بمبارك.
وتشير الصحيفة إلى أنه للوهلة الأولى، يبدو أن عمرو موسى لديه أمل ضئيل فى انتخابات الرئاسة القادمة فى مصر التى تعد أول سباق حر بشكل حقيقى فى التاريخ الحديث على هذا المنصب. فرغم وفرة عدد المرشيحين لقيادة البلاد، إلا أنه لا يوجد أحد منهم كان على صلة وثيقة بنظام حسنى مبارك المستبد والمكروه أكثر من موسى من خلال عمله كوزير للخارجية ثم أميناً عاماً لجامعة الدول العربية.
ورغم ذلك، فإنه لا يوجد من هو أوفر حظاً فى الانتخابات الرئاسية المقررة فى الخريف المقبل غير عمرو موسى. فهو يحظى بدعم وتأييد عدد من المجموعات المختلفة، وهو متقدم بفارق كبير عن أقرب منافسيه محمد البرادعى حتى لو كان الأخير يحظى بتفضيل أكبر من قبل المحتجين الذين تظاهروا ضد مبارك فى ميدان التحرير فى يناير الماضى وهؤلاء يسعون إلى الانفصال التام عن سياسات النظام القمعى الذى حكم مصر على مدار ثلاثة عقود أكثر من أى شىء آخر، انفصال عن أمثال السيد عمرو موسى.
وترى نيوزويك أن سر إعجاب الناس بموسى البالغ من العمر 74 عاماً ربما يكون سيجاره الشهير، لكن هذا ليس إلا جزء فقط من السر فأكثر ما يثير إعجاب أنصاره هو تاريخه الطويل والصاخب فى مساجلات معاداة إسرائيل. وفى المقابلة التى أجرتها "نيوزويك" معه، لم يخف موسى غضبه من إسرائيل وقال إن "عملية السلام أصبحت كلمة قذرة، لأننا اكتشفنا أنها مجرد خدعة إسرائيلية لمواصلة الحديث ولفت أنظار الكاميرات دون أن يكون هناك مضمون، ويجب ألا ندخل فى شىء من هذا القبيل بعد الآن، أبدا".
واستعرضت المجلة الأمريكية تاريخ عداء موسى لإسرائيل، وقالت إنه أصبح واحداً من أكثر المنتقدين وبلا هوادة للدولة العبرية فى مصر، ودخل فى مواجهات معهم فى مؤتمرات بل وهاجمهم فى مقابلات تليفزيونية.
وتنقل الصحيفة عن ناجى الغطريفى الذى عمل متحدثاً باسم عمرو موسى طوال سنوات عمله كوزير للخارجية، قوله إن غضب رئيسه السابق من إسرائيل حقيقى. ورغم ذلك، فإن موسى يبدو مدركاً تماماً مدى تجاوب الجماهير مع انفعالاته، وهو ما دلل عليه نتائج استطلاع بيو الذى أجرى فى أبريل الماضى، وأظهر أن 54% من المصريين يفضلون إلغاء معاهدة السلام مقابل 36% يريدون الإبقاء عليها. ويقول دبلوماسى غربى عرف موسى عن كثب أثناء عمله فى المنطقة إن السبب فى شعبيته مستمد كلية من صورته كشخص قومى عربى شديد الانتقاد لإسرائيل.
وحتى مع ذلك، فإن موسى يستبعد فكرة إلغاء معاهدة السلام، وقال " أخبركم بشيئين: الأول أن المعاهدة لن نقوم بإلغائها.. والثانى أننا نريد إعادة بناء البلاد ووهو ما يعنى بالضرورة عدن تبنى سياسة المغامرة".
وتمضى نيوزويك فى القول إنه بصرف النظرعن كراهيته لإسرائيل منذ أمد بعيد، فإن السجل السياسى لموسى يوصف بأنه غامض فى أحسن الأحوال. فهو يصر كثيراً على أنه انتقد النظام الذى عمل معه كثيراً لدرجة أنه اختلف مع مبارك ويقول: "أصبحت العلاقات بيينا متوترة للغاية حتى على المستوى الشخصى". ورغم ذلك إلا أنه من الصعب إيجاد دليل على أى جهود من جانبه لتحقيق إصلاح حقيقى، بل إنه وفى مقابلة تلفزيوينية أجريت معه قبل عام واحد فقط تعهد عمرو موسى بتأييد مبارك وقال "طالما أن الرئيس مبارك سيخوض الانتخابات، وأنا أعرفه جيداً وأعرف كيف يدير الأمور، وهكذا. فأنا ساصوت له".
وعندما اندلعت المظاهرات فى 25 يناير، كان موسى فى طريقه إلى المنتدى الاقتصادى العالمة فى دافوس. ومع تنامى الاحتجاجات ترك المؤتمر مبكراً وعاد إلى القاهرة. وعندما رأى الحشود فى ميدان التحرير من مكتبه بجامعة الدول العربية، قال "اتصلت بالرئيس مبارك وقلت له إن هذه ثورة. وطلبت ألا يكون هناك إراقة للدماء وقلت له ينبغى أن تستمع إلى ما يقولونه وبلا غراقة للدماء".. وتعلق نيوزويك قائلة إنه فى وضع مبارك قيد الإقامة الجبرية فى المشفى وعدم قدرة الصحفيين على الوصول إليه، فمن المستحيل التثبت من صحة هذه الواقعة.
وعلى الرغم من أن موسى جاء فى مقدمة عدد من استطلاعات الرأى العالمية حول المرشحين المفضلين فى انتخابات الرئاسة، إلا أنه لا يزال يغازل أصوات الإسلاميين، وربما يحقق الفوز. فبعد الثورات التى شهدها شرق أوروبا عام 1989، استطاع أكثر من قيادى من الشيوعيين السابقين أن يعيد طرح نفسه كشخص إصلاحى وفاز بالمنصب بشكل ديمقراطى. ويعتقد العالم السياسى ستيفين فيش إن موسى قد يفعل الأمر نفسه. وربما تجد واشنطن وزير الخارجية الأسبق أكثر قبولاً من منافسيه حيث يستطيع الغرب أن يتعايش معه.