الأحداث فيها.
وكان المعرض الوثائقي الذي حمل عنوان "الجيش سور للوطن" على خلاف السنوات الماضية استثنائيا، نظرا للدور الذي قامت به قوات الجيش التونسي في ثورة 14 يناير/كانون الثاني من حماية للبلاد ومؤسساتها والوقوف إلى جانب الشعب في ثورته ضد نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
وقدّم المعرض الوثائقي لزائريه فكرة عن أهم المراحل التاريخية للجيش، من بداية النشأة والتكوين والمعارك التي خاضها ودوره في ثورة 14 يناير ودوره الحالي على الحدود التونسية الليبية، ومهامه الأساسية والثانوية.
وعبّر عدد من زائري المعرض للجزيرة نت عن سعادتهم بالزيارة وأعربوا كذلك عن تقديرهم للدور الذي اضطلع به الجيش في الثورة التونسية. واصطحب الكثير منهم أبناءهم للتعرف على مسيرة جيشهم الوطني.
تقدير وامتنان
وبيّن حبيب الحمروني الذي كان صحبة عائلته أنه جاء لزيارة المعرض ليعرف ما الذي قدمه الجيش للوطن، موضحا أنه اصطحب معه طفليه ليفسر لهما دور الجيش ومهامه خاصة بعد الأحداث الأخيرة التي مرت بها البلاد.
وأضاف الحمروني "الآن أنا معتز أكثر بالجيش التونسي بعد الدور الذي قدمه في الثورة، لو لم يقف الجيش إلى جنب الشعب لما نجحت ثورتنا".
أما الأمين الميدوني الذي كان صحبة ابنه البالغ من العمر 12 سنة فقال للجزيرة نت "لم نكن نشعر بدور الجيش قبل الثورة، وكانت معلوماتنا عنه وعن دوره غير مكتملة، لكن أحداث الثورة جعلت الصورة أكثر وضوحا"، مضيفا "دور الجيش كان كبيرا ومهما وهو متواصل إلى الآن".
وكان الجيش التونسي قد رفض أوامر بن علي القاضية بمشاركته في مواجهة الاحتجاجات إلى جانب قوات الأمن. ويعتبر رفض رئيس أركان الجيوش الثلاثة رشيد عمار لأوامر بن علي سبب نهاية حكم الأخير للبلاد، وقد دافع الجيش عن المواطنين ضد الشرطة في بعض المظاهرات.
عيون الناس
وفي سياق متصل قال المقدم فتحي الجريدي المسؤول عن المعرض للجزيرة نت إن "مهمة الجيش التونسي هي مهمة كل شخص غيور على وطنه ومحب له"، مضيفا أنه اليوم يشعر بالكثير من الفخر لما لمسه في عيون الناس من تقدير وامتنان لما قدمه الجيش خلال الفترة الماضية.
وبيّن الجريدي في سياق تصريحاته أن عدد الزائرين يبلغ حوالي 12 ألف زائر يوميا، وأن أجانب زاروا المعرض وأرادوا التعرف على مسيرة الجيش ومهامه ودوره في ثورة الشعب التونسي.
وأضاف "من خلال هذا المعرض أردنا أيضا تكريم شهداء الوطن من أبناء الجيش التونسي الذين لقوا حتفهم خلال دفاعهم عن الوطن".
ولم يكتف زائرو المعرض بمشاهدة الصور وقراءة ما كتب على اللوحات بل فضل بعضهم التقاط بعض الصور التذكارية بجانب العلم الوطني وخلف اللوحات التي ضمت العشرات من صور الجنود أثناء تأديتهم لواجبهم المهني.
رد اعتبار
"هذا المعرض بمثابة رد الاعتبار للجيش وهو لمسة وفاء لكل ما قدمه الجيش للوطن خلال 55 سنة، سعيد جدا برؤية صورة والدي الشهيد الرائد البجاوي على حائط هذا المعرض.. عانينا الكثير لسنوات طويلة وتألمنا لكن رد الاعتبار اليوم يسعدنا".
بهذه الكلمات عبر محمد علي البجاوي ابن أحد شهداء معركة بنزرت في 1960، الذي ترقرقت عيناه بالدموع عن شعوره وهو يزور هذا المعرض، مضيفا "الجيش كان دوما من الشعب وانتصر للشعب".
ويرى محللون أن الجيش التونسي كان مهمشا من قبل بن علي الذي نجح في بناء جهاز أمني بوليسي قوي، حيث لم يعمل الرئيس المخلوع على تطوير الجيش خلال سنوات حكمه على اعتبار أن البلاد تعيش في حالة سلام مع دول الجوار.
ويرى مختصون أن تقاليد الحياد عن تسيير الشأن العام السياسي والاقتصادي متجذرة لدى المؤسسة العسكرية في تونس منذ تأسيسها، حيث إن تدخلها في الأحداث السياسية كان تاريخيا ومنحصرا في "إعادة الأمن دون التدخل مباشرة في الحياة السياسية".