يظلمه لسكوته وعدم مطالبته بحقه، وهنا لى وقفة، فالظم له العديد من الصور والأشكال، وأحيانا كثيرة تشعر بالظلم ولا تعرف من السبب، نعم أغلبنا يعرف القضاء والقدر ويرضى بالقدر خيره وشره، فالظلم الذى يتعرض له الإنسان يكون خارجا عن إرادة البشر ولحكمة يعلمها الله سبحانه وتعالى، ولا بد من محاسبة النفس، لعل الله يغير فى الأمر شيئا، وقد يكون الظلم شعورا طبيعيا يعبر عن حالة ضيق يمر بها الإنسان فيشعر بأنه مظلوم.
وهناك إنسان مظلوم ومن ظلمه أعلى منه شأنا وجاها ومالا ونفوذا، ولا يعرف المظلوم كيف يعيد حقه المسلوب من الظالم، وأغلبنا شعب طيب، لكن لا يحب الظلم، وأحيانا تكون الأيام أصعب على المظلوم بدموعه التى تشكو ألم الظلم والعدوان، ولنا فى أهل فلسطين مثلا، فكم يوما مر عليهم دون أن يقتل منهم أو يؤسر منهم أو يهدم منزل لهم، وكم من أم دافعت عن أولادها أمام الأسلحة الثقيلة والدبابات وهى تمسك بحجر لا حول لها ولا قوة، ولكن هذا الحجر يتكلم ويقول هنا مظلوم، هنا مظلوم، وتدمع أعين الأمهات الثكلى،والأبناء الذين يصبحون أيتاما وآبائهم أحياء فى سجون الاحتلال، وما حدث فى مصر من ثورة فكانت ناتجة عن شعور الكثيرين بالظلم، ولكن لا خلاف على أن الظلم قد شعر به الكثيرون ولم يشعر به البعض، فكل من شارك فى الثورة له مظلمة واقعة عليه، فهناك من ظلم ماديا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا ودينيا وغيرها من الأمور التى جعلت أغلب الشعب يشعر بالظلم فيثور ثورته، وهناك من كان راضيا بحاله ولم يقف مع الثورة أو ضدها وليس كل من وقف محايدا أو ضد الثورة لم يقع عليه ظلم ولكن قمة الظلم هى من جعلت المظلومين ينفجرون ويطالبون بحقوقهم.
كم مرت أيام وشعرنا بالظلم، فهناك من يشعر بالظلم لشك من أحبه فيه، فهناك من يتألم من الظلم، والشعور به عندما يأتى هذا الظلم من أقرب الناس إلى القلب، فهنا لا تعد للحياة معنى ولا للطعام طعم ولا للشراب مذاق، فكل الأشياء تتساوى، وتصبح الحياة خاوية أمام المظلوم، وقد يأتى أقسى ظلم من أحباب القلب، فظلم الأحباب لبعضهم البعض يكون قاسيا على القلب، وقد يجعل الإنسان فى قمة الحزن والغضب، والتحسر على أيام كان فيها من ظلمه أقرب إليه من دقات قلبه.
وبالرغم من مظاهر الغنى والثراء التى تحيط بالبشر الأغنياء، فالكثيرون يعتقدون أن الغنى لا يمكن أن يكون يوما مظلوما، فقد أعطاه الله من الخير الكثير، لكن هناك كثيرون أغنياء مظلومون، فمنهم من ظلم بكثرة المال وأصبح الجميع طامعا فيه، ومنهم من تسول له نفسه أن يتخلص من هذا الثرى، وقد يكون المال فى حد ذاته نقمة وليس نعمة، ويرجع ذلك لكيفية جمع هذا المال ولضمير صاحبه، وأكبر دليل على ذلك، ما حدث لأغنياء مصر بعد ثورة 25/1/2011، حيث أصبح أغلب الأغنياء يدعون الفقر، حتى إن أغلب قضايا الفساد أظهر أصحابها إنهم لا يملكون مثل هذه الثروات الطائلة وأنهم (أغلب من الغلب) وكذلك فعل أغلبهم، ولى هنا سؤال: إذا كانوا هم فقراء فمن هم أغنياء مصر؟
وأحيانا يكون التجاهل نوعا من أنواع الظلم الشديد، فبعد سن معينة يريد الإنسان أن يشعر بأن ما قدمه فى حياته له معنى، وغالبا ما يريد أن يجمع أولاده وأحبابه وأصحابه معه، وكلما تقدم سنا زاد الشوق لهم، ولكن إذا حدث تجاهل لهذا الشخص من أولاده خصوصا، هنا يشعر بظلم رهيب ويتذكر الأيام التى بات يحرص فيها من يحب وكيف تكون المعاملة الآن، فكبار السن يحبون الحياة الاجتماعية ويحبون من يسأل عنهم ويتذكرهم، والشعور بالظلم يجعلهم محبطون يائسون، يقولون لماذا هذا الظلم؟، فالتجاهل لكبار السن قمة الظلم.
وهناك من يظلم نفسه، بعدم إطاعة ما أمر الله به وما نهى عنه، ودائما وأبدا تكون طاعة الله ظاهرة وواضحة على الإنسان الصالح وذلك يكمن فى عدة أشياء، منها الحياة السعيدة والأسرة الجميلة والزوجة الطيبة ونور الوجه الساطع على جبين صاحبه، وتشعر براحة نفسية عندما تراه، ومن لا يطع الله فيظهر هذا على وجهه وعلى حياته وتصرفاته وترى الشقاء ظاهرا عليه وترى سوء أخلاقه فى تربية أولاده، وزوجته غير صالحة وأسرته مفككة، ودائم الشكوى لغير الله،ويكثر من إظهار عيوبه بنفسه، وعندما يراه إنسان آخر تجده يستعيذ منه وكأنه رأى شيطانا، وآخرون إذا زارهم تمنوا رحيله فى أسرع وقت، كل هذا لبعده عن طاعة الله، وهنا يكون قد ظلم نفسه بيديه، فلا يلومن إلا نفسه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة......) رواه مسلم.