عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: " مرّ النبي صلى الله عليه و سلم على نفر من أسلم ينتضلون (أي يتسابقون في الرمي)، فقال: ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً وأنا مع بني فلان، قال: فأمسك أحد الطرفين بأيديهم. فقال صلى الله عليه و سلم: مالكم لا ترمون، قالوا كيف نرمي وأنت معهم؟ فقال النبي صلى الله عليه و سلم: ارموا وأنا معكم كلكم " رواه البخاري.
وعن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: " إن الله عز وجل ليدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر في الجنة: صانعه يحتسب في عمله الخير، والرامي ومنبله، وارموا واركبوا، وأن ترموا أحب إليَّ من أن تركبوا، كل لهو باطل، وليس من اللهو إلا ثلاث: تأديب الرجل فرسه وملاعبته أهله ورميه بقوسه ونبله " وفي رواية " وكل ما يلهو به المسلم باطل إلا رميه بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبته أهله فإنهن من الحق " .
وعن عقبة بن عامر أيضاً أن النبي صلى الله عليه و سلم تلا قوله تعالى: ] وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة [ ثم قال: ] ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي [ رواه مسلم.
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: " عليكم بالرمي فإنه خير لعبكم " .
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: " من علم الرمي ثم تركه فليس منا "وفي رواية " فقد عصى " رواه مسلم وفي رواية " من ترك الرمي بعد ما علمه رغبة منه فإنها نعمة كفرها أو جحدها ".
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: " علموا أبناءكم السباحة والرماية " .
إن كثرة ما ورد من أحاديث نبوية حول الرمي تدل على اهتمام النبي صلى الله عليه و سلم بهذه الرياضة وضرورة إتقانها .
ومن عظيم أهميتها في نظر الشارع أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن هجرها بعد تعلمها وعنف من فعل ذلك. ولعل الصيد والقنص من أهم أشكال ممارستها في حياة الشباب . ولقد كان صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم يجرون المسابقات فيما بينهم في لعبة الرمي، ولقد اشتهر منهم كثيرون كان في طليعتهم حمزة عم النبي صلى الله عليه و سلم وعدي بن حاتم وغيرهم.
ومن أهمية الرمي في التربية الإسلامية أن جعل تعلمه عبادة يثاب عليها صاحبها ويدخل بها الجنة ، وحتى صانع السهم له حظه الكبير من الثواب.
ويعتبر علم الصحة أن الرماية رياضة نافعة تنبه أعضاء البدن وتوطد الاعتماد على النفس، وأنها تقوي الإرادة وتورث الشجاعة، وهي تتطلب توافقاً دقيقاً بين عمل المجموعات العضلية والجهاز العصبي المركزي في عملية التوفيق بين زمن هذه الحركات، وهذا يحصل بالمران وكثرة التدريب، مما يفهمنا سبب حرص النبي صلى الله عليه و سلم ودعوته أصحابه للتدريب المستمر على رياضة الرمي.
وإذا كان الشرع الحنيف قد رغب في ممارسة الرمي، فإنه في الوقت ذاته قد منع ممارسته على حيوانات حية تتخذ هدفاً للتدريب لقول النبي صلى الله عليه و سلم: " لا تتخذوا شيئاً فيه الروح غرضاً " رواه مسلم. ولا يخفى ما في هذا الهدي النبوي العظيم من رفق بالحيوان قبل أن ينادي به أدعياءه في الغرب بأكثر من عشرة قرون.
ألا ما أعظم هذا الدين وأروعه في تنظيم حياة الإنسان، ونهيه له أن يبددها فيما لا طائل وراءه، فالوقت ثمين لأنه هو الحياة. وحتى فيما يخصصه المسلم من وقته في لهو مباح أو تسلية مشروعة، فيجب أن تكون فيما ينعكس عليه خيراً سواء في قوته، أو من أجل قوة الأمة وكرامتها ومنعتها. وإن حديث: " لا لهو إلا في ثلاث: تأديب الرجل فرسه وملاعبته أهله ورميه بقوسه "، ووصف النبي صلى الله عليه و سلم بأنهن من الحق، تعبير رائع لوصف اللهو الذي ينعكس إيجابياً في حياة المسلم فيما يجلب له القوة ويحقق العفة للرجل والمرأة على حد سواء .