في تطور سياسي متصل دعت الخارجية الروسية المجتمع الدولي إلى إقناع المعارضة السورية ببدء حوار بناء وشامل مع السلطات، وطالبت دمشق بوقف العنف ومواصلة إجراء إصلاحات عميقة.
ورفض أوغلو في مؤتمر صحفي عقده في أنقرة عقب عودته من دمشق مساء اليوم الخوض في تفاصيل محادثاته مع الأسد وما تم الاتفاق عليه بين الجانبين، لكنه أشار إلى أن النقاش كان مفصلا ودقيقا في كل شيء، وشدد أوغلو على أن مسار المرحلة المقبلة في سوريا مرهون بالخطوات التي ستتخذ في الأيام المقبلة وليس الأشهر، ووصف الأيام المقبلة بالحرجة.
وفي هذا السياق أشار إلى أن من المهم عدم مواجهة الشعب مع الجيش وعدم تكرار ما حدث في مدينة حماة.
كما أكد أوغلو على ضرورة أن تعكس تلك الخطوات إرادة الشعب السوري، مشيرا إلى أنه أوصل إلى القيادة السورية رسائل تركية فقط من رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان والرئيس عبد الله غل، ونفى نقل أي رسائل أخرى إلى دمشق.
مقابل ما تحدث به أوغلو قال الرئيس السوري بشار الأسد لوزير خارجية تركيا إن بلاده لن تتهاون في ملاحقة ما سماها الجماعات الإرهابية المسلحة، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
وذكرت وكالة سانا أن الأسد أبلغ أوغلو أن "سوريا لن تتهاون في ملاحقة المجموعات الإرهابية المسلحة من أجل حماية استقرار الوطن وأمن المواطنين، لكنها مصممة أيضا على استكمال خطوات الإصلاح الشامل التي تقوم بها، وهي منفتحة على أي مساعدة تقدمها الدول الشقيقة والصديقة على هذا الصعيد".
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصادر سورية أن الأسد عقد ثلاثة اجتماعات مع أوغلو، أحدها مغلق واثنان موسعان بحضور وفدي البلدين، واستمرت الاجتماعات ست ساعات. وقد أكد أوغلو أن اجتماعه المغلق مع الأسد استمر ثلاث ساعات.
وتأتي محادثات أوغلو مع الأسد دمشق في محاولة تركية لإقناع القيادة السورية بكبح جماح استخدامهم للقوة العسكرية ضد المتظاهرين المدنيين المؤيدين للديمقراطية.
وكان رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان قد أعلن قبل أيام أن صبره نفد إزاء ما يجري في سوريا، وأنه سيبعث برسالة حازمة إلى القيادة السورية. لكن مستشارة للأسد ردت على ذلك بأن بلادها ترفض التدخل في شؤونها الداخلية، وانتقدت تركيا لتجاهلها دور الجماعات المسلحة التي تقول دمشق إنها وراء الاضطرابات.
ويلتقي اليوم في دمشق كذلك وفد يضم مبعوثي الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا مسؤولين سوريين رفيعين بينهم وزير الخارجية وليد المعلم للحث على "ضبط النفس" ونهْج الإصلاح، كما قال مندوب الهند لدى الأمم المتحدة هارديب سينغ بوري.
ورفضت هذه الدول لأسابيع -أسوة بالصين وروسيا- التصويت لمشروع قرار أوروبي يطلب إدانة دمشق، وانتهت المشاورات في مجلس الأمن ببيان رئاسي غير ملزم.
موقف روسي
من جانبها دعت روسيا اليوم سوريا إلى وقف العنف وإجراء إصلاحات سياسية واجتماعية واسعة النطاق. وقال بيان أصدرته الخارجية الروسية عقب لقاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره السوري وليد المعلم في موسكو إن الجانب الروسي أكد على ضرورة إجراء حوار سوري بناء وشامل من أجل تسوية الوضع سلميا من قبل السوريين أنفسهم ودون أي تدخل خارجي.
وقال البيان إن لافروف لفت انتباه نظيره السوري إلى تصريحات الرئيس ديمتري مدفيديف التي قال فيها إن موسكو قد تغير موقفها تجاه دمشق في حال فشل الرئيس السوري في إقامة حوار مع المعارضة.
وأعربت الخارجية الروسية في بيانها عن الأمل بأن تستجيب المعارضة السورية لدعوات إقامة الحوار مع الحكومة "وتبتعد عن المسلحين والمتطرفين الذين يهدفون إلى تصعيد التوتر وتكرار السيناريو الليبي".
كما دعت إلى تأمين الانفتاح الإعلامي لكي تتمكن الأسرة الدولية من الاطلاع على كامل صورة ما يجري في سوريا.
الردود العربية
في غضون ذلك قال وزير الدولة الأردني لشؤون الإعلام الناطق باسم الحكومة عبد الله أبو رمان إن الأردن لن يستدعي سفيره بسوريا أسوة بما فعلته السعودية والكويت والبحرين ومن قبلها قطر.
ونقل مراسل الجزيرة نت في عمان محمد النجار عن أبو رمان في مؤتمر صحفي عقده الثلاثاء أن الموقف الأردني من سوريا لم يتغير وأن الأردن قيادة وشعبا يتمنى الاستقرار لسوريا. وقد جاء موقف الوزير الأردني بعد يوم من تعبير وزير الخارجية ناصر جودة عن قلق الأردن من الأحداث الدامية في سوريا.
وقد رحب وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ بإدانة دول عربية وتركيا لأفعال النظام السوري، وشجب العنف ضد المواطنين في مدينتي حماة ودير الزور.
وقال هيغ الثلاثاء إنه يدين العنف ضد المواطنين السوريين في حماة ودير الزور وغيرهما من المدن، والذي ليس هناك أي مؤشر على انتهائه.
وتابع هيغ قائلا إن هذه الوحشية تكشف أن مزاعم النظام بالتزامه بعملية الإصلاح ما هي إلا هراء، مدينا اعتقال الناشط وليد البني وابنيه، واعتبر أن الأمر يظهر استخفاف النظام بأي حوار مجد، وطالب السلطات السورية بالإفراج عنهم فورا.
وقال "يجب ألا نقف متفرجين بينما يسقط المئات من المواطنين قتلى ويتعرض آلاف آخرون للاعتقال والتعذيب".