بسم الله الرحمن الرحيم
قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّمَا يَنْصُرُ اللَّهُ هَذِهِ الأُمَّةَ بِضَعِيفِهَا بِدَعْوَتِهِمْ وَصَلاَتِهِمْ وَإِخْلاَصِهِمْ) (رواه النسائي، وصححه الألباني).
-
ولأنه العبادة، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ، ثُمَّ قَرَأَ: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).
- ومن عبادة البدن: الانكسار والاستكانة بين يديه، والتبري من الحول والقوة إلا به، إلى آخر ذلك مما يشتمل عليه الدعاء من أنواع العبادة؛ ولهذا قال الله -تعالى-: (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ) (الفرقان:77)، أي: لولا عبادتكم الشاملة لنوعيها: دعاء العبادة بجميع أنواعها الظاهرة والباطنة والتروك، ودعاء الطلب والمسألة الذي يملأ القلب بالرغبة فيما عند الله -تعالى-، والانكسار بين يديه -عز وجل-.
- ولأن الله -تعالى- سماه صلاة؛ فقال -عز وجل-: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (التوبة:103)، (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ): أي ادع لهم.
- ولأنه طريق إلى الصبر في سبل الله -تعالى-، وصدق اللجأ، وتفويض الأمور إليه، وطريق إلى تلذذ المناجاة، وتقوية اليقين.
- ولأن الله -تعالى- يحب من عبده أن يسأله؛ كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ) (رواه الترمذي، وحسنه الألباني).
- ولأنه سبب إلى دفع البلاء ورفعه؛ قال الله -تعالى- عن زكريا -عليه السلم-: (وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) (مريم:4)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَلاَ يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلاَّ الدُّعَاءُ) (رواه أحمد وابن ماجه، وحسنه الألباني).
- ولأنه وظيفة العمر؛ لأنه العبادة، يعيش به العبد مخلصًا لله فيه، مفتقرًا إليه -سبحانه وتعالى- ملتجأ إليه.
- ولأنه سلاح المؤمن وحصن حصين له، من أعطيه اتصل، ومن ضيعه عزل.
الدعاء لإخوتك من حسن الخلق
وعلى نهج القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة صار الصحابة رضوان الله عليهم، فكان بعضهم يدعو لبعض عن ظهر الغيب بل في جوف الليل، واعتبروا ذلك من حسن الخلق لأنه دليل على صفاء القلب من الغل لإخوانه ومحبته لهم، روى البيهقي في شعب الإيمان أن أم الدرداء قالت: "بات أبو الدرداء ليلة يصلي فجعل يبكي وهو يقول: "اللهم أحسنت خلقي فحسن خلقي" حتى أصبح، فقلت: "يا أبا الدرداء ما كان دعاؤك منذ الليلة إلا في حسن الخلق"، فقال: "يا أم الدرداء إن العبد المسلم يحسن خلقه حتى يدخله حسن الخلق الجنة، ويسوء خلقه حتى يدخله سوء خلقه النار، وإن العبد المسلم ليغفر له وهو نائم". قال: فقلت: "يا أبا الدراء !" قال: "يقوم أخوه في الليل فيتهجد فيدعو الله عز وجل فيستجيب له ويدعو لأخيه فيستجيب له فيه".