في مفاجأة غير متوقعة أصدرت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار عادل عبدالسلام جمعة وعضوية المستشارين محمد حماد والدكتور أسامة جامع, بحضور المستشارين مصطفي سليمان ومصطفي خاطر, حكمها في قضية مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم المتهم فيها محسن السكري ضابط شرطة سابق, ورجل الأعمال هشام طلعت مصطفي, حيث قضت المحكمة بمعاقبة المتهم الأول بحبس السكري بالسجن المؤبد عما أسند إليه بقرار الاتهام, بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه بالبندين الثاني والثالث حيازة السلاح والذخائر الواردة بأمر الإحالة.
ومعاقبة هشام طلعت مصطفي بالسجن المشدد لمدة15 عاما عما أسند إليه, ومصادرة مبلغ المليوني دولار والسلاح والذخيرة المضبوطة, وإلزام كل متهم بالمصروفات الجنائية.
وفي الدعوي المدنية المقامة من عبدالستار تمام وخليل عبدالستار تميم وثريا إبراهيم الظريف بإحالتها إلي المحكمة المدنية المختصة بلا مصاريف.
وبالنسبة للدعوي المدنية المقامة من كل من عادل رضي معتوق, ورياض كاظم العزاوي بعدم قبولهما أمام هذه المحكمة لسابقة الفصل فيها, بالإحالة إلي المحكمة المدنية المختصة ورفض الدعوي المدنية المقامة من ممدوح تمام حمدالله ضد وزير العدل وإلزامه بمصروفاتها, و100 جنيه أتعاب المحاماة.
وقد سادت حالة من الهرج والمرج وعمت الفوضي قاعة المحكمة عقب نطق رئيس المحكمة المستشار عادل عبدالسلام جمعة بالحكم, وبدا علي المتهمين وجمهور الحاضرين بالجلسة الاندهاش والاستغراب في ضوء عدم استماع المحكمة لمرافعة أعضاء هيئة الدفاع عن المتهمين, وهي المرافعات الختامية التي يعول عليها المتهمون بأنها حجر الزاوية في القضية.
وعقب رفع الجلسة عقب تلاوة الحكم دخلت المحكمة غرفة المداولة بينما اندفع مصورو الفضائيات والصحف تجاه قفص الاتهام لمحاولة التقاط صور للمتهم الثاني هشام طلعت أو محسن السكري, إلا أن قوات الأمن فرضت كردون أمني واسع وأحاطت قفص الاتهام بسياج بشرط من ضباط وأمناء الشرطة, ومنعت أي مصور أو صحفي من الاقتراب من قفص المحكمة, وأسرعت بإخراج المتهمين وترحيلهما لمحبسهما للبدء في تنفيذ العقوبة, وسرعان ما أخلت قوات الأمن القاعة من جمهور الحاضرين.
احتياطات أمنية منذ الصباح
علي غير العادة ومنذ الصباح الباكر فرضت أجهزة الأمن كردون أمني واسع النطاق, وخضع كل من يحمل التصرحيات لقائمة الأمن في عمليات تفتيش دقيقة, ومرور من علي البوابات الإلكترونية, وكان من الواضح أن هناك حالة من الاستنفار الأمني بين كبار الضباط, وأحيطت المحكمة بسياج أمني واسع النطاق قبل بداية الجلسة, ولم يستشعر أي من الموجودين أن هناك شيئا غريبا, وجلسة اليوم محدد لها سماع شهود الإثبات والنفي, كما قررت ذلك المحكمة في جلسة أمس الأول.
بداية الجلسة
في بداية الجلسة وعقب إيداع المتهم الأول محسن السكري القفص حضر هشام طلعت وسط حراسة أمنية مشددة وتم إيداعه القفص, وما هي إلا دقائق ودخلت المحكمة وقدم فريد الديب المحامي عن هشام طلعت مصطفي مذكرة يتنازلون فيها عن سماع جميع الشهود الواردة أسماؤهم بالمذكرة المقدمة من جانبهم بالجلسة السابقة عدا الطبيبة بمصلحة الطب الشرعي الدكتورة هبة العراقي, وشاهد النفي الدكتور عادل محمد كمال المسيري الأستاذ بكلية طب عين شمس, ووكيل نيابة دبي شعيب علي أهلي الذي قام بالتحقيق في القضية, والنقيب أحمد عبدالله من شرطة دبي ورئيس وحدة الكلاب الدوليسية بدبي, والمختصين بتشغيل وتركيب كاميرات المراقبة الأمنية ببرج الرمال(1), حيث تقع شقة المطربة سوزان تميم, وكذلك بفندق الواحة الذي استأجر به السكري غرفة في توقيت مقتل المطربة سوزان تميم.
وقد قام رئيس المحكمة بالتأشير علي المذكرة وإيداعها ملف الدعوي حيث أبدي عاطف المناوي المحامي عن محسن السكري دهشته من عدول هيئة الدفاع عن هشام طلعت عن طلبها بالاستماع إلي باقي الشهود حيث قال المحامي: إنه لا يدري سببا لتغيير هيئة الدفاع عن هشام طلعت بين عشية وضحاها, مؤكدا تمسكه بسماع أقوال جميع الشهود الذين سبق الاتفاق علي سماعهم بالمذكرة المقدمة إلي المحكمة بالجلسة الماضية, وهو الأمر الذي تم تفسيره علي أنه انشقاق بين هيئتي الدفاع بعد اتفاق مستمر طيلة جلسات المحاكمة.
وبعد ذلك نودي علي الشاهدة الدكتورة هبة العراقي التي حضرت وحلفت اليمين وأعادت المحاكمة الاستماع إلي أقوالها, التي أكدت عدم فساد العينات التي تحتوي علي الآثار الوراثية والدماء عند تشمم الكلاب البوليسية لها, مؤكدة أنها اتبعت جميع الخطوات العلمية المقررة في سبيل استخلاص البصمة الوراثية التي انتهت إلي إدانة السكري في قتل سوزان تميم.
وأكدت الدكتورة هبة العراقي: أنا لا أنزل مسرح الجريمة وتأتي العينة ويتم وضعها داخل الأجهزة ما بين4 و10 ساعات حسب نوعية العينة كي يستخلص منها الحامض النووي.
السكري يسأل لأول مرة
وطلب المتهم الأول محسن السكري من رئيس المحكمة توجيه سؤال للشاهدة ولم له رئيس المحكمة:
س: هل وجدت أي آثار بيولوجية علي الملابس الخاصة بي التي تدعي النيابة.. وهنا تدخل رئيس المحكمة تدعي النيابة.. محسن السكري: آسف.. ما وجد علي الملابس..
السؤال: هل هناك آثار بيولوجية تخصني؟
الدكتورة هبة العراقي: أنا تعاملت مع التلوثات الدموية ولم أجد عينة مختلطة, ولم أجد بصمة تخص محسن السكري.
ثم نودي علي الشاهد الدكتور عادل محمد كمال المسيري أستاذ متفرغ بكلية الطب جامعة عين شمس ورئيس مركز البحوث, وبعد حل اليمين أجاب: بالنسبة للبصمة الوراثية وما ورد بها وسندي المراجع العلمية والوثائق المسجلة في هذا الشأن والقضايا المماثلة التي يتم فيها أخذ البصمة الوراثية, هو أن ما جاء بتقرير دبي بشأن البصمة الوراثية يندرج تحت الخطأ العلمي الموثق, التي لا يمكن علميا اتخاذها كدليل يبني عليه نتائج.
ثم حلف اليمين مرة أخري وردا علي سؤال من الدفاع: هل تفسد العينة إذا شمها كلب؟
أجاب بأن هذا ثابت علميا أن العينات يتم تجميعها بواسطة الخبير, ولو تأكد أنه قد تم تلويثها بظاهرة علمية يطلق عليها التلوث وهو انتقال الأثر, فتكون غير صالحة للاستعمال, وقد تلاحظ أن العينات تم تجميعها في كيس بلاستيك مجتمعة وليس ف أكياس ورقية, وهذا خطأ علمي يفسد الدليل البيولوجي وما بني علي خطأ فهو خطأ, فقد أخذت العينة ثم نزل بها إلي مسرح الجريمة ثم صعدت بها مرة أخري وكان من المفروض أخذ العينة إلي المعمل مباشرة.
سؤال من الدفاع: قررت الدكتورة هبة العراقي أنه علميا لا تفسد العينة إذا تشممها الكلب؟
أجاب: العينة تفسد, ودلل علي ذلك بأن هناك جريمة حدثت في أمريكا وكان يوجد جوربين موجود عليهما دم وعرضت علي الخبراء فقرروا أن هذه العينات لا يمكن الأخذ بها كانوا موضوعين في غلاف واحد بلاستيك به أشياء تفسد العينة منها الرطوبة والجفاف.
وبعد نحو نصف ساعة من المناقشات سأل رئيس المحكمة: هل لديك أقوال أخري؟ أجاب: لا.. الدفاع: أي طلبات؟ أجاب: لا.
ورفعت الجلسة للمداولة
أبو شقة يفسر تنازل الدفاع
عن سماع الشهود
وأثناء المداولة حضر الدكتور بهاء الدين أبوشقة إلي الصحفيين وأشار إلي أن قرار التنازل عن معظم الشهود جاء نزولا علي رغبة موكلهم هشام طلعت مصطفي في ضوء ما أشاره عليه أبوشقة بهذا الشأن بأنه منعا للإطالة دون مبرر حيث سبق أن تم الاستماع إلي شهادتهم في المحاكمة الأولي, وسوف يكررون الكلام نفسه, وهو الأمر الذي لن يضيف إلي موقفه شيئا إيجابيا.
قرار الاتهام
كان المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام قد أحال القضية إلي محكمة الجنايات بعد أن نسب إلي محسن السكري أنه ارتكب جناية خارج القطر المصري, وهي جريمة قتل المجني عليها سوزان عبدالستار تميم عمدا مع سبق الإصرار والترصد, وذلك بأن عقد العزم وبيت النية علي قتلها, وقام بمراقبتها ورصد تحركاتها بالعاصمة البريطانية لندن, ثم تتبعها إلي إمارة دبي بدولة الإمارات العربية حيث استقرت هناك.
وأضافت النيابة أن السكري أقام بأحد الفنادق بالقرب من سكن سوزان تميم واشتري سلاحا أبيض سكين أعده لهذا الغرض, ولما أيقن وجودها بشقتها توجه إليها وطرق باب الشقة زاعما أنه مندوب الشركة مالكة العقار الذي تقيم فيه, وذلك لتسليمها هدية وخطاب شكر من الشركة, وإثر ذلك فتحت له باب شقتها وما أن ظهر بها حتي انهال عليها ضربا بالسكين محدثا بها إصابات لشل مقاومتها وقام بذبحها قاطعا الأوعية الدموية الرئيسية والقصبة الهوائية والمريء, مما أودي بحياتها علي النحو الموصوف بتقرير الصفة التشريحية والتحقيقات, وكان ذلك بتحريض من المتهم الثاني هشام طلعت مصطفي مقابل حصوله منه علي مبلغ نقدي مليوني دولار ثمنا لارتكاب تلك الجريمة, كما أن هشام طلعت مصطفي اشترك بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في قتل المجني عليها انتقاما منها, وذلك بأن حرضه واتفق معه علي قتلها واستأجره لذلك مقابل مبلغ مليوني دولار, وساعده بأن أمده بالبيانات الخاصة بها والمبالغ النقدية اللازمة للتخطيط للجريمة وتنفيذها, وسهل له تنقلاته بالحصول علي تأشيرات دخوله بريطانيا ودولة الإمارات العربية المتحدة لتتبع المطربة وقتلها, فتمت الجريمة بناء علي هذا التحريض, وذلك الاتفاق, وتلك المساعدة علي النحو المبين بالتحقيقات.
الطعن علي الحكم أولي الخطوات
وقد أوضح مصدر قضائي أن أولي الخطوات المتبعة في مثل هذه القضايا هو دراسة أسباب الحكم تمهيدا للطعن عليه, وأشار المصدر إلي أنه في حالة قبول الطعن سوف تتم محاكمة المتهم أمام محكمة النقض.
وتباشر محكمة النقض الدعوي بنفسها باعتبارها محكمة موضوع, ويتم الفصل في الدعوي ويكون الحكم نهائي لا طعن عليه بعد ذلك.
وأضاف المصدر أنه لو تم رفض الطعن فيكون الحكم نهائيا واجب النفاذ, مشيرا إلي أن الطعن علي الحكم لا يوقف التنفيذ فسوف يقوم المتهم والدفاع عنه بالطعن علي الحكم أثناء تنفيذ الحكم.
وأكد المصدر أن المتهم يجب أن يستفيد من الطعن, ومن الممكن تأييد الحكم حسبما تري محكمة النقض
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يوم ساخن في ساحات المحاكم المصرية
شهدت المحاكم المصرية أمس ثلاث جلسات ساخنة, غير أن أكثرها سخونة علي وجه الإطلاق جلسة محاكمة رجل الأعمال هشام طلعت مصطفي, وضابط الشرطة السابق محسن السكري في قضية مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم, حيث أصدرت جنايات القاهرة حكما مفاجئا بالسجن المؤبد لمدة25 عاما للسكري, والسجن المشدد15 عاما لهشام طلعت عما هو منسوب إليه من تحريض السكري علي قتل المطربة, وجاء حكم المجنايات بإدانة هشام طلعت والسكري بالسجن المشدد15 عاما للأول, والسجن المؤبد25 عاما للثاني, متضمنا معاقبة السكري بالسجن لمدة3 سنوات إضافية عن تهمة حيازته لسلاح ناري بدون ترخيص, كما أصدرت جنايات القاهرة حكمها في قضية الرشوة بقطاع البترول حيث قضت بمعاقبة عماد الجلدة عضو مجلس الشعب السابق بالسجن المشدد لمدة3 سنوات وتغريمه ألفي جنيه, وعاقبت المحكمة8 متهمين آخرين بأحكام تراوحت ما بين السجن عشر سنوات إلي السجن5 سنوات, وفي الوقت نفسه أجلت محكمة جنح الدقي محاكمة محسن شعلان وكيل أول وزارة الثقافة رئيس قطاع الفنون التشكيلية و10 متهمين آخرين من العاملين بقطاع الفنون التشكيلية ومتحف محمد محمود خليل إلي جلسة الثلاثاء المقبل للاستماع إلي أقوال الشهود في قضية اتهامهم بالمسئولية الإدارية( التقصير والإهمال) عن سرقة لوحة زهرة الخشخاش للفنان الهولندي فان جوخ.