عبر مسار الأزمة الليبية نقطة تحول منذ بدأت العمليات العسكرية لقوات
التحالف الدولي ضد أهداف عسكرية ليبية مساء السبت التاسع عشر من مارس/
آذار، إذ أوقفت الضربات الجوية تقدم قوات
القذافي لسحق المتمردين.
ويراهن الرئيس الأمريكي باراك أوباما على أن الضغط العسكري على الزعيم
الليبي معمر القذافي والتلويح بتسليح قوات المتمردين سيؤديان لانهيار نظام
حكمه وأنه سيدرك آجلاً أو عاجلاً أن فرص بقائه في الحكم ضئيلة للغاية من
الناحية المنطقية مما سيدفعه للتخلي عن السلطة.
وتتناقض هذه الرؤية من قبل إدارة أوباما لشخصية القذافي باعتباره شخصاً
يحتكم إلى المنطق والعقل مع رؤية الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان الذي
وصف القذافي بأنه "مجنون". فأي الرؤيتين أقرب للصدق؟
أحد المراكز في وكالة الاستخبارات الأمريكية يضطلع بمهمة تحليل شخصيات
زعماء الدول الذين تصنفهم واشنطن على أنهم دكتاتوريون، ويطلق على هذه
العملية "تحليل الشخصية السياسية".
"نرجسية خبيثة"
وبدأ عمل هذا المركز إبان الحرب العالمية الثانية بدراسة شخصية الزعيم
النازي أدولف هتلر. وقد تحدثت بي بي سي لمؤسس المركز جيرولد بوست الأستاذ
بجامعة واشنطن والذي قال: "الكثير من الزعماء الدكتاتوريين الذين درسنا
شخصياتهم على مدى سنين طويلة يتسمون بالنرجسية الخبيثة."
وشرح بوست ما يعنيه "بالنرجسية الخبيثة" قائلاً إنها حالة مرضية لها أربعة
أعراض: أولا، شعور مفرط بالعظمة والتفوق يمنع صاحبه من التعاطف مع الآخرين.
ثانياً، توجه رهابي يدفع إلى لوم الآخرين على أي خطأ يقع ولإنزال أشد
العقاب بهم. ثالثاً: غياب لوازع الضمير وأخيراً، الاستعداد التام لاستخدام
أقصى درجات العنف من أجل تحقيق الأهداف.
وعن معمر القذافي قال جيرولد بوست إن ملامح شخصيته التي تتضح من خلال كلامه
وتصرفاته تتأرجح بين الدهاء ورجاحة العقل من ناحية، والجنون والشطط من
ناحية أخرى، وإنه عندما يتعرض لضغوط شديدة يفقد صلته بالواقع وتصبح تصرفاته
انفعالية وغير متوقعة.
وأعرب بوست عن اعتقاده بأن القذافي يفقد صلته بالواقع في حالتي تحقيق انتصار مهم أو التعرض لخسارة كبيرة.
لن يقبل التخلي عن السلطة
وضرب مثالاً بأن القذافي عندما بدأت قواته تتفوق عسكرياً على المتمردين
واقتربت من بنغازي اتسمت تصريحاته بالحدة والانفعالية وهو ما عكس غروراً
ونشوة عارمتين بقرب سحق المتمردين.
وأضاف أنه عندما يشعر بالخسارة أو يواجه شبح الهزيمة كما حدث في بداية
التمرد وعندما بدأت العمليات العسكرية لقوات التحالف الدولي، فإنه يصور
نفسه على أنه البطل الذي يواجه العالم وحده بجسارة ليس لها مثيل، وهو في
نفس الوقت يصدر ردود فعل بالغة التطرف مثل قوله إنه سيقاتل حتى آخر قطرة من
دمه، وهو كلام يقوله بقناعة كاملة.
وقال بوست إن معمر القذافي ليس بالشخص الذي يمكن أن يقدم على الانتحار ولا يمكن أن يقبل الرحيل من ليبيا ليعيش حياة هانئة في المنفى.
وختم جيرولد بوست حديثه بقوله إن السؤال الذي يدور برأس قادة التحالف
الدولي الآن هو: ما الذي يمكن عمله لتسهيل هروب أعوان القذافي وانضمامهم
للمتمردين لتشتد عزلته وتصل إلى الدرجة التي يصبح فيها عاجزاً عن حكم
ليبيا؟