فى الوقت الذى يخشى فيه الكثيرون من خطر الحوادث النووية يعتبر الدكتور إبراهيم العسيرى، مستشار البرنامج النووى، أن الخطورة الحقيقية تكمن فى إيقاف العمل بمشروع الضبعة وليس العكس، فالخسائر فادحة
ومصر مقبلة على أزمة طاقة، وأبدى العسيرى انزعاجه من الربط بين مشروع الضبعة القومى والرئيس المخلوع حسنى مبارك، وكشف فى حواره لـ"اليوم السابع" عن مخاوف عديدة تنتظر مصر الثورة إذا تخلت عن طموحاتها النووية وكان هذا الحوار:
ما رأيك فى قرار مجلس الوزراء بتأجيل طرح مناقصة محطة الضبعة بعد انتخابات الرئاسة؟
القرار له مميزاته وعيوبه فهو من ناحية يؤمن استقرار الأوضاع السياسية وهو ما يطمئن الشركات العالمية على استثماراتها فى المشروع ويخفض من مبلغ بدل المخاطر، ومن ناحية أخرى فإن تـأخير العمل بالمشروع عام واحد يكلف ميزانية الدولة 400 مليون دولار تنفق على مصادر الطاقة غير المتجددة وإنشاء المزيد من محطات الكهرباء التقليدية، كما أن التأجيل يطرح علامات استفهام حول جدية المشروع وقد يؤثر على سمعتنا بين الشركات العالمية، ويؤدى إلى التراخى فى العمل بيننا وبين الاستشارى العالمى وورلى بارسونز، ولكننا على كل حال مستمرون فى تدريب الكوادر لحين تحديد الموعد النهائى لطرح المواصفات.
ولكن المشروع يتوقف على رغبة الرئيس القادم وبرنامجه الانتخابى؟
لكل رئيس مجموعة من المستشارين الذين يرسمون له خريطة طريق للعمل فى كافة الملفات، ولا أتصور أن يتخذ رئيس جمهورية قرارا منفردا بوقف العمل بالبرامج النووية دون الاستناد لرأى العلماء والمتخصصين.
وماذا ستفعل فى حال إلغائه؟
استقالتى فى جيبى، وجاهزة وسيكون أمامى خيارين لا ثالث لهما أن اتجه للعمل بأحد الدول العربية التى أعلنت عن البدء فى برامج نووية كالأردن والسعودية أو أقضى بقية حياتى فى المنزل "وحسن الختام"، ولكننى لن أستمر فى العمل بهيئة المحطات النووية أو قسم الهندسة النووية بالإسكندرية ويشاركنى فى ذلك الكثيرون، فمنذ 50 عاما وأنا أنتظر اللحظة التى أرى فيها المحطة النووية المصرية وتختلف الأسباب والتأجيل واحد.
حادث فوكوشيما اليابانى أثار قلق المصريين من مشروع الضبعة وطالب الكثيرين بإلغائه، فما رأيك؟
الخوف غير مبرر، لأن المفاعل اليابانى قديم منذ الستينات وينتمى للجيل الأول من المفاعلات التى لم تنجح فى مواجهة كوارث التسونامى الخارقة، أما بالنسبة لمفاعل الضبعة فإن كراسة مواصفات المناقصة تشترط مفاعلا من الجيل الثالث الذى ترتفع فيه معدلات الأمان وينغلق ذاتيا فى حالة التعرض لزلزال أو تسونامى، بالإضافة إلى اختلاف نوع المفاعل المصرى عن المفاعل اليابانى، ولكن الخوف يذكرنى بحادث تشيرنوبيل الذى أدى لتأجيل مشروعنا رغم أن أوكرانيا بدأت فى بناء مفاعلات جديدة فى نفس العام.
ولكن "اليابان" أعلنت أنها تفكر فى إيقاف كافة أنشطتها النووية بعد حادث فوكوشيما؟
غير صحيح على الإطلاق اليابان فى بناء محطات جديدة حتى الآن، ولكنها تفكر فى إغلاق مفاعلات الجيل الأول كمفاعل فوكوشيما لأنها أثبتت عدم فعالية إجراءات الأمان بها مع موجات التسونامى، واليابان مستمرة فى إستراتيجيتها لإنتاج الطاقة لأنها مسألة حياة أو موت، أما ألمانيا فتستورد الكهرباء من جارتها فرنسا وسكانها فى تناقص وليس لديها عجز فى الكهرباء.
البعض يطرح الطاقة الشمسية بديلا للطاقة النووية لأنها بلا أخطار ما ردك؟
لا يمكن الاعتماد على الطاقة الشمسية وحدها وجميع دول العالم تعمل بمبدأ التنويع بين مصادر الطاقة، والولايات المتحدة لديها محطة كاليفورنيا الشمسية والتى تعتبر أكبر محطة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية فى العالم، ومع ذلك لديها 104 مفاعلات نووية، لأن الشمس وحدها غير كافية، أما فيما يتعلق بالأخطار فكل تكنولوجيا ولها مخاطرها فالاعتماد على الدواب آمن من السيارات، لأن الأخيرة بها أخطار فهل نعود لركوب الدابة بدلا من السيارة
أهالى الضبعة يخشون قصف المفاعل عسكريا فى حالة وجود أى احتكاكات مع إسرائيل فما رأيك؟
إسرائيل لا تجرؤ على فعل ذلك، لأنها ستكون أول المضارين فموقع الضبعة يقع على البحر المتوسط، مما يعنى أن الإشعاعات قد تصل إلى دول حوض البحر المتوسط وأوروبا بل وإلى إسرائيل نفسها، بالإضافة إلى أن ضرب السد العالى أسهل بكثير وسيؤدى إلى إغراق مصر بالمياه فى ساعات معدودة ولم يحدث، ونحن فى حالة حرب فكيف يخشى أهالى الضبعة من ذلك ونحن قد وقعنا على اتفاقية سلام، كما أن القوات المسلحة ستتولى تأمين الموقع إستراتيجيا ولديه الكفاءة والقدرة على ذلك.
وبم تفسر التغيير فى موقف أهالى الضبعة من مؤيدين للمشروع إلى مناهضين له؟
قد يكون وراء هذا التحول جهات داخلية كرجال الأعمال المستثمرين فى السياحة أو جهات أجنبية لها مصلحة فى وقف طموحات مصر فى امتلاك التكنولوجيا النووية، ولكننى ألتمس العذر لهم بسبب تأخر تنفيذ المشروع بعد سحب أراضيهم من 40 عاما دون البدء الفعلى فيه، وتقصيرنا فى توصيل المعلومات الصحيحة لهم، وأود أن أطمئنهم لأنهم أول المستفيدين من المشروع لأنه سيوفر 30 ألف فرصة عمل للأهالى أثناء إنشائه كما ينقل المنطقة نقلة حضارية كبيرة.
هناك من يعتبر قرار الرئيس السابق مبارك بالبدء فى البرنامج النووى مجرد دعاية لملف التوريث ولا علاقة له باحتياجاتنا من الطاقة؟
غير صحيح، أندهش ممن يعتبر البرنامج النووى مشروع مبارك الشخصى بينما هو من تسبب فى تأجيله فى الثمانينات بناء على ضغوط سياسية، ثم عاد ليصحح خطأه فقامت الثورة وتأجل المشروع، ولا يمكننى معرفة نوايا الرجل ولكن قراره كان صائبا، وإذا كنا سنلغى مشروع الضبعة، لأنه ارتبط بمبارك فعلينا مقاطعة مترو الأنفاق وهدم المدن الجديدة، هذا كلام غير منطقى.