سمير حسن-عدنأثار أول بيان وزعته جماعة "أنصار الشريعة" المسيطرة على مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين جنوبي اليمن منذ منتصف الشهر الماضي تساؤلات عدة بشأن حقيقة تبعية الانتماء لتلك الجماعة التي
تقول السلطات اليمنية إنها تتبع لـتنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
ويرى مراقبون وسياسيون أن اللغة التي حملها "بيان أنصار الشريعة في ولاية أبين المحروسة بالله تعالى" بعيدة عن لغة تنظيم القاعدة مما يدعم التوجه الذي تبناه عدد من وسائل الإعلام المحلية والعربية القائل بعدم وجود ارتباط تنظيمي بين جماعة "أنصار الشريعة" والقاعدة.
فقد اعتبر الباحث المتخصص في شؤون الإرهاب فارس غانم أن الأرجح في هوية تلك الجماعة المسلحة أنها قريبة أكثر من "فرق الموت" التي شكلها النظام في المحافظات الجنوبية والشرقية في السابق واستخدمها في السنوات الماضية لمواجهة الحراك الجنوبي السلمي في العام 2007".
وأشار غانم –وهو مدير تحرير صحيفة اليمن- في تصريح للجزيرة نت إلى أن لغة البيان الصادر عن الجماعة بعيدة عن لغة تنظيم القاعدة، لافتا إلى أن "ما وصلت إليه الأمور في اليمن من انهيار وغياب لمؤسسات الدولة مكن الجماعات المسلحة من التواجد على الأرض محل الدولة المنهارة".
وفي تحليله لمضامين البيان، استنتج غانم أن "البنية الفكرية لهذه الجماعة قائمة على الفكر الجهادي وأن معظمها نشأ في أفغانستان غير أن تعدد ولائها وارتباطها بالنظام جعل تنظيم القاعدة في اليمن يفك ارتباطه بها مع الإبقاء على اتصالات محدودة مع بعض قياداتها المرتبطة بمصالح اقتصادية بالقاعدة".
وأضاف "أن ما بقي من اتصال بين الطرفين متعلق بالدعم اللوجستي لتسهيل نشاط القاعدة في اليمن وتنفيذ عملياته الخارجية منذ أصبحت تنظيما إقليميا يحمل اسم القاعدة في جزيرة العرب".
أما عن العلاقة الجامعة بالنظام، فقد أكد الباحث أن "تلك الجماعات احتضنتها قيادات في المؤسسة الأمنية والعسكرية منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى اليوم ضد خصومها السياسيين مقابل توفير الغطاء الأمني لنشاطها المسلح".
وكان البيان المذكور وهو الأول من نوعه منذ سيطرة تلك الجماعة المسلحة -التي تقول السلطات إنها ترتبط بتنظيم القاعدة- على مدينة زنجبار اليمنية الثلاثاء الماضي هدد بتصفية عدد من طياري الجيش اليمني، وعرض البيان مكافأة مالية لمن يدلي بمعلومات تفيد في العثور عليهم.
وقد ذُيل البيان الذي وزعه المسلحون بتوقيع أنصار الشريعة في أبين دون أن يأتي على ذكر القاعدة أو الولايات المتحدة التي تعد العدو الأول للتنظيم.
شعار المسلحين
وقال الشاب ماجد البدوي -أحد سكان مدينة زنجبار، نزح الأربعاء الماضي إلى عدن- إن "المسلحين يطلقون على أنفسهم اسم أنصار الشريعة ويرفعون فوق المقار الحكومية التي يسيطرون عليها وفي نقاط التفتيش التي أقاموها منذ سيطرتهم على المحافظة أعلاما بيضا مكتوباً عليها باللون الأسود عبارة أنصار الشريعة".
وأشار في تصريح للجزيرة نت إلى أن "المسلحين الملثمين معظمهم في سن الشباب وتتفاوت أعمارهم بين عشرين وثلاثين عاماً، يتحدث بعضهم لهجات عربية مختلفة قريبة إلى اللهجات المصرية والسعودية والصومالية".
الامتداد الجغرافي
ونبه البدوي إلى أن المسلحين يتوزعون في المدينة على مجموعات تضم كل واحدة منها تقريباً 15 مسلحاً يقودها شخص يكون هو أمير المجموعة.
وأضاف أن "أحد المسلحين -وهو يمني الجنسية- قال عقب إلقائه خطبة الجمعة الماضية في جامع عبد الله عزام وسط زنجبار إنهم (مسلحو أنصار الشريعة) يريدون الامتداد على الوطن العربي للقضاء على المشركين" وأنهم "سيُصلون الجمعة القادمة في مدينة عدن".
فزاعة للنظام
وكان الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية باليمن نبيل البكيري اعتبر في تصريح سابق للجزيرة نت أن "الجماعات المسلحة في أبين هي جماعات صنعها النظام بهدف استغلالها فزاعة في وجه الغرب وأميركا لتقديمها وقت الحاجة على أنها قاعدة اليمن".
وأشار إلى أن النظام ظل يمد تلك الجماعات بكل أشكال الدعم والرعاية على مدى السنوات العشر الماضية, لكنه لم يعد يستطيع تلبية طلبات هذه الجماعات بعد اتساعها وتمددها، وبحكم أزمته الحالية وتفككه.