من العاصمة عبر ثلاث جبهات غربا وشرقا وفي الجنوب الغربي.
فمنذ الأيام الأولى للثورة أرسل القذافي مبعوثين لعواصم عربية وغربية، وتولى شخصيا ونجله سيف الإسلام الحديث المتوالي عن الرغبة في الحوار مع الغرب والاستعداد التام للنظر في مصالح الغرب في ليبيا أيا كانت.
وعلى الرغم من حرصه على إيجاد حل سياسي يُلاحَظ إصرار العقيد على أن يكون حضوره الميداني متماسكا وقويا.
فرغم تحقيق الثوار انتصارات واضحة الشهور الماضية (تحرير مدينة مصراتة وكل الجبل الغربي، ثم النزول من الجبل نحو مدن الساحل بالشمال الغربي حيث سيطروا على بلدة بئر الغنم الإستراتيجية على الطريق إلى تلك المدن وعلى طريقِ العاصمة طرابلس) لا تزال كتائب القذافي تحاصر مصراتة وتقصفها من الشرق والغرب بشكل شبه يومي، وتقصف أيضا مدينة نالوت وبلدات مجاورة في أقصى غرب الجبل، وهي أخيرا لا تزال متماسكة في مواقعها شرقي البريقة.
محاولات الصمود
وتزيد هذه الأيام محاولاتُ الكتائب للصمود أمام زحف الثوار المدعوم جوا بقصف متواصل لحلف شمال الأطلسي (ناتو) أو حتى مساعٍ لاستعادة بعض المناطق لعل أهمها الآن بئر الغنم، إضافة إلى جهود الكتائب للمحافظة على مدينة زليتن الثائرة.
في المقابل يحاول الثوار تحريك مناطق جديدة لتنضم إلى ثورة 17 فبراير.
وتتحدث آخر الأنباء عن مظاهرات في منطقة ترهونة وتشكيل مجلس عسكري. كما أسست مدن ومناطق واقعة تحت سيطرة القذافي مجالس محلية وعسكرية بالمناطق المحررة في الجبل الغربي، وتوافد شباب منها إلى الجبل للتدريب والتهيؤ للتحرك تجاه مناطقهم مثل ترهونة والصيعان وغريان.
بل حتى العاصمة باتت لها تشكيلات مسلحة من ثوارها في الجبل الغربي، وهو ما ينطبق على عدة مدن ومناطق جنوبية مثل زلة وسوكنة والجفرة حيث أعلن سكانٌ عن مجلس عسكري يناهض نظام القذافي.
يُضاف إلى ذلك الضغط الذي ولده صدور مذكرة الاعتقال بحق القذافي ونجله سيف الإسلام ورئيس استخباراته عبد الله السنوسي.
مبادرات سياسية
وتوازيا مع محاولات القذافي البحث عن مخرج سياسي، ظهرت مبادرات كثيرة تحمل تواقيع دول كتركيا وروسيا وفرنسا. إضافة إلى المبادرة العربية التي خبا صوتها سريعا، ومبادرة الاتحاد الأفريقي وآراء من الأمم المتحدة عبر مبعوثها لليبيا عبد الإله الخطيب، وأخيرا مبادرة د. علي الصلابي الشخصية الليبية المعارضة والتي -وفق تصريحاته- تمت بمعرفة رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل وقابل بموجبها رئيس جهاز الأمن الخارجي بوزيد دوردة.
ما يلحظه المتابع أن كل المبادرات نادت صراحة أو إشارة بضرورة تنحي القذافي عن السلطة هو عائلته ورجال نظامه الرئيسيين، الأمر الذي عقد الأمر بالنسبة للقذافي, وجعله ونجله سيف الإسلام ووزير خارجيته عبد العاطي العبيدي ورئيس وزرائه البغدادي المحمودي يتولون بشكل متواز التصريح بأن القذافي لن يتنحى لأنه لا يمثل أي سلطة بل يحمل رمزية باعتباره قائد ثورة.
ومع إصرار النظام على عدم نقاش وضع القذافي شخصيا فإن تصريحات خرجت من بعض أعضاء المجلس الوطني بأنهم يقبلون بقاءه في ليبيا تحت رقابة دولية، الأمر الذي أربك المجلس وخرجت بسببه تصريحات متضاربة انتهت بتصريح أخير لرئيسه عبد الجليل تؤكد أن مصير القذافي المحاكمة العادلة في ليبيا أو لدى المحكمة الجنائية الدولية.
هناك أيضا خلافات دول الناتو المشاركة في العملية ضد نظام القذافي (خصوصا أميركا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا) وظهور معارضة واضحة في برلماناتها بشأن استمرار عمليات الناتو.
فقد منع مجلس النواب إدارة باراك أوباما من تسليح ودعم الثوار بأي شكل عسكري، كما منع عليها المشاركة في العمليات.
أما في إيطاليا فقد دفعت خلافاتُ حزب رابطة الشمال وحليفه الرئيس سلفيو برلسكوني هذا الأخير إلى التنكر لأي تأييد للعمليات ورمي الكرة في ملعب البرلمان، وذلك بعد أن نادى وزير خارجيته فرانكو فراتيني بضرورة وقف علميات الناتو.
وبالأمس صرّح وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه ووزير الدفاع جيرار لونجيه بضرورة التقدم نحو حل سياسي، وهو أمر صرّحت به أيضا بريطانيا على لسان وزير خارجيتها وليام هيغ.
ومن المنتظر أن تطرح مجموعة الاتصال الدولية الخاصة بليبيا موضوع الحل السياسي في اجتماع بتركيا نهاية الأسبوع خاصة بعد تأييد دول مشاركة في حملة الناتو مبادرة أفريقية يبدي نظام القذافي مرونة تجاهها.