بالجوهر ولا
يطلقوا اللحى ولا يأخذوا الرشاوى ولا يمارسوا التعذيب، وهم لا يريدون أن
يفعلوا شيئاً إلا إطلاق اللحى، وكحل وسط يمكنهم إطلاق الرشاوى وأخذ التعذيب
وممارسة اللحى!! وهم متوقفون عن العمل لكن المرتب شغال، عملاً بمبدأ «من
دقنه وافتل له»!! والسماح لهؤلاء بذلك سينقل العدوى إلى مؤسسات
أكبر، ووقتها لن تكون سلمية سلمية، وأحداث الأمن المركزى لا تزال ماثلة
أمام الجميع.. وكما قال ابن الخطاب: «إذا أردا الله بقوم سوءاً منحهم الجدل
ومنعهم العمل».. فانتبه عزيزى القارئ فهؤلاء يريدون أن يسمعونا ضجيجاً بلا
طحين.. وإن كان حضرات السادة الضباط لن يستمعوا إلى «مارتن» أو «ابن
الخطاب» أو حتى «بعجراجر» فعليهم على الأقل أن يستمعوا لصوت العقل قبل أن
يسمعوا صوتاً قائلاً «إنى أرى ذقوناً قد أينعت وحان قطافها»، فيكتشفوا أنه
«الحلاق بن يوسف الثقفى»