رغم أهمية وكثرة نشاطات هذه الوزارة لم تشهدّ تطورا نوعيا، ولا تحديثا
شاملا لمعظم الأنظمة، ومسؤوليات الوزارة كثيرة، أهمها التموين، ومراقبة
المخزون للمواد الأساسية، والأمن الغذائي، وأسعار
السلع في السلم
والحرب والأزمات ومكافحة الاحتكار، والإغراق، والغش التجاري، والتستر
والتقليد، واقتراح الأنظمة التجارية المحلّية والاتفاقيات والمعارض
الدولية، وشروط رخص ممارسة المهن الحرة والسجلات التجارية لمختلف الأشكال
القانونية، قبل ممارسة النشاط التجاري، وتعديلاتها عند الاقتضاء والحاجة،
وهو الذي يهمني بهذا البحث، وكذلك التفتيش الميداني على المخزون من السلع
والمواد الغذائية، والأسعار، المحلية، والدولية، على ضوء ما يردها من
الملحقين التجاريين في سفارات المملكة في الخارج، مع تحفظي على النشاطين
الأخيرين، تمارس على استحياء!
الاحتكار، والتستر، والبطالة، هي أخطر ثلاثة أمراض تفتك بالعمود الفقري
للنشاطات التجارية، والاقتصاد الوطني، وتحديدا تجارة التجزئة وخدمات
الصيانة بأنواعها، وخدمات النقل والتوزيع للمواد والسلع، ولا أبالغ إذا قلت
إنه منذ ثلث قرن، وهذا القطاع مخطوف مع مدخرات الوطن والمواطنين، وتستنزف
وتنساب ثروة الأمة كالأنهار لجيوب العمالة الوافدة المستقدمة برغبتنا
وإيراداتنا وعمالة غير شرعية تسللّت من دول مختلفة برا وبحرا، وعمالة دخلت
البلاد باسم الحج والعمرة وتخّلفت بقصد ونية مسبقة، ويعمل في جميع النشاطات
والعمال! لضعف وتقادم التشريعات، ناهيك عن غياب المراقبة، وانعدام
التفتيش؛ ما أدى إلى خلل في هذا القطاع واختراقه واستغلاله من أصحاب رؤوس
الأموال الكبيرة على شكل تكتلات واحتكارات، على شكل شركات مساهمة أو شركات
عائلية أو مؤسسات فردية، وأفراد؟!
والفئتان الأخريان: هما الحاضنتان لضعاف النفوس ويتحّملان الجزء الأكبر من
مسؤولية إغراق البلد بالعمال الأجانب وبالتستر والاحتكار، وهما، أي التستر
والاحتكار، إن لم يكونا السبب الوحيد فهما السبب الرئيس! لوجود البطالة
الظاهرة! ناهيك عن البطالة المقنّعة بالأجهزة والمصالح الحكومية، ورغم
سهولة الحصول على السجلات يستخدمون كل الحيل والطرق، المشروعة والملتوية
للحصول على سجلات ورخص خدمية أو تجارية إضافية من جهات ومصالح حكومية أخرى،
وقد تجد عند البعض منهم من خمس إلى 25 رخصة وسجلا في مقر إقامة الرئيس وفي
كل الأحياء، وفي مدن أخرى ليحصل بموجبها على عمالة أجنبية, ويقبض عشرات
المئات شهريا، بينما العامل الأجنبي يقبض عشرات الآلاف شهريا! ويصبح عنصرا
متسترا منذ نجاح تجربته الأولى وبتعدد رخصه ومحاله الصورية يتحول للصفة
الثانية متسّتر أولا، ومحتكر ثانيا! وهو يضيع عمدا مع سبق الإصرار العشرات
من فرص التجارة الحقيقية، والوظائف لتشغيل هذه الوحدات على بني جلدته!
ومرجع ذلك غياب التنظيم، والتقنين؛ فالنظام التجاري في عمر الشيخوخة لم يجدد ليواكب المرحلة!؟
الفئة الثالثة. المهن الحرة: كالمحامين والمستشارين القانونيين، قبل نقلها
لوزارة العدل، والمستشارين، المهندسين، والاقتصاديين والإداريين والمترجمين
والمحاسبين القانونين.. إلخ، وتحولت هذه المهن الحرة المرتبط ترخيصها
بالشخصية المعنويّة ''لذات الشخص''، والتي لا يجوز فيها التفويض والتوكيل،
ولكن بعضهم إن لم يكن كلهم يفتح فروعا عدة في مقر إقامته، وفي مدن أخرى،
ولا أعلم ما إذا كان النظام يجيز له ممارسة فتح فروع من عدمه؟ وفي كل
الأحوال، ليست هذه المهن عن التستر والاحتكار ببعيد! ومسؤوليات أصحاب هذه
المهن إضعاف مسؤوليات المؤسسات الفردية؛ والأفراد؛ لأن أصحاب تلكما الفئتين
من أنصاف المتعلمين والأميين، بينما أصحاب المهن الحرة متعلمون تعليم عالٍ
أو جامعي على الأقل، إلا أنهم يتشابهون ويلتقون معا بالتستر وتجاوز حدود
الرخصة/ المهنة ومرة ثانية وثالثة! هذا مسؤولية وزارة التجارة؟ ولا يجوز
ترك الحبل على الغارب؛ لكل ممارس للصناعة والتجارة، والمهن الحرة، تقصير
الوزارة بشؤون السجل التجاري، وغياب الرقابة والتفتيش، الكلي على المنشآت،
والشركات المساهمة الكبيرة، والمتوسطة، ولوحدات تجارة التجزئة الصغيرة
تجارية كانت أو خدمية أو المهن الحرفيّة، للأسف انتهاء علاقة الوزارة قبل
أن يجف حبر الترخيص والسجل؟ مما سبب الفوضى بالقطاع الخاص، تجارة التجزئة،
والخدمات، مقاولات المباني، مؤسسات الصيانة بأنواعها؛ وبقدر ما يصدر من
سجلات رسمية شكلا، هناك ما يماثلهم أو أكثر يمارسون التجارة دون رخص أو
سجل؟! والبعض لديه سجل قديم لم يجدد، أو آل إليه بالشراء أو بالوراثة، أو
سجل رسمي وبعد حصوله على العمالة من مكتب العمل، يشطب سجلّه تهربا من
الالتزامات لمصلحة الزكاة، وضريبة اللوحات للبلدية، وإيجار موقع، وأجور
ومصاريف تشغيل مكتب.. إلخ؟! ويستمر باستغلال معلومات ملغاة برغبته بسبب
قصور وتقصير وغياب وتعطيل أو عدم فعالية التفتيش والرقابة، ومثل هذه
النشاطات الضخمة في بلد بحجم قارة؛ يحتاج إلى مركز آلي، متطوّر للمعلومات
في الوزارة، ونهايات طرفيه لفروع الوزارة، والذي يفترض أنها تغطي 13 منطقة!
وجيش من المفتشين الثقات الأمناء، أجزم بعجز إدارة السجل التجاري في وزارة
التجارة والصناعة أن تستطيع الوصول إلى عناوين حديثة لمن يحملون سجلات
تجارية، ومهنية، وصناعية على الطبيعة بكبسة زر، وبرنت؟ خاصة قطاع التجارة؛
لأن المعلومات لا تحدث بشكل سنوي، قد يكون قطاع الصناعة، أكثر سهولة؛
لوجودها في المدن الصناعية المنتشرة في مناطق محّددة وواضحة المعالم
بالمدن، وهي إحدى منجزات الوزير غازي القصيبي - رحمه الله - وما قيل عن
وزارة التجارة ينسحب على مصلحة الزكاة، ووزارة ومكاتب العمل!
لذلك، فالمسؤول الأول عن أسباب تفشي ظاهرة الاحتكار وارتفاع الأسعار
والتستر والبطالة؟! هي الرخص، والسجل التجاري والوزارة تحديدا؟ الواجب أن
يكون لهذه الوثيقة شروط صارمة وألا تكون متاحة لكل من هب ودب، وألا يسمح
بتعدد الرخص والسجلات للأفراد إلا بشروط وقيود مشددّة، لنجتث التستر،
والاحتكار، ونضيق الخناق على من استأثروا بالفرص التجارية ومنحوها للأجانب
وتاجروا بالفيز؛ ولا بد من التأكد من قدرات طالب السجل من حيث ملاءته
المالية وقدراته، والتأكد من وجود هذه الوحدة التجارية على الطبيعة، وأن
صاحبها على قيد الحياة وعلى رأس العمل وليس مجرد ورقة سجلّ في ملف في البيت
أو في درج السيارة؟! والمتابعة بالتفتيش المفاجئ والدوري على الطبيعة ست
مرات في السنة على الأقل، وأجزم بأن سجلا تجاريا نظاميا سالما من المخالفات
الشرعية والقانونية مع تفتيش نزيه أمين يدعم توجه القيادة، لتوطين كل
قطاعات، القطاع الخاص، وعلى رأسها قطاع التجارة، باعتباره أكبرها وأوسعها
عددا وطلبا وانتشارا، في المدن والقرى والصحاري والطرق السريعة بين
المحافظات، والمدن، والمناطق، يكفينا إهمالا وتسيبا، وتهاونا، بالضبط
والربط والمراقبة، والتفتيش، سيعم الخير الجميع بتوافر فرص العمل التجاري
والتمويل الحكومي الحسن، والتمويل التجاري الميسّر من البنوك، ويتحولّ
طالبو العمل اليوم إلى رجال تجارة وأصحاب أعمال هم يوظفون بعض طالبي العمل
الأقل حظا حاليا ومستقبلا.
إذا أخذت الوزارة، هذا التحليل ونقد المحب برحابة صدر، وحسن نية لما أطرحه دون أن أفصّل فيه فهي خطوة متقدمه إلى الأمام:
1- تطوير نموذج طلب السجل الحالي، وإيجاد لجنة معاينة لموقع الوحدات
التجارية والتأشير على الطلب بالموافقة أو بتحفظات يكملها صاحب الطلب.
2- ألا يمنح المواطن إلا سجلا رئيسا واحدا وسجلا فرعيا أو أكثر بحد أقصى
مماثل لعدد أبنائه البالغين السن القانوني فقطّ بشرط إدارة السجل الرئيس
والفرع من قبل أبنائه البالغين، وإذا كانوا طلاب ثانوية أو كليات يتعهدون
خطيا بتعيين مواطن بالغ، أو أحد أفراد أسرتهم.
3- إذا تعذّر ذلك يعيّن مواطن لإدارة أي من سجلات الأسرة لأي سبب يعلق لثلاثة أشهر؛ ثم يشطب لئلا يساء استخدامه.
4- يجب أن يتضمن السجل صورة صاحبه أو المدير المعين ويعلّق في مكان بارز
لإطلاع مفتشي إدارة السجل، ومكتب العمل، والبلدية، والصحة والجوازات.
5- أن يُحدث في إدارة السجل التجاري قسم للتفتيش أو يفعّل قسم التفتيش في
الوزارة ويدّعم بألف مفتش جامعي محترف؛ 20 في المائة مفتشات، ومثلهم في
وزارة العمل، وسأتطرق إليها في الجزء الثالث من مقالي، ويوزعون على فروع
الوزارة في المناطق الـ 13؛ على أن يتم اختيارهم بعناية ممن يشهد لهم
بالأمانة والنزاهة ''إن خير من استأجرت القوي الأمين'' جامعيين ويدربون وفق
معايير وأسلوب الدكتور غازي القصيبي - رحمه الله - فقدّ سنَّ سنة حسنة
باختيارهم بعناية فائقة ويؤدون القسم.
6- يقوم التفتيش بممارسة مهامه وكلّما رصد ثلاث مخالفات على المنشأة يحرر
محضر وإنذار أولي، وفي المرة الثانية يوجه له إنذار وغرامة، وفي الثالثة
غرامة وإغلاق النشاط لمده أسبوع؛ وفي المرّة الرابعة شطب أو تعليق السجل
لمدة سنة، وبهذا الأسلوب الصارم نضمن السعودة والتوطين للتجارة، والتوظيف
في القطاع الخاص، وبنسبة 85 في المائة على الأقل حصريا للسعوديين أولا
وثانيا وثالثا.
7- يتم تجديد السجل سنويا وليس كل ثلاث أو خمس سنوات كما هو معمول به سابقا
أو حاليا بواسطة صاحب السجل، وإذا كان هناك ما يمنع حضور صاحب السجل، فأحد
أبنائه بعد إرفاق ما يثبت أنه على قيد الحياة.
8- ألا تقبل إدارة السجل أي نوع من التفويض أو الوكالة ولا مكاتب التعقيب
السيدة، أو رجل أعمال؛ لأنها وسيلة لتمرير أمر ما، أو إخفاء معلومة ما!
9- تطبيق هذه التعليمات والقواعد والمعايير بعد صياغتها وتكييفها شرعيا
وقانونيا على رخص المهن الحرة، وعلى جميع الأنشطة التجارية، والمقاولات،
والخدمية لسيدات ورجال الأعمال.
10- يكون شعار وزارتي التجارة ابتداء، ووزارة العمل ثانيا: ''التجارة والعمل خطوط حمراء، وللسعوديين أولا وآخرا''.