أوبرا وينفرى
::::::::::::::::::
إنها امرأة سمراء..
امرأة عاشت طفولة بائسة، حائرة بين أبوين منفصلين..
وزاد من متاعبها الفقر المدقع التي عاشت فيه سواء مع والدتها أو والدها أو جدتها..
ولم يتركها أقارب أمها الموجودون بالمنزل أو المترددون عليه لحالها، ولكنهم أضافوا إلى بؤسها بؤساً بتحرشهم بها.
إلا
أنها وسط تلك المتاعب العديدة، والصورة القاتمة التي تنذر بحياة فاشلة
لتلك الفتاة، ظهر بصيص من النور.. تمثل في كلمات إشادة كانت بالنسبة لها
نقطة التحول في حياتها!!..
فمن هي هذه المرأة التي استحقت أن نحكي عنها؟ وماذا جرى لها؟
ربما
تكون قد رأيتها من قبل وأنت تتنقل باحثا بين القنوات الفضائية عن مادة
تستحق المشاهدة، فإذا كنت قد صادفت مذيعة أمريكية سمراء تميل للبدانة،
وأمامها تجلس شخصية مشهورة مثل توم كروز أو مايكل جوردون أو بيل كلينتون
فقد تكون قد توقفت لتأمل المشهد وسألت نفسك أو من إلى جوارك:
((من تلك المرأة السمراء التي يسعى المشاهير للظهور في برنامجها؟))
فأجابك صاحبك وهو مندهش من حجم ثقافتك وسعة اطّلاعك:
أوَلا تعرفها؟! إنها "أوبرا وينفري" أشهر وأغنى وأنجح مذيعة في العالم في الوقت الحالي.
ليست من جميلات الشاشة
:::::::::::::::::::::::::::::::::
وسواء
كنت قد رأيت "أوبرا" من قبل أو أنك تتعرف بها لأول مرة وأنت تقرأ هذه
السطور، فأنا أشعر بعلامات الدهشة والاستغراب تظهر على ملامح وجهك، وتمنعك
أن تصدّق أن هذه المرأة بملامحها التي ذكرناها يمكن أن تنجح وتتفوق على بني
جنسها من النساء أصحاب الشعر الذهبي والبشرة البيضاء والقوام الرشيق،
اللاتي تمتلئ بهن القنوات الفضائية الأمريكية والأوروبية.
ولكن إذا
عُرف السبب بطل العجب والاستغراب، والسبب الذي دفع "أوبرا" للوصول لهذه
المكانة الرفيعة كانت اللحظة التي قررت فيها أن تنظر لنفسها نظرة تقدير
واحترام، فالفتاة الصغيرة "أوبرا" نشأت تحت رعاية أب كان كثيرا ما ينتقدها
ويقلل من شأنها وينعتها بأبشع الألفاظ التي تدور حول الغباء والتخلف وسوء
التفكير، وكان يسخر منها كثيرا ويستهزئ بها، ويبشّرها بأنها لن تحقق أي
نجاح علمي، وستجد صعوبة في الحصول على شهادة جامعية، أو جمع مبلغ عشرين ألف
دولار في يوم من الأيام، وهذا وتلك ليست من الأمور شديدة الصعوبة في
المجتمع الأمريكي بل هي من الأمور العادية
ما أجمل كلمات الإشادة
::::::::::::::::::::::::::::::
ومن
قبل المعاملة الجافة للأب، كان انفصاله عن والدتها سببا في الكثير من
المتاعب التي مرت بها، والتي كان أكثرها ألما تعرضها للاعتداء الجنسي على
يد بعض من أقارب والدتها، وهي ما زالت طفلة صغيرة.
وكادت الطفلة أن
تسير مجبرة في طريق الفشل الذي رسمته لها الظروف ووقّع عليه والدها بدون
قصد، لولا الموقف الذي حدث لها واستغلته هي لتغيير مسار حياتها 180 درجة
فما الذي غيّر مسارها؟
بدأت القصة عندما كلّفت إحدى المعلمات تلاميذ
فصلها بأن يقوموا بتلخيص أحد الكتب، وبعد أن قام الطلبة بتنفيذ ما طُلب
منهم قدّموا واجبهم إلى معلمتهم فاطّلعت على الملخصات المقدَّمة واختارت
ملخص التلميذة "أوبرا وينفري" كأفضل ملخّص، ثم قامت بالحدث الذي أثّر في
حياة الطفلة أبلغ تأثير؛ فالمعلمة لم تكتفِ بإعلان تفوقها داخل قاعة
التدريس فقط، إنما قامت بذلك أمام كل طلبة المدرسة ومدرسيها أثناء طابور
الصباح، وطلبت من التلميذة النجيبة أن تتقدم بضع خطوات ليراها الجميع
ويصفقوا لها، ومن يومها وعلى مدى السنوات التالية التي قضتها بالمدرسة كان
أي معلم يلتقي بها ينظر لها في تمعّن ثم يقول:
"ألست أنت "أوبرا وينفري" الفتاة المتفوقة التي صفقنا لها من قبل؟"
ومن هنا بدأت نظرتها لنفسها تختلف، وأصبحت تشعر أنها صاحبة إنجاز يجب أن تحافظ عليه..
لقد استقرت كلمات الإشادة البسيطة في رأسها، وباتت تحاول أن تكون جديرة بتلك المكانة، وبتلقي المزيد من هذه الإشادة.
راحت تناطح الظروف وتتحداها، والغريب أنها نجحت في هزيمة تلك الظروف بالضربة القاضية في كثير من الأحيان.
فبدلا
من أن تتوقف عن إتمام درستها لضيق ذات اليد وهي في التاسعة عشرة من عمرها،
نجحت في العمل كمراسلة لإحدى القنوات الإذاعية المحلية، وحصلت على منحة
دراسية لاستكمال تعليمها الجامعي.
برنامج يحمل اسمها
::::::::::::::::::::::::
وعلى
الرغم من بشرتها السمراء وجسدها الذي لا يميل إلى التناسق، ومع أنها لم
تكن أنهت دراستها الجامعية في ذلك الحين إلا أن قناة تليفزيونية طلبتها
لتنضم إلى فريق العمل بها. فقد نجحت قراءاتها المتعددة أن تمنحها شخصية
مستقلة توحي بالثقة والقوة، وفي نفس الوقت تغطي على كل الجوانب السلبية
الموجودة في مظهرها.
وفي منتصف الثمانينيات ونتيجة لتميزها في مجال التقديم تغير اسم البرنامج الذي كانت تقدّمه ليصبح اسمه "أوبرا وينفري شو".
ولم يكن ذلك الحدث هو نهاية المشوار في حياة هذه المرأة الطموح المدعوّة "أوبرا وينفري"، فقد كان بداية الانطلاق..
فقد واصلت مشوار التميز، ونجحت في أن تكون المذيعة رقم واحد في العالم من حيث التأثير، وعدد المشاهدين، والثروة.
ثروة وشهرة
:::::::::::::::::
ففي
منتصف العِقد الأول من الألفية الجديدة اختيرت لتكون الشخصية الأكثر
تأثيرا في العالم، وأصبح برنامجها يشاهده أكثر من ثلاثين مليون أمريكي
أسبوعيا، فضلا عن إذاعته في أكثر من مائة دولة، وتخطت ثروتها المليار
دولار، لتصبح أول شخص يعمل في مجال الإعلام يصل إلى تلك المكانة الرفيعة،
ويمتلك هذه الثروة الكبيرة؛ لتضرب "أوبرا" المثل للجميع على أن اللون
والشكل وقبلهما الطفولة البائسة ليست عوامل مصيرية في حياة الإنسان.
وكأنها تقول لهم: "هناك لحظة في حياتك يمكنك أن تتحول عندها"
لحظة تمدك بالقوة لتمحو أثر السنوات القاسية..
لحظة تمنحك الطاقة لتكمل المشوار الطويل..
لحظة تستجيب لها فيفتح لك الله الأبواب المغلقة، أو التي تظن أنها كذلك..
أعرف أننا في بيئاتنا نتعرض للكثير من كلمات اللوم والتقريع على الصغيرة والكبيرة، لكننا أيضا بالتأكيد تلقينا بعض كلمات الإشادة..
فلماذا
لا نُخرجها إلى السطح ونتذكرها، ونحاول أن نكون عند حسن ظن أصحابها، فهم
أولى باهتمامنا من الأشخاص الذين يحلو لهم التقليل من شأننا بسبب أو بدون.
فهيا
أيها الصديق تذكّر بعض الكلمات التي شجّعتك أو شكرتك أو هنأتك، وتحرّك
لتعمل المزيد من تلك الأفعال التي تستحق التشجيع والشكر والتهنئة.
بقلم :وحيد مهدى
موقع :بص وطل
:::::::::::::::::::::::::::::::::
~
من أقوالها المشهورة:
أكثر ما تخاف منه ليس قويا، فالقوة تكمن في الخوف ذاته.
ما أنا متأكدة منه هو أن ما تعطيه يعود إليك.
إذا اشتهرت دون أن تعرف نفسك، فسوف تتكفل الشهرة بتكوينك.
لقد تعلمت أنه لا يمكن أن تحصل على كل شيء وتفعل كل شيء في الوقت ذاته.
أكبر مغامرة يمكنك أن تمر بها هي أن تحيا الحياة التي تحلم بها.
أنا متأكدة أن ما نصر عليه هو ما نصبحه