كان السباق نحو إدارة صندوق النقد الدولي لملء الفراغ الذي خلفه دومينيك ستراوس كان فرصة للاقتصادات الناشئة لعرض قوتها بصورة جماعية، لكن يبدو أنها أظهرت ضعف تحالفها. وظهرت مجموعة بريك للاقتصادات
الناشئة التي تضم كلا من البرازيل وروسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا خلال الأزمة المالية العالمية كقوة يمكن أن توازن الدول الصناعية الغربية. واجتمع زعماؤها الذين تمثل دولهم 40% من عدد السكان في العالم في قمة في أبريل/نيسان الماضي للتنسيق فيما بينهم إزاء موضوعات ابتداء من التجارة وانتهاء بالحرب في ليبيا. ويبدو أن الشاغر الذي تركه ستراوس كانْ مثل فرصة لهم لممارسة الضغط من أجل تحقيق أحد الأهداف المتعلقة بفتح المؤسسات العالمية أمام الدول الناشئة. وفي بادئ الأمر أصدرت المجموعة بيانا انتقدت فيه بقوة عملية اختيار أوروبي بصورة تقليدية لقيادة الصندوق، وبدأت خلف الكواليس مفاوضات لاختيار مرشح واحد. لكن بعد أن أغلق باب الترشح في 10 يونيو/حزيران الجاري لم يكن هناك غير أوغستين كارستنز ليقف أمام وزيرة المالية الفرنسية والمرشحة القوية للمنصب كريستين لا غارد. ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن اختيار المدير العام يوم 30 يونيو/حزيران الجاري. ورغم جولته العالمية ووعوده بالسعي لخفض نفوذ الدول الغنية في صندوق النقد، فإن كارستنز لم يستطع الاعتماد على تأييد شعبي له في الدول النامية. ويقول جيشري سينغوبتا من معهد أوبزيرفر ريسيرتش في نيودلهي -وهو مؤسسة استشارية- إن بريك لا تعتبر قوة دبلوماسية لأنه "رغم أن دولها تنتمي إلى الاقتصادات الناشئة فإن ما يجمع بينها غير ذلك يسيرٌ جدا". ويبدو أنه لا يوجد إجماع بين دول بريك على كيفية إصلاح نظام التصويت وعلى المستوى الذي يجب أن تكون عليه العملة الصينية في مقابل العملات الأخرى. ويقول أندرو كينينغهام من مؤسسة كابيتال إيكونومكس في لندن إن دول بريك غير متحدة بصورة جيدة، كما أن سيطرتها محدودة ولدى حكوماتها أجندات مختلفة. ويقول إديون ترومان من معهد بترسون للاقتصاد الدولي في واشنطن إن دول بريك كان باستطاعتها منع أوروبي من الوصول إلى إدارة صندوق النقد لو أرادت ذلك واصطفت وراء كارستنز. وكان من الممكن أن تدعمها أيضا في ذلك الولايات المتحدة وكندا واليابان. ويعتقد منسق مركز الأبحاث الاقتصادية والسياسية في واشنطن مارك وايسبروت أن دول بريك لم ترغب في مواجهة من أجل المنصب.
واستشهد بأن الدول الناشئة واجهت الغرب بصورة فاعلة في منظمة التجارة العالمية، مضيفا أنها اختارت على ما يبدو أن لا تدخل معركة هدفها في النهاية رمزي. واستطرد وايسبروت أن "العالم لم يعد أحادي القطب والولايات المتحدة لم تعد تستطيع إدارة المسرح الدولي بمفردها.. وسيزداد هذا الاتجاه في المستقبل".