في مقبرة بوتوكاري التذكارية قرب المدينة الثكلى، حيث القى بكر عزت بيغوفيتش، العضو المسلم في المجلس الرئاسي الثلاثي للبوسنة كلمة قال فيها "لا توجد كلمات لوصف هذا الشر المجنون الذي لا يحتمل اي تفسير، وكراهية بلا حدود تجاه اشخاص كل ذنبهم انهم مسلمون".
وقال عزت بيغوفيتش قبل دفن رفات 613 من ضحايا المجزرة الذين عثر على رفاتهم في مقابر جماعية وتم تحديد هوياتهم قبل سنة، "قد تندمل الجروح بمرور الوقت، ولكن ليس جرح سريبرينيتسا".
ودفنت في الموقع من قبل رفات 4524 من الضحايا الذي قتلوا في تموز/يوليو 1995 خلال بضعة ايام في ابشع عملية قتل جماعي في اوروبا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
وقال عزت بيغوفيتش ان البلقان بات لديها قادة "مستعدون لمواجهة الماضي"، مرحبا بوفاء الرئيس الصربي بوريس تاديتش بوعده بتوقيف راتكو ملاديتش الزعيم العسكري لصرب البوسنة انذاك. وسيمثل ملاديتش امام محكمة الجزاء الدولية لمحاكمته بتهمة الابادة.
وقال رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون في بيان نشرته سفارة بلاده في ساراييفو، "رغم ان المحاكمة لن تعوض الحداد الذي لا يزالون يعيشونه لما فقدوه، آمل ان يمثل توقيف ملاديتش منعطفا لكل دول غرب البلقان وبداية صفحة جديدة من التعاون والانسجام والتقدم".
وقال الرئيس الكرواتي ايفو جوزيبوفيتش "قبل 16 عاما، ارتكبت ابادة في سريبرينيتسا (..) جريمة لم تكن اوروبا تظن انها يمكن ان تحدث فوق ارضها" بعد فظاعات الحرب العالمية الثانية.
وحذر السفير الاميركي في ساراييفو باتريك مون من اي محاولة لانكار المجزرة وسعتها في اشارة الى سعي بعض المسؤولين الصرب البوسنيين بالتشكيك باستعمال كلمة ابادة لوصف ما حصل.
وقال "في كل مرة ينكرون ما حصل، يعيقون التقدم نحو العدالة والصفح والمصالحة".
وتجول اهالي الضحايا واقرباؤهم بين شواهد القبور البيضاء في بوتوكاري بحثا عن امواتهم للصلاة عليهم.
وجثا البعض امام قبر مفتوح وبكوا وايديهم مرفوعة الى السماء.
وقال احمد سيهيتش (26 عاما) انه جاء ليدفن رفات والده الذي قتل مع اثنين من اعمامه اثناء محاولتهم الهرب في الغابات الى الاراضي التي يسيطر عليها المسلمون.
وقال لوكالة فرانس برس "آمل في ان يكون الامر اسهل بالنسبة الي الان، انا الان اعرف اين هو وساتمكن من زيارة قبره".
واحياء ذكرى المجزرة التي وقعت في 11 تموز/يوليو تاتي بعد اسابيع على اعتقال راتكو ملاديتش في صربيا.
ونقل ملاديتش الى سجن محكمة الجزاء الدولية الخاصة في يوغوسلافيا السابقة حيث ينتظر بدء محاكمته بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وابادة.
وراتكو ملاديتش الذي كان فارا منذ 16 عاما، ورادوفان كرادجيتش الزعيم السياسي السابق لصرب البوسنة الذي اوقف عام 2008، ابرز المسؤولين عن المجزرة التي اعتبرتها الهيئات القضائية الدولية ابادة.
وكان ملاديتش زار سريبرينيتسا مباشرة بعد سقوط المدينة التي كانت خاضعة لحماية الامم المتحدة ووعد اللاجئين الذين تجمعوا امام ثكنات الامم المتحدة بالقول "لا تخافوا، لن يؤذيكم احد".
وكانت قواته بدأت فصل الرجال عن النساء والاطفال والمسنين، ثم بعد ايام قامت بقتل حوالى ثمانية الاف رجل عشوائيا. وقد دفنوا في مقابر جماعية تم نبشها لاحقا وتوزيع الرفات على مقابر اخرى اصغر مشتتة من اجل اخفاء حجم المجزرة.
ويتذكر احمد الذي كان عمره عشر سنوات انذاك انه كان مع والدته بين اللاجئين في بوتوكاري وقد رأى ملاديتش.
وقد رفض ملاديتش التهم الموجهة ضده وقال امام المحكمة انه كان انذاك "يدافع عن بلاده". وتابع احمد "انا مسرور لاعتقاله لكن للاسف لقد مر وقت طويل، ويمكن ان يموت قبل ان تنتهي محاكمته".
وكان بكر عزت بيغوفيتش اعلن السبت ان "سريبرينيتسا تعتبر الجرح الاعمق لمسلمي البوسنة. انها وصمة سوداء على ضمير المجموعة الدولية ووصمة سوداء على ضمير هؤلاء الذين ارتكبوا هذه الجريمة".