نشر الجيش السوري الخميس دباباته في مدن جديدة في شمال غرب البلاد حيث يشن عملية عسكرية واسعة النطاق لقمع المحتجين، بينما اطلق المجتمع الدولي دعوات جديدة الى دمشق لوقف القمع،
وذلك عشية تظاهرات جديدة دعت اليها المعارضة.
وقال رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس الخميس ان "عشرات الدبابات والمدرعات وناقلات الجند وحافلات تقل جنودا وعناصر من مكافحة الارهاب انتشرت على مداخل مدينة خان شيخون التابعة لمحافظة ادلب (شمال غرب) والقريبة من حماة (وسط)".
واضاف انه "تم انزال عدد كبير من الجنود الذين ما لبثوا ان دخلوا المدينة"، مشيرا الى ان "ذلك ياتي في اطار استمرار الحملة الامنية والعسكرية التي بدات في ريف ادلب"، ومؤكدا ان "الجيش طوق المدينة من ثلاثة محور في الشرق والجنوب والشمال".
وذكر "ان عملية نزوح الاهالي بدات من المدينة باتجاه الغرب نحو سهل الغاب".
ولفت عبد الرحمن الى ان "القوات السورية قامت بقطع الطريق الدولي المؤدي من حلب (شمال) الى دمشق وذلك بدءا من مدينة سراقب (ريف ادلب)".
ويشن الجيش منذ الجمعة عملية واسعة النطاق في محافظة ادلب على مقربة من الحدود التركية. وقد سيطر الاحد على جسر الشغور التي تضم خمسين الف نسمة بهدف وقف حركة الاحتجاج غير المسبوقة ضد النظام السوري برئاسة بشار الاسد.
ومساء الخميس اوضح عبد الرحمن ان ما بين 30 و40 مدرعة انتشرت في معرة النعمان على الطريق السريع الذي يربط بين دمشق وحلب، مشيرا الى ان القسم الاكبر من هذه الدبابات منتشر غرب الاوتوستراد، وان لا انتشار للدبابات على الطريق الرابط بين خان شيخون التابعة لمحافظة ادلب (شمال غرب) ومعرة النعمان و"لكن كل مفرق قرية عليه دبابة".
وذكر ناشط معارض طلب عدم الكشف عن اسمه ان "اهالي مدينة خان شيخون احرقوا في الخامس من حزيران/يونيو مدرعتين تابعتين للجيش السوري".
من جهتها نقلت وكالة الانباء السورية سانا عن مصدر عسكري مسؤول ان القوات العسكرية تمركزت مساء الخميس "بالقرب من مدينتي خان شيخون ومعرة النعمان لمنع التنظيمات الارهابية المسلحة من قطع الطريق الدولي بين حلب وحماة وضمان سلامة المسافرين وتأمين حركة الانتقال الآمنة للمواطنين".
واضافت سانا ان "اهالي مدينة معرة النعمان استقبلوا رجال القوات المسلحة بالزغاريد ورش الأرز والورود مرحبين بهم لإعادة الأمان والطمأنينة لمدينتهم التي روعها أفراد التنظيمات الإرهابية المسلحة".
وناشد الجيش بحسب سانا "جميع الأهالي الذين تركوا منازلهم إلى المزارع والقرى المجاورة هربا من اجرام التنظيمات الإرهابية العودة إلى بلداتهم ومنازلهم لممارسة حياتهم الطبيعية".
من جهة اخرى افادت مصادر متطابقة على الحدود السورية-التركية ان الجيش السوري هاجم قرى قريبة من مدينة جسر الشغور صباح الخميس متسببا بنزوح العشرات باتجاه الحدود التركية.
وقال السائق ابو نوار (45 عاما) وهو من قرية الشغور القديمة "وصلت دبابات الجيش في السادسة صباحا وتمركز القناصة مصوبين اسلحتهم باتجاه المنطقة. بدأوا باطلاق النار على الجميع"، مؤكدا ان احد اصدقائه اصيب باطلاق النار.
ووصل العشرات من السوريين وبينهم عدد كبير من النساء والاطفال الى الحدود سيرا او في سيارات لينضموا الى آلاف اخرين هربوا من حملة نفذها الجيش السوري في وقت سابق من الاسبوع في مدينة جسر الشغور في شمال غرب سوريا. ويتجمع هؤلاء في الجانب السوري من الحدود.
وقال ناشط سوري يساعد النازحين على الحدود في الجانب السوري لفرانس برس عبر الهاتف ان الجيش هاجم قرية الشغور القديمة وقرية جنودية مساء الاربعاء وصباح الخميس. وتقع القريتان على بعد بضعة كيلومترات من الحدود.
وقال سكان قرية غوفيتشي التركية انهم استيقظوا على اصوات اطلاق نار في الجانب الاخر من الحدود في السادسة صباحا.
وادت اعمال العنف في سوريا الى مقتل 1297 مدنيا و340 من عناصر الامن منذ انطلاق التظاهرات الاحتجاجية منتصف اذار/مارس، وفق مصادر حقوقية.في حين لجأ 8421 سوريا الى تركيا في الاجمال.
وتأتي هذه التطورات فيما جدد ناشطون الدعوة الى التظاهر غدا في يوم "جمعة الشيخ صالح العلي" الذي قاد الثورة السورية الاولى، في حين استمرت التظاهرات المطالبة برحيل الرئيس بشار الاسد.
وقال عبد الرحمن ان "عدة مدن سورية شهدت مساء امس (الاربعاء) تظاهرات ليلية ابرزها في حماة حيث تظاهر عشرات الالاف".
ودانت الولايات المتحدة الخميس "اللجوء الفاضح الى العنف" من جانب السلطات السورية في التعامل مع الاحتجاجات الشعبية، مطالبة بوضع حد فوري له، في حين اعلنت الخارجية الاميركية ان ادارة اوباما تزيد اتصالاتها داخل وخارج سوريا مع معارضين يسعون الى التغيير السياسي في بلدهم.
ونددت واشنطن بالقمع "المقيت" الذي يشنه الاسد بحق المتظاهرين، مشيرة الى انها تسعى مع حلفائها الى عزل النظام السوري في الامم المتحدة.
بدوره دعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الاسد الى "وقف قتل الناس والدخول في حوار شامل واتخاذ تدابير جريئة (...) قبل فوات الاوان".
كما بدأ الاتحاد الاوروبي الخميس التحضير لتشديد عقوباته على سوريا التي قد تستهدف هذه المرة شركات مرتبطة بنظام بشار الاسد واشخاص جدد من محيطه، بحسب ما افادت مصادر دبلوماسية.
من جهتها اعلنت جنوب افريقيا الخميس ان مجلس الامن الدولي يجب ان لا يتسرع في ادانة سوريا ولا ان يدعو الى تغيير النظام في هذا البلد.
من جهتهم وقعت شخصيات اوروبية من العالمين السياسي والثقافي خصوصا عريضة تندد بالعنف الذي يمارسه نظام "يسحق شعبه بنيران دباباته ومروحياته ويحاصر ثم يذبح مدنه الواحد تلو الاخرى ويعذب حتى الاطفال ويحول مواطنيه الى لاجئين ويحاول تقليب الطوائف على بعضها البعض"، وتدعو دول الاتحاد الاوروبي الى العمل من اجل "وقف المجزرة في سوريا".
ويرى محللون ان دور شقيق الرئيس السوري ماهر الاسد (43 عاما)، وهو ضابط في الجيش برتبة عقيد، احد اركان النظام وقائد الحرس الجمهوري، اضافة الى الفرقة الرابعة العالية التدريب والتجهيز يزداد تعاظما منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية بعد الدور الذي اضطلعت بع قواته في قمع التظاهرات.
وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان اتهم ماهر الاسد في مقابلة تلفزيونية بمعاملة المحتجين بطريقة "غير انسانية".
واعلنت موسكو وبكين معارضتهما لاي تدخل اجنبي في الاضطرابات الجارية في الدول العربية، بينما يسعى الغربيون للحصول على دعم البلدين لتشديد الضغوط على سوريا، في بيان صدر الخميس خلال زيارة للرئيس الصيني هو جينتاو لروسيا.
واسفرت عملية قمع المتظاهرين ضد النظام السوري عن مقتل 1200 شخص واعتقال حوالى عشرة الاف اخرين منذ منتصف اذار/مارس، حسب منظمات غير حكومية والامم المتحدة.
كما ادت الى فرار اكثر من 8500 سوري الى تركيا وخمسة الاف اخرين الى لبنان .
وقد اعلن وزير الخارجية التركية احمد داود اوغلو الخميس ان بلاده قررت تقديم مساعدة انسانية لالاف السوريين المحتشدين على خط الحدود السورية التركية.
والتقى داود اوغلو في وقت سابق الخميس حسن تركماني المبعوث الخاص للرئيس السوري الذي استقبله الاربعاء رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بحسب وكالة انباء الاناضول.
وقال داود اوغلو بحسب الوكالة "لقد شرحت لتركماني اننا نريد الازدهار والديموقراطية وحقوق الانسان لتركيا كما لسوريا. نعتبر ان استقرار سوريا مهم جدا".
واضاف الوزير التركي ان المبعوث السوري اكد ان النظام في دمشق مصمم على المضي قدما بالاصلاحات الموعودة "مهما كلف الامر"، مشيرا الى ان وزارته تعمل على وضع جدول زمني لجولة اقليمية لاردوغان في الشرق الاوسط.
واكدت الصحف التركية ان تركيا تنوي في حال اندلاع حرب اهلية في سوريا، اقامة منطقة عسكرية عازلة في الاراضي السورية، وهي معلومة لم تؤكدها وزارة الخارجية التركية.
وفي تطور آخر اعلن رجل الاعمال رامي مخلوف، ابن خال الرئيس الاسد، انه "سيتفرغ للعمل الخيري" وسيخصص ارباح شركاته وبخاصة شركة الاتصالات "سيرياتل" للاعمال الخيرية، وذلك كي لا يكون "عبئا" على النظام.
واضاف مخلوف وهو احدى الشخصيات السورية التي فرض عليها الاتحاد الاوروبي عقوبات شملت منعها من الحصول على تأشيرات وتجميد ارصدة، "لن ادخل في اي مشاريع جديدة يكون لها مكاسب شخصية وساتفرغ للعمل الخيري التنموي والانساني"، مشيرا الى انه اتخذ قراره هذا كي "لا اكون عبئا على سوريا ولا على شعبها ولا على رئيسها بعد اليوم".
من جهة اخرى حصلت وكالة فرانس برس على صور التقطت الاحد يظهر فيها مسلحون، قدمهم صاحب الصور على انهم من الاخوان المسلمين، وهم يحملون السلاح ضد نظام الرئيس بشار الاسد في شمال غرب سوريا، في اول دليل مصور على وجود تمرد مسلح في هذا البلد.
والتقطت هذه الصور بواسطة هاتف ذكي "آي فون" في مرتفعات جسر الشغور حيث كان الجيش يشن في ذلك النهار عملية عسكرية ضخمة لاستعادة المدينة، وهي تظهر متمردين يحرسون نقطة تفتيش. وبحسب صاحب هذه الصور فان المسلحين هم اعضاء في جماعة الاخوان المسلمين. وتظهر الصور مسلحين ببنادق صيد يتحصنون خلف اكياس رمل ويجلسون خلف طاولة على قارعة الطريق.
من جهته اعلن اسقف دمشق للسريان الكاثوليك لوكالة الانباء الكاثوليكية "اس اي ار" الخميس ان سوريا "تتعرض لهجوم لا يصدق من الداخل والخارج في آن معا"، مشيرا الى ان المسيحيين السوريين يتخوفون من وقوع بلدهم "في ايدي المتطرفين".
اخيرا وفي طرابلس كبرى مدن شمال لبنان تظاهر حوالى 400 شخص بينهم اسلاميون ضد مساء الخميس ضد القمع في سوريا، بحسب مراسل فرانس برس.