السياسي والمبادرة الخليجية التي لم تحقق برأي الثوار سوى توفير الفرصة للنظام ليلتقط أنفاسه ويعيد ترتيب أوراقه وبناء علاقاته الداخلية والخارجية.
ويرى الثوار أن النخبة الحاكمة تعتمد حاليا على سياسة كسب الوقت ووضع العراقيل والصعوبات أمام الحلول التوافقية، على أمل عودة الرئيس علي عبد الله صالح مجددا إلى المشهد السياسي، فوجوده في الصورة حتى وإن كان وضعه الصحي لا يسمح له بممارسة مهامه، يكسبها قوة إضافية تسهل لها الصمود، مؤكدين أن أحزاب المعارضة ساهمت وما تزال في توفير ذلك الوقت المطلوب.
وأظهر استطلاع للرأي، أجري في خمس محافظات رئيسية تركزت فيها الاحتجاجات هي صنعاء وتعز وعدن وإب والحديدة، أن ثقة 88% من شباب الثورة المعتصمين في الساحات والمنتمين حزبيا ضعفت بالأحزاب السياسية.
وأوضح الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة تمكين الشباب -وهي جهة بحثية تختص بقضايا الشباب- أن 73% من المعتصمين يرون أن المعارضة لم تستطع أن تتبنى مطالب الثورة أو تدافع عنها، مرجعين ذلك لأسباب تتعلق بطريقة اتخاذ القرار داخل أحزاب المعارضة وإدارتها للثورة بأسلوب الأزمة السياسية، مع تعمد إقصائهم واستغلالهم كورقة ضغط ليس أكثر.
تغييب الثورة
وفي السياق، يرى عضو اللجنة التنظيمية لشباب الثورة خالد الآنسي أن الثورة تعرضت للاختطاف من قبل أحزاب المعارضة مثل ما تعرضت السلطة للاغتصاب من قبل عائلة صالح، مؤكدا أن سيطرة الأحزاب على القرار الثوري أدت إلى اختزال الثورة في تسميات تُطلق كل جمعة بدون أي فعل ثوري حقيقي يهدف إلى إسقاط النظام.
وأضاف الآنسي أن الأحزاب نكثت بوعدها بأنها تسير خلف الثوار لا أمامهم، وعمدت إلى السيطرة على القرار الثوري وجعلته مرتهنا بالأداء السياسي، بحيث صار الفعل الثوري يتعطل كلما تحركت المبادرة الخليجية ويتحرك كلما تعطلت تلك المبادرة.
وأكد أنه منذ مغادرة صالح اليمن إلى السعودية لمعالجته من إصابات إثر محاولة اغتياله الفاشلة، طالب الثوار أحزاب المعارضة -كونها تمثل الرافعة السياسية للثورة- بتشكيل مجلس انتقالي يعمل على سد الفراغ الدستوري الحاصل، ولكنها لم تتعامل بجدية مع هذا المطلب وظلت تماطل في تشكيل المجلس حتى الآن.
وشدد الآنسي في حديثه للجزيرة نت على أنه لا يمكن تصور فعل ثوري دون مؤسسة تُنقل لها السلطة بعد سقوط النظام، فالثورة كي تنتصر تحتاج إلى مجلس انتقالي أو رئاسي يتسلم السلطة، موضحا أن المعارضة لم تشكل المجلس الانتقالي ولم تقدم أي بديل آخر.
ولفت إلى أن شباب الثورة ليسوا ضد الحزبية أو الأحزاب فهم يؤمنون بالدولة المدنية التي تقوم على الحياة السياسية والعمل الحزبي، مؤكدا أن سلوك الأحزاب لمسار الحل السياسي مع نظام مستميت بالتمسك بالسلطة زاد من معاناة اليمنيين وكاد مع طول فترة الثورة وتفاقم الوضع الاقتصادي أن يحول سخط المواطنين على النظام إلى سخط ضد الثورة.
تبرير الأحزاب
من جهتها، بررت أحزاب المعارضة تأخرها في تشكيل الانتقالي إلى صعوبات كثيرة ينبغي التغلب عليها قبل الإعلان عن المجلس.
وأوضحت أن الرفض الإقليمي والدولي للمجلس، إضافة إلى المخاطر المحتملة لاعتقال أعضاء المجلس أو تصفيتهم وصعوبة تمثيل كل قوى المعارضة بالداخل والخارج، والسعي لتوفير الموارد المالية اللازمة لتسيير شؤون المناطق التي ستقع تحت سيطرة المجلس، هي الأسباب التي أخرت تشكيله حتى الآن.
وأوضح رئيس الدائرة السياسية في حزب الإصلاح المعارض وعضو اللجنة التنفيذية في اللقاء المشترك الدكتور سعيد شمسان أن طول فترة الأزمة لا تتحمل تبعاته المعارضة.
وأشار إلى أن النظام بتعنته وإصراره المستميت على التمسك بالسلطة وسعيه لافتعال الأزمات يتحمل كامل المسؤولية، مؤكدا أن المعارضة كانت وما تزال حريصة على عدم الانجرار وراء مخطط النظام الرامي لإشعال حرب أهلية.
وأضاف شمسان في حديثه للجزيرة نت أن اللقاء المشترك وحلفاءه في المعارضة يسعون بكل جدية لتشكيل الانتقالي، مشيرا إلى وجود تواصل وحوار مستمر مع كل المكونات الثورية من أحزاب سياسية وشباب وقوى الجيش المنظم للثورة والقبائل بالإضافة إلى الحوثيين ومعارضة الخارج لتشكيل المجلس بأسرع وقت ممكن.