وفى الوقت الذى تكتمت فيه المصادر اسم رئيس التحرير، أكدت أن مفاوضات جرت مع الكاتب الكبير إبراهيم سعدة، رئيس مجلس إدارة وتحرير «أخبار اليوم» السابق، لتولى موقع رئيس مجلس الإدارة فى «الدستور»، بعد أن أفصح السيد البدوى عن رغبته فى ترك إدارة الجريدة هو ورضا إدوارد، الرئيس التنفيذى لمجلس الإدارة.
من جانبهم، أعلن صحفيو جريدة «الدستور» عن الدخول فى اعتصام مفتوح بمقر الجريدة بالجيزة، احتجاجاً على إقالة إبراهيم عيسى، رئيس تحرير الجريدة، وأصدروا بياناً على الموقع الرسمى للجريدة قالوا فيه: «فى خطوة لا يمكن لحسها أو تخطيها، ويمكن اعتبارها نذيراً لما سيحدث فى مصر فى الفترة المقبلة من تربيطات لإعداد الساحة السياسية للمسرحية الهزلية، التى اصطلح على تسميتها بالتوريث، أقدم الدكتور السيد البدوى شحاتة ورضا إدوارد، المُلاك الجدد لجريدة (الدستور)، على إقالة الزميل إبراهيم عيسى الصانع الحقيقى للتجربة الأكثر جدلاً وتأثيراً وانتصاراً للحرية ضد الفساد، من قمة رأسه حتى أخمص قدميه، دون إبداء أى أسباب من أى نوع، ودون إبلاغ عيسى بأسلوب يحترم تاريخه وكونه الأب الروحى لتجربة (الدستور).
وقال خالد السرجانى، مدير عام تحرير الجريدة، إنهم لا يعرفون أى شىء عن مصير الجريدة، ولا عن رئيس التحرير القادم، ولا عن عدد اليوم، إذا صدر، مشيراً إلى أنهم يرون أن ما حدث عربون صداقة بين حزب الوفد والحكومة، من أجل الحصول على مقاعد فى مجلس الشعب.
وفى السياق ذاته، قرر مجلس نقابة الصحفيين برئاسة النقيب مكرم محمد أحمد، عقد اجتماع طارئ بمجلس النقابة اليوم، لمناقشة قرار إقالة عيسى من رئاسة تحرير «الدستور»، وموقف النقابة من الدفاع عن مصالح صحفيى الجريدة.
وأكد نقيب الصحفيين أن مجلس النقابة لم يصله أى شىء رسمى بخصوص الجريدة، أو أسباب إقالة عيسى، مشيراً إلى أنه سيكلف ٢ من أعضاء المجلس بإدارة الأزمة، ولفت إلى أن كل ما يهمه هو الـ١٢٠ صحفياً المتواجدون فى الجريدة، والحفاظ على حقوقهم المالية والأدبية.
وقال جمال فهمى، عضو مجلس النقابة، إن ما حدث سابقة خطيرة فى تاريخ الصحافة، وهو استخدام رأس المال فى التصفية السياسية للصحف، وللحد من الحريات، مؤكداً أنه أصبح على يقين تام أن كل ما يحدث هو أمر مبيت له منذ بداية الصفقة، وأن دور البدوى كان مجرد وسيط للحد من هامش الحرية فى الجريدة.
وانتقدت وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية إقالة السيد البدوى لرئيس تحرير «الدستور»، ووصفت عيسى بـ«منتقد الحكومة الصريح»، معتبرة أن قرار إقالته جزء من حملة لتقييد الحريات الإعلامية فى مصر.
وأكدت الوكالة، فى تقرير لها أمس، أن إقالة عيسى جاءت وسط تنامى الشكوك بشأن مستقبل مصر السياسى، مع اقتراب الانتخابات البرلمانية، ناقلة عن بيان اتحاد الصحفيين فى مصر اتهامهم للحكومة بـ«تضييق الخناق على وسائل الإعلام، التى تنتقد السلطات».
وأوضحت الوكالة أنه منذ شراء رجل الأعمال السيد البدوى، رئيس حزب الوفد، جريدة الدستور، فى أغسطس الماضى، وهناك تكهنات حول رغبته فى إقالة إبراهيم عيسى.
من جانبه، قال إبراهيم عيسى لوكالة «فرانس برس»: «إن مالكى الصحيفة الجديدان، وهما رجلا الأعمال السيد البدوى، الذى يترأس حزب الوفد ورضا إدوارد، أبلغانى فى ساعة متأخرة مساء الاثنين بقرار إقالتى، وأوضحا أن القرار أبلغ رسمياً للمجلس الأعلى للصحافة». وتابع: «أبلغت بقرار الإقالة بعد ساعات من اتصال بينى وبين مالكىالجريدة، طلبا منى فيه منع نشر مقال للبرادعى عن حرب أكتوبر، ولكننى اعترضت على عدم نشر المقال، فطلبا منى تأجيل النشر ليومين، وبعد ساعات فوجئت بقرار الإقالة». وأكدت الوكالة الفرنسية أن قرار الإقالة يأتى فى سياق قيود متتالية على وسائل الإعلام المصرية، مشيرة إلى وقف برنامج «بلدى بالعربى» الذى كان يقدمه عيسى، على قناة «أون تى فى» بسبب انتقاداته لسياسات النظام المصرى وشخصيات مهمة فيه.
فى سياق متصل، انتقدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، قرار الإقالة، معتبرة أنه «خطوة جاءت بشكل أسرع مما هو متوقع»، وقالت فى بيان لها، أمس، إنه كانت هناك مخاوف من محاولة إسكات هذا الصحفى وهذه الجريدة، إلا أنها لم تكن متوقعة بهذه السرعة، وأضاف البيان أنه رغم اعتقاد البعض أن سب الإقالة هو مقال للدكتور البرادعى، المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة المصرية المقبلة، إلا أن ملايين المصريين المهتمين بهذه الجريدة كانوا شبه موقنين أن الدكتور السيد البدوى، مالك الجريدة الجديد ورئيس مجلس الإدارة، سيتخذ هذا القرار المتعسف، وهو ما حدث بالفعل مساء أمس الأول، بعد ساعات قليلة من نقل ملكية الجريدة له بشكل فعلى ورسمى، وأنه أصدر القرار وأرسله للمجلس الأعلى للصحافة دون مراعاة للإجراءات الشكلية والعرف الصحفى بإبلاغ «عيسى» بالقرار.
وذكر البيان أنه مما يؤكد الرغبة فى إسكات «الدستور» قيام تابعى ملاك الجريدة الجدد بنقل أجهزة وأدوات تجهيز الجريدة فجر أمس ودون علم صحفيى «الدستور».
وترجم الصحفيون رفضهم قرار إدارة الجريدة إلى خطوات عملية، أبرزها السيطرة الكاملة على الموقع الإلكترونى للجريدة، ورفعهم اسمى «السيد البدوى ورضا إدوارد» من واجهة الموقع، وأعلنوا أنه سيستمر فى نشر الأخبار بصورة دورية تحت رئاسة تحرير إبراهيم عيسى.
وأكدت مصادر من داخل «الدستور» أن «البدوى» ليست له أى سيطرة على الموقع، لأن جميع كلمات السر «الباس وورد» الخاصة به «تحت يد عيسى»، وأضافت: «هناك الآن نسختان من الدستور، إحداهما ورقية، يملكها السيد البدوى، والثانية إلكترونية، يملكها الصحفيون وإبراهيم عيسى».
وقال خالد السرجانى، مدير تحرير «الدستور»، للصحفيين المعتصمين بمقر الجريدة: «الموقع تحت سيطرتنا وهننشر عليه شغلنا»، وبالفعل بدأ الموقع فى نشر أخبار الاعتصام المفتوح، الذى بدأه الزملاء فى مقر الجريدة، والبيان الذى أصدروه ضد قرار مجلس الإدارة، ومقال الدكتور البرادعى عن حرب أكتوبر، الذى نشر تحت عنوان «المقال الذى أقال إبراهيم عيسى»، بالإضافة إلى خبر الإقالة نفسه. وذكر موقع الجريدة أن صحفيى «الدستور» متواجدون الآن فى مقر الجريدة دون رئيس تحرير بسبب عدم إبلاغهم بأى شىء بعد إقالة عيسى من رئاسة التحرير.
من جانبها، أصدرت حركة شباب ٦ أبريل بياناً بعنوان «لا دستور إلا بإبراهيم عيسى»، قالت فيه: الناشطون بجميع الحركات السياسية أصيبوا بصدمة عنيفة بعد علمهم بقرار السيد البدوى مالك جريدة «الدستور» الجديد، بإقالة عيسى لأن الجريدة تعد منارة صحفية يهتدى بها العديد من الصحف المصرية.