أثارت مقوله الشيخ الجليل محُمد حسين يعقوب "غزوه الصناديق" جدلاً واسعاً فى كافه وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة.
وأنى أُناشد الجميع بالتروى والهدوء والنظر فى كل ما جاء على لسان
فضيلة الشيخ. فقد قال ما هو أهم بكثير من غزوة الصناديق والاستفتاء
ونتيجته، ذلك حينما ذكر أنه فى السلف الصالح كانوا يقولون بيننا وبينكُم
الجنائز. وأنا أؤيد فضيلته تماما، بل وأدعوكم جميعاً أن تقولوا معى صَدَقَ
السلفيون.
فقد كانوا يحكمون على الرجُل إن مات بجنازتهِ وبعدد من ركض خلفهِ ليودعه
إلى مثواه الأخير، وكنا قد سمعنا من قبل وإن كنا لا نعلم مدى صحة ما سمعناه
إلا إننا نأخُذ به فى كثير ٍمن الأحيان ذلك القول هو، من مات واحتشد خلف
جنازته أكثر من أربعين رجل دخل الجنة (والله أعلم).
والدارج بيننا نحنُ عامة الناس مثَل شائع يقول: (من حبه ربه حبب فيه خلقه)،
وهذا بالطبع لا يظهر بحق إلا عند الموت، فربما تلتفُ الجماهير العريضة حول
شخص لمجرد سطوع نجمه ولمعانه بالسماء فإن أفل تنحوا عنه، وقالوا إنا لا
نُحبُ الآفلين. أما عند الموت فلا مجال للنفاق والمصالح والالتفاف، فثق
تماما عزيزى القارئ أنه لن يمشى خلفك إلا من أحبك. ومن هنا أدعو كل من
السلفيين والإسلاميين سياسيين، مثقفين، وبُسطاء، إخوان، أقباط، متدينين،
مفرطين الجميع أدعو الجميع لتأمُل المشاهد الآتية:
مشهد رحيل الزعيمُ الخالد جمال عبد الناصر، مشهد وداع كوكب الشرق السيدة
أُم كلثوم، مشهد نزيف الدموع لفراق العندليب عبد الحليم حافظ، مشهد وصول
جُثمان الحاضرة الغائبة السندريلا سعاد حسنى، مشهد الجراح التى لم تندمل
بعد لفقدان إمبراطور السينما أحمد ذكى. وحتى لا أُتهم بأنى مُنحازة فقط
للفنانين بالرغم من إنى قد ذكرت فى المقدمة الزعيم جمال عبد الناصر، إلا
إنى سأُذكركم بمشهد أجل وأعظم وربما يكون الأكثر إقناعا ذلك المشهد الذى
كان سبباً أساسى فيما نحن فيه الآن. هو مشهد نهاية المعجزة التى تأبى أن
تتكرر مشهد وداع إمام الدعاة فضيلة الشيخ محُمد متولى الشعراوى الذى كان
رحمةُ الله عليه لا ينتمى لأى تيار ولا يُقحم الدين ويتشدق باسمه لتحقيق
مصالحه وأهدافه الدنيوية الدونية، والأهم من ذلك أنه كان بعلمه وسماحته
ووسطيته منفرداً تماماً بعالم الدعوة الذى مُلئ علينا بعد رحيلهِ بكثيرٍ من
الغث وقليلٍ من الثمين. رحمة الله عليك وعلينا من بعدك.