وكما يقول امير الشعراء فى مجنون ليلى: جئت توقد ناراً .. ام تشعل البيت ناراً ؟!
يعتقد البعض ان " مولد " الانتخابات حقق نجاحاً باهراً بما حدث به من نزاهه انتخابيه واختفاء التزوير , وتراجع التجاوزات الى نسب هامشيه وضئيله , وتأمين اللجان , وعدم وقوع حوادث وانهار دم كما كان متوقعاً وشائعاً , وهو مايستحق عليه التهنئه والاشاده - بحق - المجلس العسكرى والامن والقضاه الى اخر قائمه الكابتن لطيف رحمه الله خاصه لما صار متوقعاً من تحقيق نفس النجاح حتى نهاية الانتخابات
الا ان هذا النجاح - فى تقديرنا - لايمثل سوى الاطار الخارجى او " البرواز " المحيط بالنتائج الحقيقيه للعمليه الانتخابيه , بينما الاستقراء الحقيقى يثير المخاوف
فالواقع او " المسكوت عنه " وماينذر بالخطر هو تحول البرلمان القادم الى جماعات دينيه وهو ماكان واضحاً قبيل الانتخابات , سواء اسلاميه بدايه من الدعوه فى المساجد بأنتخاب من يتق الله , وهى دعوه ظاهرها مجرد الحث على المشاركه الانتخابيه واختيار الاصلح بينما المقصود بمن يتق الله هو الاخوان والسلفيين او الحريه والعداله والنور دون غيرهما حتى لو كان اى حزب يعلن انه ينتهج روح مبادىء الشريعه الاسلاميه .. ولذا لم يكن غريباً ان تدعو بعض الكنائس الى انتخابات حزب " ساويرس " او قوائم الكتله المصريه والمصريين الاحرار
وعليه سوف تتوارى البرامج الحقيقه فى البرلمان رغم الزعم بأن البرامج الحزبيه وراء تخصيص نسبه ثلثى اعضاء البرلمان للأنتخاب بنظام القوائم بدعوى تشجيع انتخاب برامج اكثر من اشخاص , وهو ماسقط منذ بدايه التحالفات المتعارضه لبرامجها مثل تحالف حزب الكرامه الناصرى الاقرب لليسار مع الاخوان - على سبيل المثال - وهو مايمثل تعارضاً ايدلوجياً واضحاً , ونفس الامر فى تحالف فلول النظام السابق مع الوفد وبعض الاحزاب الهامشيه .. وكلها لايجمع بينهما سوى الانتهازيه السياسيه حتى لو حاول البعض تبرير التحالفات بتعبيرات فى حقيقتها ممجوجه وانتهازية سياسية
ونتيجه لهذا من المتوقع ان تتوارى البرامج الاقتصاديه الطموحه للنهوض بالوطن داخل البرلمان , وتتحول الاولويات الى ايدولجويات والى استعراض للتمسك بالمظاهر الدينيه , وتتسابق دعاوى اغلاق محلات الخمور وتحريم التماثيل - الاثار - والتفتيش بين سطور الكتب , وعليه يتم استبدال الاوليات فى وطن يتهاوى اقتصادياً وتنتشر البطاله ويهدده مخاطر خارجيه الى معارك من اجل كسب ود العامه لأنتخابات قادمه
ولاتيوقف الخطر عند هذا الحد , فقد يرى كثير من ثوار التحرير ان المجلس لايعبر عنهم رغم انهم السبب الحقيقى فى الايتاء به , وانهم اصحاب السبق حيث لم يشارك حزب النور فى الثورة بل كان يكفر الخروج على الحاكم , وحتى الاخوان لم يشاركوا فى بدايه الثورة سوى كأفراد وبعدها كانوا اول من قفزوا على المنصه , وكانوا يتوجهوا الى الميدان فى المليونيات المختلفه حسب " بوصله " المصالح , وقد سقط فى الانتخابات الكثير من رموز الثورة امام الاخوان والسلفيين وابرز مثال سقوط جورج اسحاق القائد المعروف فى حركه كفايه والذى شارك فى بذور الثورة منذ سنوات الى ان نجحت الثورة وتحمل المخاطر ليفوز بدلاً منه الشيخ - الدكتور - اكرم الشاعر الذى ربما لم يسمع عن الثورة الا بعد نجاحها بشهور , وقس على ذلك جميله اسماعيل وغيرهما
وبالتالى يمكن ان يحدث الصدام بين البرلمان وثوار التحرير , بل يمكن ان يحدث الصدام بين البرلمان والمجلس العسكرى اذا ماحدث الاستعلاء المعروف عن الاخوان خاصه انهم جاءوا بالانتخاب , كما يمكن ان يحدث صدام مع شرائح كبيرة من الرأى العام والتى ترفض هذا النهج
كما ان هناك مخاطر خارجيه فالسؤال المطروح كيف تظل امريكا والغرب فى موقف المتفرج من فوز التيارات الاسلاميه من المغرب حتى سوريا بالاضافه لوجود دول اسلاميه من الاصل مثل السعوديه بينما يتم الرفض ليهوديه اسرائيل ؟
فى كل الاحوال اذا حدث هذا الصدام فأن البرلمان القادم سوف ينطبق عليه قول امير الشعراء " فى مجنون ليلى " :
جئت توقد ناراً .. ام تشعل البيت ناراً ؟!