الانتخابات التشريعية المنعقدة في سبتمبر/ أيلول الماضي. ورد البرلمان بحجب الثقة عن المدعي العام ورئيس وأعضاء المحكمة الدستورية العليا، لكن البرلمان أخفق في عزل المحكمة الخاصة التي شكلها الرئيس حامد كرزاي للنظر في الطعون الانتخابية، أما المدعي العام محمد إسحاق ألاكو فقد رفض قرار عزله من قبل البرلمان وأكد ضرورة تنفيذ قرار المحكمة الخاصة. ويربط مراقبون توقيت أزمة الشرعية التي تواجه البرلمان والتدخل القضائي للفصل فيها بالاستعدادات الجارية لعقد مجلس الأعيان وزعماء القبائل المعروف بـ"اللويا جيرغا" الأمر الذي يحول دون استغلال معارضي الرئيس في البرلمان لتجيير "اللويا جيرغا" ضده. في هذه الأثناء، هدد أعضاء البرلمان -المطعون في شرعية عضويتهم- باللجوء لتحريك الشارع ضد الحكومة والقضاء معتبرين أن أداءهم القسم يجعل من البرلمان سيد نفسه ولا وصاية قضائية عليه، في حين تمسك من أعلنت المحكمة فوزهم بحقهم في عضوية البرلمان. ويرى مدير معهد الدراسات الاستشارية في كابل جيلاني زواك أن التحدي الأكبر يكمن في إثبات المحكمة الدستورية العليا لقدرتها على تنفيذ القرارات التي تتخذها، معتبرا أن القانون يعطي هذه المحكمة صلاحيات النظر في الطعون الانتخابية، وعبر في حديثه للجزيرة نت عن اعتقاده أن تطبيق قرار المحكمة يصب في مصلحة البرلمان كذلك لانتفاء شبهة نقص الشرعية أو تأكيدها. البعد الخارجي بيد أن أزمة القضاء والبرلمان طالت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، فقد كان المدعي العام الأفغاني إسحاق ألاكو قد اشتكى من التدخل المباشر للسفير الأميركي كارل آكنبري في عمله، الذي وصل إلى حد مطالبة السفير للمدعي العام بالاستقالة. يضاف إلى ذلك -وفقا لما قاله للجزيرة نت المحلل السياسي الدكتور مصباح الله عبد الباقي- اتصال السفارة الأميركية بشكل مباشر بأعضاء في البرلمان وتوجيههم لاتخاذ مواقف متشددة ضد الرئيس كرزاي تخدم التوجه الأميركي بالضغط على الأخير في مسائل هامة أبرزها قضية الجدل الدائر حول الاتفاقية الإستراتيجية المزمع توقيعها والتي تسمح بإقامة قواعد عسكرية أميركية دائمة في أفغانستان. واعتبر زواك جيلاني أن قلق المجتمع الأفغاني ليس من تهديدات تحريك الشارع وإنما من صلات عدد من أعضاء البرلمان المعزولين الخارجية مشيرا في ذلك إلى علاقة نواب من طائفة الهزارة الشيعية بإيران، وهم الذين كان فوزهم ولا يزال مثيرا للجدل. وينطبق الحال نفسه على ولاية غزني ذات الغالبية السنية الساحقة التي خرج جميع ممثليها الـ11 في البرلمان من طائفة الشيعة، حيث أشار جيلاني إلى أن هؤلاء النواب يشكلون ضغطا كبيرا على الحكومة والمحكمة والمدعي العام. غياب المعارضة ويستبعد المحلل السياسي هارون مير انتهاء الأزمة أو السيطرة عليها في وقت قريب، حيث إنه يرى أن وراء الأزمة دوافع سياسية وليس مجرد قرار قضائي مستقل مستشهدا بأن المحكمة شكلت من قبل الرئيس، ويفسر صمت الأمم المتحدة وما يعرف بالمجتمع الدولي في أفغانستان بالحيرة من اتخاذ موقف منحاز للقضاء أو البرلمان الذي اعترفوا به. من جانبه، اعتبر المرشح السابق للرئاسة عبد الله عبد الله الأزمة مصطنعة من قبل الرئيس حامد كرزاي لإبعاد الأنظار عن حالة القصور والفشل التي تعانيها حكومته، لكن مير أعرب عن اعتقاده أن المعارضة السياسية الأفغانية هشة وغير فاعلة ولا تستطيع وقف تنفيذ القرار القضائي. ويرى المحلل السياسي داود ميراكي أن هناك انطباعا بأن ما يحدث هو جزء من الديمقراطية ولكن الأمر مختلف عن هذه الصورة لأن العملية الانتخابية -على حد قوله- كانت مزورة ومن يملك المال يكون قادرا على الوصول إلى البرلمان بعمليات احتيال، والغالبية الساحقة من أعضاء البرلمان لا يتمتعون بأية إمكانات ذاتية تؤهلهم لصياغة التشريعات في البلاد.