وجدته يميل إلى تعريفه بقانون سرمدى وسمة من سمات الحياة يبدأ من الخلق إلى الموت مستشهدا بـ(لو دامت لغيرك ما وصلت إليك).. لأستنتج من ذلك وما سبق من حديث عن ثقافة التغيير للشيخ الدكتور (سلمان العودة) من خلال متابعتى له على إحدى القنوات طوال شهر رمضان، أن القانون أو الناموس هو التغير الطبيعى الذى تخضع له الكائنات الحيّة بيولوجياً وفسيولوجياً، وكذلك الظواهر الكونية وكلّ ما خلقه الله.. أما التغيير فهو نتاج ثقافة تبدأ بالكمّ لتصل إلى الكيف بالترقى.
لذلك فالتغيير الحقيقى لا يتم بالشعارات والخطابات إنما بصياغة ثقافة جديدة واستراتيجية مستقبلية تتناسب مع متطلات العصر ومتغيراته. وهنا يأتى السؤال عمّن هو الأوْلى بالتغيير أولا: (القمّة) أم (القاعدة)؟. أرى- ومن وجهة نظر الكثير من المفكرين- أن البدء يجب أن يكون من القاعدة، أى المواطن، فهو المركز والعنصر الأساسى للتنمية والثروة الحقيقية، والمسؤول عن إحداث التغيير، على أن يكون بالمشاركة والعمل الجماعى واستثمار الخبرة والمهارة لمواجهة المؤثرات السلبية وريح التغريب العابثة بالمنظومة القيمية التى جعلت ما كان مرفوضا ومستهجنا، فى حكم المباح.
لا ننكر أن التغيير ليس بالعملية السهلة فى مجتمعاتنا الهشّة المتخبطة بين السلطة والقبيلة والحزب، والأبويّة، وعلماء أنظمة جهلاء، هم أشدّ خطرا من العدو، وعشوائية قرارات أفقدتنا التوازن بين ماضٍ وحاضر. ولا يعنى ذلك تبرئة الأنظمة من تعطيل عجلة التغيير الإيجابى بالقمع والاستبداد وزراعة الخوف ومصادرة الفكر وتهميش الدور الريادى للمثقف وإقامة الحواجز بينها وبين الجمهور الذى لا تطّلع على قضاياه إلا من خلال نوافذ مثقفى النفاق المحيطين بها، ليصبح النظام بوادٍ والمواطن بواد، بينما قوة النظام الحقيقية فى محاورة الجمهور ومشاركته فى قيادة عملية التغيير بما لها من سلطة ومال وقدرة على تطبيق القانون لا بالديكتاتورية بل بحزم عادل على المفسد والمسىء، مما تتميّز به الدول الديمقراطية.
إذن ولتغيير حقيقى يجب أن يُدرَّب الفرد على جهاد النفس بتوعية عامة تساهم بها دور العبادة من خلال الخطباء.. وجمعيات النفع العام والمؤسسات الحكومية والخاصة وأهمها الإعلامية بعد تنظيفها من التلوّث والعبث وكذلك المؤسسة التربوية وعودة الهيبة لفئة من مدرسيها ممن أصابتهم حمّى الانفلات الأخلاقى، مما جعل بعض التلاميذ يمثّلون القدوة للمربّى الذى كان هو الأحقّ بتمثيلها.
(التغيير) قادم شئنا أم أبينا، ولكى يتم بإيجابية وهدوء علينا استصلاح تربة ذواتنا أولاً وبذرها بالقيم الإنسانية والدينية وتدريبها على التجرد والنقد الذاتى والتفكير بحريّة، مع احترام وجهة نظر الآخر والالتزام بالقانون والعمل بجديّة على تغيير السلوكيات والعادات المتخلفة لإضفاء الجمال على النفس والمجتمع والأهم استثارة روح الإرادة والأمل لتحقيق حلم التغيير الأمثل، وياحبّذا لو كان بمؤازرة أنظمة مؤتمنة تكون إحدى أهم الوسائل للوصول إلى الهدف.
إليكِ.. مصر الهوى(ج2)
أيا مصر/أيّا نورا /به الأجفان تكتحلُ /وظلّ الله فى الأرضِ /له الأفلاك تبتهلُ/أيا عشقاً ونافلةً/أيا همّا ومعضلةً أيا بدءا ًوخاتمةً /أيا حَكمَاً وحاكمةً /أيا عَتَباً ومَظْلَمَةً/لها الأشواق تَرْتَحِلُ /لها الأشعارُ تُرْتَجلُ/فبشرانا بكم أهــلاً /وبشرانا بكم عِرْقاً/بنبض الُعرب يتّصِلُ/أيا أمّاه معذرةً/إذا ما خاننى حَرْفى/وخان الشعر قافيتى/فكُرْبى كــاد ينفرجُ/وقلبى اليوم مبتهجُ/فها قد زان لى دهــــرى/وذى روحى وقد طَرِبَتْ/وذى الأغصان قد رقصت /وذى الدعوات قد قُبِلَتْ/فكانت ليلة القدرِ/وعُدْتُ يَمامَة جَذْلى/تحلّقُ فى سما البِشْرِ/تُغَرّدُ فى سَما (مصرِ)/فلا خِلٌ يشاغِلنى/ولاصدٌ يُسَهِدُنى/ولا عـذلٌ يؤرّقنُى/فما لى غيرك خِلا/ومالى غيركِ أمّـًا/ وما لى غيركِ سَكنَا/وما لى غيركِ قَبْرا/وما لى غيركِ كفَنَا/وما لى غير أبناءٍ، لكِ/يا قِبْلَتى أهـْلاً.