وقدم ولد عبد العزيز بمناسبة الذكرى الثانية لتنصيبه رئيسا للبلاد صورة وردية للسنتين الماضيتين من حكمه، خلافا لما تذهب إليه المعارضة، في حين انقسم الشارع مثلما انقسم عشية الانقلاب بين داعم ورافض.
وقال ولد عبد العزيز إن نظامه قطع أشواطا كبيرة خلال تلك السنتين في إرساء دولة القانون وتحقيق الشفافية ومحاربة الفساد ومكافحة الإرهاب، حيث لا وجه للمقارنة بين ما عليه الوضع حاليا من خبرات وتدريب وتوفر للوسائل وبين ما كان عليه الأمر في السابق.
وبخصوص وضع الاقتصاد نفى بشدة أن يكون هناك ركود اقتصادي، وقال إن الخزينة العامة تتوفر اليوم على رصيد يزيد على 37 مليار أوقية (أكثر من 134 مليون دولار ) بدلا من نحو أربعة مليارات في السابق، في حين يصل رصيد البلاد من العملة الصعبة 511 مليون دولار دون حسابات النفط، مقارنة بـ165 مليونا حين استلامه للسلطة.
وتباهى ولد عبد العزيز بما حققه في مجالات اجتماعية عدة من توزيع للأراضي على الفقراء، وإقامة البنى وتشييد الطرق، وأشار إلى أنه في الوقت الحالي يقوم بإنجاز 110 مشاريع ستساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية، ووقف نزيف المال العام، وقطع دابر الفساد والمحسوبية.
شعارات تبخرت
ومع بداية حكمه رفع ولد العزيز شعارات محاربة الفساد وإقصاء الفاسدين، والانحياز إلى الطبقات الفقيرة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، ولكن كثيرين في موريتانيا وخصوصا من المعارضين يرون أن تلك الشعارات تبخرت مع مرور الوقت.
فقد ارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية بأكثر من 20% خلال الفترة الماضية، وسجلت أسعار الوقود أكثر من عشرين زيادة في العامين المنصرمين، وازدادت طوابير العاطلين عن العمل، وعمت الاحتجاجات الاجتماعية أجزاء كبيرة من البلاد.
وردا على ذلك يقول الرئيس الموريتاني إن البلاد تستورد أكثر من 70% من حاجاتها الأساسية من الخارج، ولكن الحكومة مع ذلك تخفض أسعار المواد الغذائية وتدعم أسعار المحروقات بنحو 12 مليار أوقية سنويا.
تدمير البلاد
ورغم الصورة الوردية التي قدمها في معرض تقييمه لفترة حكمه فإن أحزاب المعارضة ترى الأمر معاكسا تماما، حيث اعتبر حزب تكتل القوى الديمقراطية المعارض أن نظام ولد عبد العزيز ركز خلال الفترة الماضية على "السمسرة والرشوة والنهب الرهيب الذي تجاوز نهب الممتلكات العامة إلى نهب ثروات البلد المتجددة وغير المتجددة، إلى درجة استئصالها وتدميرها".
وحسب بيان أصدره الحزب تقييما لأوضاع البلد، فإن الوضع تميّز سياسيا بالانسداد والانفراد بالسلطة، وأمنيا بخوض حرب بالوكالة خارج الحدود، واجتماعيا بالغبن والفساد.
ويعتبر محمد المصطفى ولد بدر الدين نائب رئيس حزب اتحاد قوى التقدم المعارض في تصريح للجزيرة نت أن أكبر إخفاقات نظام ولد عبد العزيز في سنتيه الماضيتين، هو فشله في تسيير البلاد بطريقة ديمقراطية، وكل الإخفاقات الأخرى هي فرع عن الأصل.
سياسة دعائية
ويشير النائب المعارض والمقرر العام لميزانية الدولة بالبرلمان الموريتاني السالك ولد سيدي محمود إلى أن سياسة النظام سارت في الفترة الماضية على خطى عرجاء خدمة لمصالح دوائر قريبة من رأس النظام، وبعيدا عن المصالح العامة.
ويقول في حديث للجزيرة نت إن الدولة تفقد الآن البوصلة الهادية، فقد تخلت اقتصاديا عن نظام السوق وبقيت دون خيارات واضحة، مع العودة إلى أدلجة الاقتصاد والتركيز فيه على الأبعاد السياسية والدعائية، وهو ما يتمثل في إنشاء شركات جديدة للطيران والنقل والتأمين بعدما أفلست شركات مماثلة تابعة للدولة.
وفي المجال العسكري يعتقد بأن دخول البلاد في حرب بالوكالة خارج الحدود ضد عدو وهمي سيؤدي مستقبلا إلى نتائج كارثية، خصوصا مع ما يجري داخليا من تصفية للحسابات وإفراغ للإدارة من الكفاءات.