تقدم الدكتور محمود أبو زيد وزير الموارد المائية والرى الأسبق بطلب
للدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء، للمساهمة فى إيجاد حل لأزمة دول حوض
النيل.
وقال أبو زيد فى تصريحات لـ"اليوم
السابع": أرغب فى التعاون وإيجاد حل
للأزمة، بما هو متاح لى من خبرة، وأن ننظر للمستقبل ومتطلباته، وإصلاح ما
أفسدناه بأيدينا بدلاً من أن نسترسل فى الماضى، لأن نهر النيل مهم فى
حياتنا جميعاً، والدول العشر يجب أن يسودها التعاون لمصلحة الجميع، وهو
الأمر الذى كان قد اجتمعت عليه دول الحوض.
ونفى أبو زيد ما ذكره الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية
والرى الأسبق بالإضرار بموقف مصر فى الأمن المائى، مؤكداً أن هذا عارٍ
تماماً عن الحقيقة، وأن تناول الأمر بهذه الطريقة يضلل الرأى العام،
بالإضافة إلى الإضرار بموقف المفاوض المصرى أياً كان.
وقال أبو زيد: عندما تولى علام أمور وزارة الموارد المائية والرى،
وبالتحديد فى شهر مارس 2009، أجمع وزراء مياه حوض النيل فى آخر اجتماع لهم
بعنتيبى وبحضورى "على أن الوزراء يفخرون بجهودهم أثناء فترة لقاءاتهم
السابقة (بند 6،3 من محضر اجتماع الوزراء فى 24-25 يونيو 2007)، والتى
انتهت إلى الاتفاق على 43 بنداً من بنود الاتفاقية الإطارية، ولم يتبقَ إلا
بند واحد فقط خاص بالأمن المائى لدول الحوض، وهو البند (14 ب)، حيث يوجد
خلاف بين مصر والسودان وباقى دول الحوض على نص هذا البند.
وقرر الوزراء رفع الأمر لرؤساء الدول لاختيار أحد النصين، وسوف أضع البندين
محل الخلاف أمام الرأى العام باللغة الواردة بالاتفاقية ليحكم بنفسه إن
كانت مصر فى ذلك الوقت قد تنازلت عن حقوقها المائية أم لا.
النص المقدم من مصر والسودان:
(14 B)”Not to adversely affect the water security and current uses and rights of any
other Nile Basin state.”
(14 ب) و"هو ما يعنى عدم المساس بأى تأثير سلبى على الأمن المائى لأية دولة، وعدم المساس بالاستخدامات الحالية، والحقوق المائية".
أما النص المقترح من باقى الدول فهو:
(14 B) “Not to significantly affect the water security of any other Nile Basin state.”
(14 ب) و"هو ما يعنى الالتزام بعدم المساس المؤثر بأمن أية دولة من دول الحوض".
وتسأل أبو زيد إذا كان النص الذى تمسكت به مصر والسودان فيه تنازل عن حقوق
مصر التاريخية، واستخداماتها أم لا، وهذان النصان هما ما أحالتهما الدول
الست إلى المفوضية التى يتم تشكيلها بعد التصديق على الاتفاقية للبت فيها،
وكما هو معروف بأن مصر لم توقع على شىء، وتوقفت المفاوضات.
والسؤال الآن، كيف سارت لقاءات الوزراء والمفاوضات منذ أن تولى السيد
الوزير السابق الأمور، وعقد ثلاثة اجتماعات فى "كنشاسا" والتى تمت فى 22
مايو 2009، والاجتماع الثانى الذى تم فى الإسكندرية فى 27 يوليو 2009،
والاجتماع الثالث الذى تم فى شرم الشيخ فى 13 إبريل 2010.
وقال أبو زيد معروف ما أسباب الخلاف الذى حدث فى هذه الاجتماعات؟ وقد أفصح
عنه كثير من وزراء الحوض، وكل ما يمكن أن أبوح به الآن هو أن الوزير السابق
قد رجع بالمفاوضات إلى نقطة البداية، وتعامل مع الوزراء بطريقة غير لائقة
تحدث عنها الجميع.
إذن لا يوجد تفريط فى حقوق مصر، ولسيادته أن يوضح ما إنجازاته فى هذا المجال منذ أن تولى الوزارة حتى عام 2009، وحتى خروجه عام 2011.
وذكر الدكتور محمود أبو زيد، أن الوزير السابق محمد نصر الدين علام دائماً
ما يتحدث عن أن مبدأ الإخطار المسبق ومبدأ الإجماع، وهما ما لم تتناولهما
الاتفاقية الإطارية، وهنا أود أن أشير إلى بنود بعينها تتناول هذه الأمور،
وهى ضمن الاتفاقية التى وقعت عليها الست دول.
وقال إن (الفقرة الثالثة – البند الخامس) "تعنى الالتزام بعدم إحداث أذى
جسيم لأية دولة من دول الحوض" و(البند الثامن) "تبادل المعلومات بشأن أية
إجراءات تعزم دولة اتخاذها عن طريق المفوضية" و(الفقرة الرابعة) "تلتزم دول
حوض النيل فى بلدانها المختلفة بالاستخدام العادل والمعقول للمياه.
وأن تستخدم هذه الموارد بصورة عالية الكفاءة آخذة فى الاعتبار حماية
الموارد لمصلحة الجميع، ووضعت مقاييس لتحديد العدالة والمعقولية فى توزيع
الحصص.
وكما جاء بالفقرة (الخامسة – البند 1) أن تلتزم دول الحوض فى استخدام المياه فى مناطقها بعدم إحداث أى ضرر جسيم لدول الحوض الأخرى.
أما (الفقرة السابعة – البند 35): "فهذه الاتفاقية الإطارية لا يمكن
تعديلها إلا بالتراضى (الإجماع)، خاصة بالنسبة لمجموعة من البنود الأساسية،
وباقى البنود، يكون التعديل بأغلبية ثلثى الأعضاء ثم يقدم التعديل للدول
للتصديق.
وتساءل أبو زيد: أين إذاً التفريط فى حقوق مصر؟ لقد كانت كل خطوة يتخذها
وفد مصر فى المفاوضات تبلغ لجميع الأجهزة شاملة وزارة الخارجية – المخابرات
العامة – السيد رئيس الوزراء- مكتب السيد الرئيس، بالإضافة إلى العرض على
اللجنة العليا للمياه، إن ما حدث فى خلال فترة مبادرة حوض النيل لم يحدث فى
تاريخ التعاون بين هذه الدول، وقد تناولت المفاوضات جولات يجب أن نتحدث
عنها فى وقت لاحق.
أسئلة عديدة طرحها الوزير الأسبق محمود أبو زيد وتحتاج رد الدكتور محمد نصر
الدين علام وزير الموارد المائية والرى، أين نحن الآن منذ أوائل عام 2009؟
والى أين يجب أن نتجه؟ وكيف يمكن الرجوع لدعم التقارب بين دول الحوض؟ وقال
آمل أن يكون للسيد الوزير السابق آراؤه التى يقدمها الآن للمسئولين لتحريك
الموقف، والرجوع إلى مائدة التفاوض.
كان الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية والرى السابق قد
أرسل مذكرة إبراء ذمة للمجلس العسكرى وللدكتور عصام شرف فجر فيها مفاجأة من
العيار الثقيل باتهامه نظام الرئيس مبارك بالتنازل عن حقوقنا المائية خلال
مفاوضاته مع دول حوض النيل فى يناير 2009.
وكشف علام، أن الوضع المائى حرج جداً فى مصر، وأن مصر فى خطر بسبب تأثير
السدود الإثيوبية الجديدة على منابع النيل، والتى كان معظم المسئولين فى
السابق يصرون على التهوين من حجم خطورتها، ويؤكدون أن كل اتفاقات دول
المنابع لن تؤثر على مصر على الرغم من أنها تقوم على تحديد حصص مائية لها
خصماً من حصتى مصر والسودان.
وأوضح علام خلال لقائه ببرنامج الحقيقة مع وائل الإبراشى، أنه لا يكيل
التهم جزافاً، موضحاً أن مصر لديها اتفاقيات مع جميع دول المنابع للمحافظة
على حصتها التاريخية وعدم إنشاء أى منشأ على النيل بالمنابع إلا بموافقة
الحكومة المصرية، ولهذا سأل رئيس الحكومة السابق د.أحمد نظيف عند توليه
الحقيبة الوزارية لماذا دخلنا فى اتفاقية جديدة، والذى أجابه بأن وزير الرى
الأسبق د. محمود أبو زيد اقترح ذلك بحجة أنها ستزيد من حصة مصر.
وأضاف علام، أن الوزير الأسبق يقصد "محمود أبو زيد" مازال يتفاخر إلى الآن
بأنه صاحب مقترح الدخول فى اتفاقية جديدة مع دول المنابع على الرغم من أن
نص الاتفاقية ليس به أى بند يتيح لمصر زيادة حصتها أو يتحدث عن مشاريع
استقطاب المياه المهدرة فى المنابع، وتنظم الاتفاقية فقط كيفية مشاركة جميع
الدول فى استغلال مياه النيل.
وأشار وزير الرى الأسبق إلى أن المباحثات حول الاتفاقية الجديدة بدأت بلجان
خبراء التفاوض منذ يناير 97 وحتى ديسمبر 2005، أى منذ 9 سنوات عقد خلالها 6
اجتماعات فقط اتفق خلالها الخبراء على كل البنود عدا 3 بنود، هى البند
الخاص بعدم تعارض الاتفاقية مع الاتفاقيات القائمة، وضرورة أن تشمل ما يسمى
الإخطار المسبق وإجراءات تنفيذية له، وإلا سيكون بلا قيمة، والبند الثالث
عدم تغيير أى بند فى الاتفاقية إلا بتوافق الآراء وليس بالأغلبية، وذلك
وفقاً لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للأنهار المشتركة.
وأضاف أن البنود محل الخلاف رفعت لوزراء مياه النيل فى مارس 2006، وعقدوا
أربعة اجتماعات للتفاوض بشأنها وحتى يونيه 2007، وتنازلت مصر خلال هذه
الاجتماعات الأربعة مبدأين، أولهما عدم وجود إجراءات تنفيذية للإخطار
المسبق، والتناقش فى وضعها بعد إعلان المفوضية الجديدة للنيل، وذلك بضغوط
إثيوبية والتى يكون لها الحق وفقاً لذلك فى بناء أية سدود بإخطار لا قيمة
له، وأيضاً تم التنازل عن حق الفيتو الذى تمنحه الاتفاقيات القديمة لمصر،
بل وعلى أن تتم القرارات وفقاً للاتفاقية بالأغلبية وليس بتوافق الآراء.
والأكثر من ذلك والحديث لعلام هو استبدال الاتفاقيات القائمة التى تعطى حصص
مصر والسودان وتحمى حقوقنا المائية بما يسمى بالأمن المائى، ورفضت دول
المنابع الاعتراف بالاتفاقيات القائمة وكذا بحصة مصر وأعلنت ذلك كتابة، وهو
ما دعا إلى رفع النقاط محل الخلاف للرؤساء فى 2008، إلا أنه لم تقف
التنازلت المصرية عند هذا الحد ورغم أنه لم يكن هناك إلا نقطة واحدة مازلنا
نتمسك بها، وهى الأمن المائى وحقوقنا المائية، ففى يناير 2009 خلال جولة
وزير المياه الكونغولى فى دول الحوض فى محاولة لتقريب وجهات النظر اتفق مع
وزير المياه المصرى حينذاك وقبل أن أتولى الوزارة بأسابيع على حذف كلمة
"الحقوق المائية" واستبدالها بالاستخدامات الحالية، وهو ما يعنى التنازل عن
كل الاتفاقيات القائمة ومنها اتفاقية 59 وبند الأمن المائى وحق مصر فى
مشاريع استقطاب الموارد المائية المهدرة لتحقيق الأمن المائى.
وشدد علام على أن هناك مذكرة رفعها الوزير الأسبق بهذا الشأن والتى وفقاً
لها تحدثت إثيوبيا رسميا عن ضرورة ترشيد مصر لاستخدامتها الحالية لتمكينها
من خصم حصة 5 مليارات متر مكعب للتنمية بإثيوبيا، مؤكداً أنه تولى الوزارة
بعدما قدمت مصر كل التنازلت ولم يجد أى كارت للتفاوض عليه ولم يكن هناك إلا
الاستخدامات الحالية ورفضتها أيضاً دول المنابع كما رفضت المبادرة
الرئاسية المصرية السودانية لإعلان مفوضية النيل، وخرجوا علينا هجوماً
جماعياً بإعلان شرم الشيخ وتم فتح باب التوقيع على الاتفاقية بدون مصر
والسودان.
وقال علام، إن هذا السيناريو بمثابة مخطط قديم منذ الخمسينات لإثيوبيا، حيث
قام مكتب استصلاح الأراضى الأمريكى بعمل مخطط لإثيوبيا عام 64 لبناء 33
سداً للتحكم فى مياه روافد نهر النيل بالهضبة الإثيوبية، لافتاً إلى أنه من
الأمور المضحكة عقب توليه الوزارة إرسال وزير الثقافة السابق فاروق حسنى
سى دى له لأعمال بناء سد إثيوبى، وسؤاله حول حقيقة وجوده التى ينكرها وزير
الرى الأسبق أبو زيد، وكانت لأعمال سد تيكيزى على نهر عطبرة والذى يحجز
خلفه 9 مليارات متر مكعب من المياه، والمضحك أن السى دى يوجه نداءات إلى
مصر بعدم الاحتجاج، فيما لم تبدِ مصر أى رد فعل أو احتجاج بشأن بناء السد
وقتها بحجة أن علاقتنا جيدة مع دول حوض النيل ولا يجب أن نسىء لها على حد
قول المسئولين عن الملف بالوزارة.