شهدت ساحة التحرير في العاصمة العراقية بغداد ظهر اليوم الجمعة اشتباكا بين مؤيدي الحكومة والمعارضين الذين طالبوا بإسقاط حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي وإخراج القوات الأميركية من العراق، في حين تستمر محاولات
احتواء الصراع السياسي بين "التحالف الوطني" بزعامة المالكي وقائمة "العراقية" بزعامة إياد علاوي.
وقال مراسل الجزيرة في بغداد ياسر أبو هلالة إن مظاهرتين اشتبكتا اليوم في ساحة التحرير بوسط بغداد دون أنباء عن وقوع إصابات كما حدث في الجمعة الماضية، وإن قوات الأمن أعادت السيطرة على المكان وفتحت نقاط العبور في الشوارع المؤدية إلى الساحة بعد انفضاض المتظاهرين.
وطالب منظمو مظاهرات "نصب الحرية" بإسقاط الحكومة "القائمة على نظام المحاصّة الطائفية"، كما دعوا إلى إقامة نظام ديمقراطي حرّ على أساس المواطنة ومحاربة الفساد.
وفي المقابل، تجمع المئات من مؤيدي حكومة المالكي، وهم يرفعون شعارات تؤكد أن الحكومة الحالية تمثل الشعب العراقي، وحدثت اشتباكات طفيفة بين الطرفين دون وقوع إصابات.
وقال مراسل الجزيرة إن المعارضة تنتقد "القبضة الأمنية القاسية" وقمع المتظاهرين والتحكم الأمني بالعاصمة، مما يمنع الكثيرين من النزول إلى الشوارع والتعبير عن آرائهم، وهو ما يفسر حسب قولهم اقتصار الحراك في ساحة التحرير على المئات فقط من المحتجين.
وأضاف أن أنصار الحكومة ينعتون هذه الاحتجاجات بأنها وهمية، وبأنها لا توجد إلا في العالم الافتراضي ومواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت، لكن المعارضين يراهنون منذ أشهر على الاستمرارية والنزول إلى الشوارع كل جمعة مع الحفاظ على سلمية احتجاجاتهم.
صراع سياسي
وفي سياق متصل، أعلن الزعيم الشيعي مقتدى الصدر عن مبادرة لتضييق دائرة الخلاف بين المالكي وعلاوي، كما طالب الرئيس العراقي جلال الطالباني بإنهاء "حالة الخلافات السياسية وتوجيه دعوة إلى جميع الأطراف السياسية لإنهاء الحملات الإعلامية".
وطالبت القائمة العراقية أمس الخميس بإشراكها في القرار السياسي بالعراق، في حين قال نائب الرئيس العراقي وعضو القائمة طارق الهاشمي إن استحواذ المالكي على المناصب الأمنية يجعله المسؤول عن اتخاذ قرار بقاء القوات الأميركية في العراق بعد 2011.
وكان التحالف الكردستاني -الذي يضم حزبين يعدان أكبر الأحزاب الكردية- قد أعلن عدم رفضه بقاء القوات الأميركية في العراق لمرحلة مقبلة بذريعة حاجة العراق إلى "دعم القوات الأميركية في محاربة الإرهاب".
وفي المقابل، يرفض التيار الصدري -وهو أكبر المكونات السياسية في التحالف الوطني- أي تمديد لبقاء القوات الأميركية في البلاد، وتتأرجح مواقف الكتل السياسية الأخرى بين التأييد والرفض.
وكان رئيس الحكومة المالكي قد أسند قرار الحسم إلى اجتماع يعقد لقادة الكتل السياسية بعد عرض شامل لمستويات جاهزية القوات العراقية من جميع تشكيلاتها، ويفترض أن تبدأ القوات الأميركية انسحابها في النصف الثاني من العام الحالي على أن يبلغ ذروته نهاية العام في إطار الاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين عام 2008.
وفي أثناء ترقب هذا الاجتماع، اندلعت معارك إعلامية بين التحالف الوطني وقائمة العراقية، وعادت إلى الواجهة الصراعات التي بدأت عقب فوز العراقية بالانتخابات البرلمانية في آذار/ مارس من العام الماضي، مما دفع دولة القانون بزعامة المالكي إلى استقطاب التحالف الكردستاني والمجلس الأعلى الإسلامي لتشكيل أغلبية برلمانية وإعادة تشكيل الحكومة الحالية.