عبد الرحمن سعد-القاهرةوسط جدل محتدم دافع إسلاميون عن اللافتات الإسلامية التي غلبت على ميدان التحرير في مليونية جمعة "الإرادة الشعبية" يوم 29 يوليو/تموز الحالي، في حين قال معارضون إن إبرازهابتلك الكثافة يمثل نقضا لاتفاق بين الليبراليين والإسلاميين على المطالب.
وكانت المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية من أبرز الشعارات التي رفعت في تلك المليونية التي شاركت فيها جماعة الإخوان المسلمين وجماعات سلفية, وائتلافات شبابية, وقوى ليبرالية.
وقد امتلأت جنبات ميدان التحرير بلافتات "الشعب يريد تطبيق شرع الله" و"إسلامية.. إسلامية..برغم أنف العلمانية"، و"معا لتطبيق شرع الله"، و"إسلامية.. لا علمانية ولا بلطجية"، و"الشعب يريد دولة إسلامية"، و"حي على الشريعة"، و"إن الحكم إلا لله"، و"نرفض المبادئ الحاكمة للدستور.. القرآن هو الدستور"، علاوة على عشرات الآيات القرآنية من مثل "أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُون".
وارتفعت في الميدان أعلام سود وخضر عليها شهادة التوحيد وسط هتافات تنادي بـ"مصر دولة إسلامية", وهو ما دفع قوى شبابية وسياسية ليبرالية إلى الانسحاب من الميدان.
اتهام للإسلاميين
واعتبر العضو في حركة 6 أبريل محمد عبد الناصر أن ما حدث الجمعة كان "غزوا" من السلفيين والإخوان للميدان، معتبرا مطالبهم التفافا على إرادة الشعب.
وقال للجزيرة نت "اتفقنا معهم على توحيد المطالب، وأن تكون الأولوية للقصاص للشهداء، وتعجيل المحاكمات، لكنهم لم يحترموا الاتفاق، بل تعرضنا للإهانة عندما دعوا لتطهير ميدان التحرير من العلمانيين".
واتفق معه معتصمون آخرون منهم جهاد أمير, قائلين إن الإسلاميين لا يحترمون الرأي الآخر ويتبعون مبدأ "من ليس معنا فهو ضدنا".
خلاف على الشعارات
وتبنى عضو "جبهة الإرادة الشعبية" و"الائتلاف الإسلامي الحر" علي شبانة ذلك الاتهام, قائلا إنه تم الاتفاق خلال اجتماعات بالميدان على أن تكون الجمعة الماضية جمعة الإرادة الشعبية ووحدة الصف, لا جمعة تطبيق الشريعة أو الهوية الإسلامية.
وقال إنه جرى الاتفاق أيضا على المطالب الرئيسية التي سترفع كتطهير المؤسسات من رموز النظام السابق، وتسريع المحاكمات، وعدم فرض وصاية على الشعب من خلال وثيقة لا يختار من يكتبها، مضيفا أن البعض حوّلها إلى جمعة مطالب إسلامية.
لكن العضو في فرع الإخوان المسلمين بالمنصورة إسلام ماهر أكد أن رفع مطالب إسلامية كان بإرادة شعبية وليس باختيار الإسلاميين بدليل الأعداد الضخمة التي شاركت فيها، متهما الليبراليين بأنهم هم من خرجوا على الإجماع الوطني في جمعة "الدستور أولا"، ثم بمطلب الوثيقة الحاكمة، وكلاهما مرفوض شعبيا، حسب تعبيره.
وأضاف أن المليونية الأخيرة رسالة للمجلس العسكري بمدى "إسلامية الشعب"، مرجعا اتهامات الليبراليين واليساريين إلى أن المليونية الأخيرة كشفت عن حجمهم الحقيقي في الشارع.
أما إبراهيم سيد أحمد, الذي يتعاطف مع السلفيين, فرأى أن المليونية كانت ناجحة لأن الشعب شارك فيها بإيجابية, بينما رأى متظاهر آخر هو عمرو أمين أن رفع شعارات إسلامية نتيجة لاستفزاز العلمانيين للإسلاميين.
الحوار والوحدة
ورغم الجدل الذي ثار خلال وبعد مليونية الجمعة الماضية, فإن كثيرين من مختلف التيارات يشددون على ضرورة الحوار وتوحيد مطالب الثورة.
وتقول سارة, التي تصف نفسها بالليبرالية, إنها فوجئت بالعدد المهول من الإسلاميين، معتبرة أنه كان على الليبراليين والعلمانيين أن يشاركوا بكثافة ليبرزوا تنوع الشعب بدلا من أن يهيمن الإسلاميون على الميدان.
لكنها قالت للجزيرة نت إنها استمتعت بالحوارات مع شباب الإخوان والسلفيين مما يعكس تحضر الشعب المصري.
وطالبت بتغيير الصورة النمطية لدى كل طرف عن الآخر, مبدية تفاؤلها رغم العنف اللفظي الذي يسود تلك الحوارات أحيانا.
وشددت على أنه لا يجوز التخوين، واقترحت بدء حوار من خارج الميدان بين قادة من جميع الاتجاهات لتحديد جدول زمني سياسي يلزم السلطة القائمة بتنفيذ مطالب الثورة.
ويؤيدها في ذلك عضو ائتلاف "ثورة اللوتس" كريم الجرواني بدعوته إلى مبادرة لتوحيد صفوف الثوار، والاتفاق على المطالب، ووضع آلية لتنفيذها.
وكان عدد من ممثلي القوى الليبرالية والشبابية أعلنوا انسحابهم من المليونية احتجاجا على اللافتات الإسلامية. وهتفوا "مدنية مدنية.. ثورتنا ثورة شعبية.. عاوزينها دولة مدنية".