اتهمت وزيرة الخارجية الأميركية إيران بدعم "الهجمات الوحشية" التي يشنها نظام الرئيس السوري بشار الأسد على المتظاهرين المسالمين في بلاده. وقد دعا رئيس الوزراء التركي الأسد إلى وقف حملة القمع
الدموية ضد المحتجين، والبدء بتطبيق الإصلاحات، في حين قالت فرنسا إنه لن يطرح مشروع قرار يدين دمشق للتصويت قبل ضمان غالبية كافية لتبنيه.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن هيلاري كلينتون قولها إن إيران تدعم أيضا العمليات العسكرية التي ينفذها نظام الأسد في المدن السورية. وأكدت أن واشنطن "تقف إلى جانب المواطنين بمن فيهم مواطنو إيران وسوريا الذين يتطلعون إلى الحرية وممارسة حقوقهم".
وقارنت الوزيرة الأميركية بين صورة فتى سوري يبلغ 13 عاما عذبته وشوهته قوات الأمن السورية، وصورة شابة إيرانية قتلت قبل عامين في الشارع على مرأى من الجميع، مشيرة إلى أن العالم صعق بهذه الصورة.
وشكل اعتقال وتعذيب 15 فتى اتهموا بكتابة شعارات مناهضة للنظام على الجدران في مدينة درعا بجنوب سوريا الشرارة التي أطلقت الحركة الاحتجاجية في منتصف مارس/آذار الماضي. وتحول الفتى حمزة الخطيب الذي "عذب وقتل" حسب ناشطين حقوقيين إلى أحد رموز المقاومة السلمية "لوحشية" النظام.
أما الإيرانية الشابة -التي تحدثت عنها كلينتون- فتدعى ندى آغا سلطان، وقد قتلت بالرصاص في 20 يونيو/حزيران 2009 وباتت رمزا لمعارضة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد.
وجاءت تصريحات كلينتون بعدما جددت الولايات المتحدة على لسان المتحدث باسم البيت الأبيض إدانتها "بقوة" أعمال العنف الأخيرة في سوريا. ودعا جاي كارني القادة السوريين إلى بدء حوار سياسي، وقال "على الرئيس الأسد بدء حوار سياسي، ينبغي أن تكون هناك مرحلة انتقالية، وإن لم يقدها الرئيس الأسد فعليه التنحي".
وسبق الاتهامات الأميركية الأخيرة أن كشفت بريطانيا عن "معلومات ذات مصداقية تشير إلى أن إيران تساعد سوريا على قمع الاحتجاجات هناك، بما في ذلك توفير الخبرة والمعدات" وهو اتهام نفته الجمهورية الإسلامية.
وفي مقابل الاتهامات الأميركية والبريطانية لطهران اتهمت إيران "بعض الأنظمة خاصة أميركا والنظام الصهيوني" بالتدخل في شؤون سوريا. وحذر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمان باراست من أي تدخل عسكري صريح من جانب الغرب وأميركا في سوريا.
واعتبر المتحدث الإيراني ما يحدث في سوريا شأنا داخليا، مشيرا إلى أن الحكومة والشعب السوري ناضجان سياسيا بما يكفي لحسم القضايا التي تخصهما.
تجدر الإشارة إلى أن إيران عبرت عن تأييدها للانتفاضات في معظم العالم العربي، لكنها لم تفعل ذلك مع سوريا.
نصيحة أردوغان
وفي سياق الضغوط الدولية على الرئيس السوري، ذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية أن رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان حث في اتصال هاتفي الأسد على وقف حملة القمع الدموية ضد المتظاهرين ونصحه بالبدء في تطبيق إصلاحات فورية.
وأوضحت الوكالة التركية أن أردوغان -الذي هنأه الأسد في المكالمة الهاتفية بفوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة- أبلغ الرئيس السوري ضرورة "وضع جدول زمني للإصلاحات بالسرعة الممكنة وتطبيقها بسرعة شديدة".
كما أبلغه قلق بلاده الشديد بسبب المظاهرات التي نظمت أمام السفارة التركية في دمشق والقنصلية في حلب بسبب ما وصفه أردوغان بادعاءات لا أساس لها من الصحة روجت لها وسائل إعلام سورية.
وصعد أردوغان الأسبوع الماضي من لهجته واتهم الرئيس السوري بارتكاب "فظاعات" ضد المتظاهرين، فيما فر آلاف السوريين من أعمال العنف إلى تركيا، لكن أنقرة لم تصل انتقاداتها للنظام السوري إلى حد المطالبة بتنحي الأسد.
انقسام دولي
في غضون ذلك لا تزال جهود تقودها فرنسا وبريطانيا وألمانيا والبرتغال لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يدين القمع في سوريا تراوح مكانها في ظل معارضة روسيا والصين ودول أخرى تبني القرار.
وأعلن وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه الثلاثاء أن الدول التي أعدت مشروع القرار بشأن سوريا لن تطرحه على التصويت قبل أن تضمن توفر غالبية كافية لمصلحتها.
وقال أمام البرلمان "لن نجازف بأن نطرح على التصويت مشروع قرار يدين النظام السوري إلا إذا توصلنا إلى غالبية كافية. لدينا اليوم على الأرجح تسعة أصوات في مجلس الأمن، يبقى علينا أن نقنع جنوب أفريقيا والهند والبرازيل، ونعمل على ذلك يوما بعد يوم".
واعتبر الوزير الفرنسي أنه إذا تحركت الأمور من هذا الجانب، وتم تأمين 11 صوتا في المجلس المكون من 15 عضوا "فعلى كل طرف أن يتحمل مسؤوليته، سنطرح مشروع القرار هذا للتصويت وسنرى ما إذا كانت روسيا والصين ستستمران في (موقفهما لجهة استخدام) الفيتو".
وتوعدت موسكو وبكين باستخدام حق النقض (الفيتو) في حال طرح مشروع إدانة النظام السوري على التصويت.