قوات موالية للزعيم الليبي معمر القذافي تقدمها نحو الشرق بهجوم شنته
بالمدفعية على المعارضة المسلحة أمس وسيطرت على مدينتي راس لانوف،
والبريقة، بعدما كان الثوار قد تقدموا
غربا ووصلوا إلى مشارف سرت مسقط رأس القذافي. وهذا يثبت أن قوات القذافي تتقدم بسرعة كبيرة نحو شرق البلاد حيث معقل المتمردين.
ومنذ مساء الثلاثاء بدأ عديد من سكان أجدابيا بالفرار من المدينة.
وقال مقاتلو المعارضة إن طائرات غربية شنت غارات جوية قرب راس لانوف وفيها مرفأ نفطي.
وتدفقت المئات من السيارات والشاحنات التابعة للمعارضين وعليها مدافع آلية شرقا عبر البريقة أمس في حالة من الارتباك.
وقال مقاتلون إنهم يفرون من قصف صاروخي من قوات القذافي.
ومع تسارع التقهقر سمع مراسل لرويترز أصوات طائرات ثم سلسلة من الانفجارات المدوية قرب رأس لانوف.
وقال مقاتل يدعى أحمد عائدا من راس لانوف "جاءت طائرات فرنسية وقصفت قوات القذافي".
من ناحيته، أعلن وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه أمس أنه لم يلاحظ "أي
اعتراض" من قبل الدول العربية المشاركة في اجتماع لجنة الاتصال حول ليبيا
في لندن الثلاثاء على انتقال قيادة العمليات العسكرية إلى الحلف الأطلسي.
وقال جوبيه خلال لقاء صحافي مع نظيره المغربي الطيب الفاسي الفهري "لقد
تحادثت إلى عديد من الوفود العربية مساء، من الأردن والأمارات وقطر ولم أر
أي اعتراض على الانتقال".
ويعتبر وجود عناصر من أجهزة الاستخبارات والقوات الخاصة الغربية لدى الثوار
الليبيين، وهو ما يؤكده الخبراء فيما تنفيه دول الائتلاف الدولي، عنصرا
أساسيا في النزاع الجاري في ليبيا.
وإن كان الائتلاف ينفي رسميا وجود أي من عناصره على الأرض في ليبيا، إلا أن
وسائل الإعلام البريطانية تفيد منذ نهاية شباط (فبراير) عن قيام عناصر من
القوات الخاصة في الجيش البريطاني بمساعدة موظفين غربيين يعملون في كبريات
الشركات النفطية المعزولين في الصحراء على الخروج من ليبيا.
ومنذ ذلك الحين ينفي الائتلاف أي وجود لعناصر استخبارات غربية في صفوف الثوار.
ويرد مسؤولو المديرية العامة للأمن الخارجي (أجهزة الاستخبارات الفرنسية)
على أي سؤال بهذا الصدد بالصيغة المعهودة "لا ندلي بأي تعليق على عملياتنا
سواء الفعلية أو المفترضة".
غير أن خبراء الاستخبارات يشيرون إلى أن وجود عناصر على الأرض في هذا النوع من النزاعات هو "عنصر ثابت في التاريخ العسكري".
ويوضح باسكال لو بوتريما اختصاصي العالم العربي والمحرر في مجلة "ديفانس"
التي يصدرها معهد الدراسات العليا للدفاع الوطني "نظرا إلى الطابع الخلافي
لهذا التدخل والانتقادات التي تصدر عن العالم العربي، فإن نشر قوات من فئة
القوات التقليدية أمر معقد للغاية".
وتابع إنه "يكون أكثر ذكاء التدخل بفرق صغيرة تتحرك بشكل متستر فتقدم
مهارتها العملانية في التدريب والمواكبة والتوجيه التكتيكي الصرف".
ويشير الخبراء إلى تدخل فرق من "خمسة عناصر إلى 12 عنصرا" مجهزة بوسائل
اتصال فائقة التطور مهمتها "تحديد أهداف" للسماح لطائرات الائتلاف بتصويب
ضرباتها.
ويعتقد في هذا السياق أن عناصر متسللين ينشطون ليلا لتحديد قدرات قوات
القذافي على صعيد العدد والمدرعات وتوجيه الثوار وتقديم النصح لهم، أو
تدريبهم على استخدام الأسلحة المضادة للدبابات.
ويبدو هذا الوجود على الأرض ضروريا وخصوصا أن الائتلاف حريص بأي ثمن على
تفادي وقوع خسائر بين المدنيين، ما يفترض أقصى حد ممكن من الدقة في الضربات
الجوية.
وقال باسكال لو بوتريما "كلما ازداد عدد العناصر على الأرض، تراجعت مخاطر ارتكاب خطأ، إذ تكون لدينا معلومات من مصدر بشري".
والواقع أن الائتلاف لم يعلن رسميا منذ بدء الضربات عن أي حادث خطير أوقع
خسائر مدنية، في حين أن معظم "الأخطاء" التي ارتكبها الحلف الأطلسي في
ضرباته في العراق أو أفغانستان وقعت نتيجة عدم وجود مخبرين على الأرض أو
عدم توافر معلومات على مسافة قصيرة عن الهدف. وبالتالي، أي من الفرضيتين هي
الأصح؟ أنه ليس هناك فعلا أي عنصر على الأرض طبقا للرواية الرسمية؟ أم أن
بنغازي هي في الحقيقة وكر جواسيس؟
ويقول اختصاصي في الاستخبارات طلب عدم كشف اسمه في هذا الصدد "يمكن
الافتراض في أوضاع من هذا النوع أن أي جهاز استخبارات جدير بهذا الاسم لا
بد أن يكون له وجود في بنغازي ليرى ما يجري هناك".
ويعد من هذه الأجهزة عملاء وعسكريون من دول الائتلاف (بريطانيا وفرنسا
والولايات المتحدة) إضافة إلى عملاء ألمان وروس وإسرائيليين، مشيرا إلى أن
جميع هذه الدول تملك أجهزة فاعلة للغاية.
ويقول باسكال لو بوتريما "هناك في مطلق الأحوال عناصر كانت متمركزة منذ
سنوات في المنطقة، في غرب إفريقيا وإفريقيا الوسطى ومنطقة المغرب الكبرى
حيث تجري بصورة خاصة مكافحة تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي".